"خميس أسود" في فرنسا.. ماكرون باختبار الغضب
لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات تتوحد نقابات العمال بفرنسا في "خميس أسود" يضع الحكومة باختبار عصيب شبيه باحتجاجات السترات الصفراء.
"خميس أسود" تشهده فرنسا على خلفية إضرابات ومظاهرات حاشدة بمختلف المناطق الفرنسية وسط تعطيل لحركة النقل وخفض إنتاج الكهرباء وإغلاق مدارس في باريس.
تحركات شعبية ونقابية واسعة تشل البلاد احتجاجا على إصلاح إيمانويل ماكرون لنظام التقاعد، ما يشكل اختبارا سياسيا صعبا لرئيس اختبر وضعا مشابها وسط توترات اقتصادية واجتماعية.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، تظاهر الآلاف، صباح الخميس، في مختلف المدن الفرنسية، قبل أن تنطلق بعد الظهر مسيرة احتجاجية بباريس للتعبير عن رفض رفع السنّ القانونية للتقاعد.
ووفق الأرقام الرسمية الأولية، تظاهر نحو 30 ألف شخص في تولوز (جنوب غرب) و26 ألفا في مارسيليا (جنوب شرق) و15 ألفا في مونبيلييه (جنوب شرق) و14 ألفا في تور (وسط).
غضب بدأ لهيبه يتمدد منذ 10 يناير/كانون الثاني الجاري، حين أعلنت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن بنود تعديل يشمل نظام التقاعد ومن شأنه أن يرفع سن التقاعد إلى 64 عاما بحلول 2030.
ويتضمن التعديل تسريع عملية رفع الحد الأدنى لعدد سنوات المساهمة في صندوق التأمين التقاعدي للحصول على معاش تقاعد كامل، في وقت يعاني فيه معظم الفرنسيين من غلاء المعيشة بسبب التضخم المتسارع خصوصا منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
مشروع تقول الحكومة إنه إصلاحي، فيما ترفضه النقابات العمالية التي توحدت سريعا لمواجهته، مستفيدة من نقمة متنامية لدى الرأي العام.
اختبار سياسي
ارتدادات سريعة للغضب ظهرت في فرنسا، حيث قام العاملون في "شركة كهرباء فرنسا" العامة بخفض إنتاج الكهرباء ليصل إلى ما يعادل ضعف استهلاك باريس من الإنتاج الكهربائي.
أما وسائل النقل فكان الإضراب فيها ملموسا إلى حد كبير، حيث توقفت حركة القطارات بين المناطق، فيما اقتصرت على عدد قليل من القطارات الفائقة السرعة وحرمان قسم كبير من ضواحي باريس من سهولة النقل.
كما طلبت هيئة الطيران المدني من شركات الطيران الخميس إلغاء 20% من رحلاتها من مطار باريس-أورلي بسبب إضراب المراقبين الجويين.
وفي المدارس أيضا لم يكن الوضع أفضل حالا، حيث تحدث "الاتحاد النقابي الموحد" للمدرسين في فرنسا عن إضراب 70% من المدرسين في المدارس الابتدائية، و65% منهم في المدارس المتوسطة والثانوية.
حراك اجتماعي يعتقد مراقبون أنه في حال استمراره فقد يضيق الخناق سياسيا على ماكرون وحزبه، وهو الرئيس الذي يحكم بلا أغلبية في الجمعية الوطنية.
في المقابل، لن يكون من السهل على الرئيس التراجع عن مشروع تعديل يشكل محطة مهمة بالنسبة له في ولايته الرئيسية الثانية، ولذلك يبقي نفسه بعيدا عن المواجهة المباشرة بينما يدفع برئيسة الوزراء إليزابيت بورن للواجهة.
في غضون ذلك، ترفع التيارات من اليسار واليمين وتيرة احتجاجها لتضييق الخناق أكثر على ماكرون الذي يقتصر الدعم الوحيد له على اليمين، التيار الذي يبدو حتى الآن منفتحا على إيجاد تسوية.