فرنسا "أول دولة كبرى" صديقة للبيئة والمناخ.. هل يفي "ماكرون" بوعده؟
في محاولة لجذب الناخبين خلال حملته الانتخابية، وعد إيمانويل ماكرون بإصلاح سياسة المناخ، واليوم وبعد فوزه هل يفي بالوعد ويجتاز التحدي؟
تجديد سياسة فرنسا المناخية
في 16 أبريل/نيسان 2022، وقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام حشد في جنوب فرنسا ووعد بالتعامل مع قضية التغير المناخي بمزيد من الحزم إذا أُعيد انتخابه.
وقبل أسبوع من ذلك، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 10 أبريل/نيسان، أدلى الناخبون الفرنسيون من 3 كتل سياسية، هي: أقصى اليسار، وأقصى اليمين والوسط، بأصواتهم.
وأشار ماكرون إلى أنه يتفهم القلق الذي ينتاب الكثير من الشباب في بلاده، وقال لتجمع انتخابي في مدينة مارسيليا إنه يرى الشباب واليافعين الذين يحرصون على مستقبل كوكب الأرض، حسب ما نشر موقع إنرجي مونيتور في 26 أبريل/نيسان الجاري.
واضطر الرئيس الفرنسي إلى مضاعفة التزاماته بمكافحة التغير المناخي في حين كان يتودد لكسب أصوات الناخبين اليساريين، لكن جهوده قد تبوء بالفشل إذا فشل في الفوز بأغلبية برلمانية في يونيو/حزيران المقبل.
التخلي عن الغاز والنفط والفحم
وقطع ماكرون وعدا جديدا بأن يجعل فرنسا أول دولة كبرى تتخلى عن الغاز والنفط والفحم، من أجل كسب أصوات أولئك الناخبين.
وتُعدّ فرنسا في وضع جيد للقيام بذلك بسبب استخدامها الكبير للطاقة النووية، وهو أمر كان ماكرون ولوبان يتنافسان لإظهار من يدعم أكثر في نقاشهما الأسبوع الماضي.
وعلى الرغم من محاولة المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان التشكيك في ذلك، فإن التزام ماكرون القوي بالطاقة النووية بصفتها مفتاحًا لإزالة الكربون سيستمر خلال مدة ولايته الثانية.
ووعد ماكرون -أيضا- باستثمارات جديدة في تقنيات الطاقة المتجددة، والتجديدات السكنية الموفرة للطاقة وإنتاج الأغذية العضوية، فضلًا عن قيود جديدة على تلوث الهواء والمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
وقال ماكرون إنه سيكلّف رئيس وزرائه -رسميا- بمهمة التخطيط البيئي، وهي الفكرة التي اقترحها المرشح اليساري لوك ميلينشون لأول مرة.
على الرغم من أن نتيجة انتخابات 24 أبريل/نيسان تعني احتفاظ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمقعده في المجلس الأوروبي لرؤساء الوزراء والرؤساء، فإن المستقبل غير واضح لمجلس الاتحاد الأوروبي، وهو الغرفة العليا في الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي.
وتتكون هذه الهيئة من وزراء وطنيين يصوغون ويصوتون على تشريعات الاتحاد الأوروبي. وإذا كان الوزراء الفرنسيون ينتمون إلى ائتلاف يميني معارض لماكرون، فقد يعرقلون العمل المناخي في الاتحاد الأوروبي.
وتُرجح الأصوات في مجلس الاتحاد الأوروبي حسب حجم السكان، ما يجعل التصويت الفرنسي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد ألمانيا.
وسيكون مثل هذا التطور سلبيا بالنسبة إلى حزمة الاتحاد الأوروبي للمناخ والطاقة "لائق لنسبة 55%"، التي تندرج حاليا في العملية التشريعية لتنفيذ الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي.
إذا لم يستطع ماكرون السيطرة على وزراء فرنسا، فقد يكون عاجزا عن منعهم من الشراكة مع حكومات أوروبا الشرقية مثل بولندا والمجر، لنسف تشريعات المناخ في الاتحاد الأوروبي في المجلس.
التخطيط البيئي والانتقال للاقتصاد الأخضر
وانطلاقا من وعد وخطة ماكرون، رئيس الوزراء المقبل سيكون مسؤولا بشكل مباشر عن التخطيط البيئي، مدعوماً بوزيرين للإشراف على الانتقال للاقتصاد الأخضر.
كما وضع ماكرون عناصر رئيسية أخرى من أجل تجاوز تحدي المناخ، وتتمثل في؛ الحفاظ على الطاقة النووية (6 مفاعلات من الجيل الجديد مع إطلاق دراسات لثمانية أخرى)، استثمار كبير في الطاقة المتجددة مع 50 مزرعة رياح في البحر بحلول عام 2050، والمزيد من الشحن بالسكك الحديدية والنهر، معالجة تلوث الهواء، غرس الأشجار. ويريد الرئيس أيضاً تطوير قطاع سيارات كهربائية فرنسي حصرياً.
إذا حصل على أغلبية برلمانية، فمن المحتمل أن يستخدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رصيده السياسي للضغط من أجل المزيد من العمل المناخي على المستوى المحلي وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي.
وسيمثل هذا تغييرا في الوتيرة بعد سنوات من الكلمات الجريئة التي لم يتبعها عمل جريء من فرنسا، بما في ذلك مدة الأشهر الـ6 الحالية لقيادة فرنسا مجلس الاتحاد الأوروبي.
وأشار المسؤول الكبير السابق عن المناخ في الأمم المتحدة ريتشارد كينلي إلى أنه في وقت مبكر من ولايته، دافع ماكرون بقوة عن الأهداف المناخية الأوروبية الطموحة.
وقال كينلي إنه بعد أكثر من 3 أشهر من رئاستها للاتحاد الأوروبي، لم تظهر الحكومة الفرنسية مثل هذه النية.
وأوضح أن باريس أرسلت بدلا من ذلك إشارات تحذير حول جزء آخر من حزمة الاتحاد الأوروبي، وهو اقتراح لوضع المباني والنقل البري في نظام تداول أوروبي متميز للانبعاثات.
وفي الوقت الذي تحاول فيه أوروبا أن تنأى بنفسها عن الغاز والنفط الروسي، فإن الوقت مناسب لدفع كبير نحو مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
وبسبب الرصيد السياسي الجديد والفوز في المجلس التشريعي، سيكون الرئيس الفرنسي ماكرون في وضع فريد لقيادة ذلك الدفع. والسؤال المطروح هو ما إذا كان ماكرون مستعدّا لإنفاق رأس المال السياسي على العمل المناخي.