مؤشرات الحديث الاقتصادي ودلالاته الاجتماعية بفرنسا توضح المسار الانكماشي الذي أضحت تسلكه منحنيات السياسة الاجتماعية.
مما لاشك فيه أن الجميع لاحظ حالة الأسى التي خلفها حريق كنيسة نوتردام بباريس وهو الحادث الذي يجعلنا نتوقف لتذكُّر ملامح التحول الذي أصبح يخترق المجتمع الفرنسي والأوروبي على العموم، كما يدفعنا الأمر إلى طرح أكثر من تساؤل حول أسباب الحادثة ومجرياتها والهدف أو المستفيد منها.
مؤشرات الحديث الاقتصادي ودلالاته الاجتماعية بفرنسا توضح المسار الانكماشي الذي أضحت تسلكه منحنيات السياسة الاجتماعية، والقرائن كثيرة لعل آخرها ما عرفته فرنسا من جدل حول قانون العمل حيث لاحظ الكثير من المتتبعين التحيز أو ميل الكفة إلى جهة مصالح أرباب العمل على حساب العمال، في إشارة إلى تعاظم نفوذ أصحاب المال والأعمال على حساب الطابع الاجتماعي للدولة الفرنسية والذي كرس نموذجا اجتماعيا اعتمد منذ الحرب العالمية الثانية.
هذا وإن مستقبل المشهد الفرنسي الذي أتوقعه، أنه سيتوجه نحو خسارة المجتمع الفرنسي للكثير من الخصائص التي كانت توفرها السياسة الاجتماعية لصالح القوة المالية التي تسعى إلى إعادة رسم المشهد في المجتمع الفرنسي والأوروبي عموما.
لقد كانت حركة السترات الصفراء أول إفرازات التكلفة الاقتصادية للخيارات الفرنسية، والتي تعكس احتجاجات عمق الأزمة في المجتمع الفرنسي الذي أصبح فيه نفوذ رجال المال والأعمال أكبر من تقاليد وأعراف المجتمع والسياسة الفرنسية، وهو الواقع الذي يمكن أن نقرنه بتصاعد أسهم اليمين المتطرف في فرنسا خصوصا وأوروبا على العموم، كتعبير عن حالة السخط الذي تؤسس له المفاهيم المادية القائمة على معدل القيمة السوقية للفرد في المجتمعات الأوروبية والفرنسية على الخصوص. لذلك يمكن القول إن حجم الإنهاك الاقتصادي الذي يعيشه المجتمع الفرنسي أصبح مقلقا بالمستوى الذي يصنعه القلق من تصاعد موجات التطرف في أوروبا.
إن هذا الواقع المتأزم في فرنسا والذي امتد حتى أجراس كنائسها، ورموز مقدساتها، يبين أن المسألة أكبر من إشكالية التحول في السياسة الاجتماعية للدولة، وأن الأمر مرتبط برهانات حركة عالمية تعيد اقتياد العالم إلى الهيمنة عبر تجديد شرعية العلاقات وإعادة ترتيب موازين القوى العالمية، وفق أيديولوجية أكثر انغلاقا وتطرفا.
كما أعتقد أن أوروبا مقبلة على تحولات مفصلية بدأت مع إعلان بريطانيا انسحابها من الاتحاد الأوروبي، والمشروع ماضٍ إما إلى تفكيك وإما إلى إعادة ترتيب بيت الاتحاد بما تفرضه متطلبات القوة من منظور واحد والمحسومة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا وإن مستقبل المشهد الفرنسي الذي أتوقع أنه سيتوجه نحو خسارة المجتمع الفرنسي للكثير من الخصائص التي كانت توفرها السياسة الاجتماعية لصالح القوة المالية التي تسعى إلى إعادة رسم المشهد في المجتمع الفرنسي والأوروبي عموما.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة