سباق الإليزيه.. خلاف حاد حول أوروبا والعولمة في مناظرة المرشحين
مناظرة تاريخية للمرشحين الـ 11 للانتخابات الفرنسية تظهر الهوة الواسعة بين المرشحين حول قضايا العولمة والاقتصاد والإسلام والهوية وأوروبا
وسط أجواء من التردد والشك وفقدان الحماسة غير مسبوقة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، تقابل المرشحون الـ 11 في مناظرة تلفزيونية وُصفت بالتاريخية، مساء الثلاثاء، تركزت على الموقف من العولمة والإسلام والاقتصاد والاتحاد الأوروبي والبطالة والهوية الفرنسية.
وقبل 19 يوما من الانتخابات المقررة 23 إبريل/نيسان الجاري يخيّم على قطاع كبير من الناخبين التردد نظرا لكثرة الفضائح المالية التي تلاحق بعض أبرز المرشحين، والتباين الشديد بين مرشحين آخرين ما بين اليمين المتطرف والوسط والاشتراكيين.
وكتبت صحيفة "ليببيراسيون"، الأربعاء، تعليقا على المناظرة أن المرشحين غير البارزين، وفي طليعتهم مرشح اليسار المتطرف فيليب بوتو "تصدروا الشاشة" بنبرتهم "الانفعالية والمثيرة للبلبلة والصادقة في غالب الأحيان".
وأشارت صحيفة "لو فيجارو" إلى "جلبة يضيع فيها المنطق"، فيما تساءلت "لو باريزيان/أوجوردوي آن فرانس" إن كانت تلك المناظرة "مفيدة حقا".
واختلف المرشحان الأبرزان اللذان تتوقع استطلاعات الرأي فوزهما في الدورة الأولى من الانتخابات، زعيمة اليمين المتطرف، ماري لوبان، والوزير السابق في حكومة الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند، إيمانويل ماكرون، حول مسألة الخروج من اليورو والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي.
ورأى إيمانويل أن خطة لوبان القاضية بتنظيم استفتاء حول التخلي عن العملة الموحدة الأوروبية، ستكون "حربا اقتصادية" تؤدي إلى "انخفاض القدرة الشرائية للفرنسيين".
وطرح نفسه على أنه مرشح "الانتقال الفعلي والعميق للسلطة"، مبديًا استعداده "لاتخاذ تدابير قوية"، ومعربا عن "ثقته" بفرنسا.
أما لوبان، فقدمت نفسها على أنها المرشحة التي تريد "إعادة الصوت للشعب" في بلد "رهينة انعدام الأمن المتفاقم"، ويعاني من "عولمة خارجة عن الضوابط" و"شمولية إسلامية" و"طعنا في قيمه الجوهرية، وحتى في هويته الوطنية".
وبقي مرشح اليمين، فرنسوا فيون، على الحياد بعض الشيء، ولزم موقعا دفاعيا، ولا سيما حين طرحت مسألة إرساء مبادئ أخلاقية في الحياة السياسية.
وقال فيليب بوتو، مهاجما خصمه اليميني بعنف: "كلما نقبنا من ناحية فرنسوا فيون، لمسنا الفساد والغش. إنهم أشخاص يشرحون لنا ضرورة توخي التشدد والصرامة في حين أنهم يسرقون من الخزائن".
وتراجع فيون إلى المرتبة الثالثة بين المرشحين في نوايا الأصوات (17%) بعد كشف فضيحة تتعلق بأنه عيّن عددا من أفراد أسرته في وظائف وهمية، تقاضوا مقابلها مبالغ ضخمة عن غير وجه حق.
غير أنه تبنى لهجة حربية ليعد بـ"هزم الشمولية الإسلامية" و"إنقاذ أوروبا" و"تحرير" الاقتصاد من أجل "ترميم العزة الوطنية والوقوف إلى جانب الفرنسيين الذين يطالبون بالنظام والأمن".
أما ممثل اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون، الرابع من حيث المرشحين الأوفر حظا حسب التوقعات، فركز هجومه على سياسات وزارة المالية وقضايا العمل والعمال.
وكان موضوع أوروبا في صلب النقاشات الأكثر احتداما خلال المناظرة، كاشفا عن انقسامات واضحة بين دعاة تعزيز الوحدة الأوروبية (إيمانويل ماكرون) ودعاة إعادة التفاوض بشأن المعاهدات المبرمة بين فرنسا والاتحاد الأوروبي (جان لوك ميلانشون)، والمطالبين بخروج فرنسا تماما من الاتحاد الأوروبي و/أو الخروج الفوري من اليورو (ماري لوبان)
وفي هذا الشأن، قال المرشح دوبون إينيان: "في أول يوم من انتخابي سألغي الاتفاقية حول العمال الأوروبيين، من غير المقبول أن يأتي عمال أوروبيون ولا يدفعون مستحقات تترتب على الفرنسيين".
وتفاخر ميلنشون، الذي يريد إعادة التفاوض حول هذه الاتفاقية، بأنه صوّت ضدها في البرلمان الأوروبي.
أما مارين لوبان، فقالت: "أنا لا أريد هذه الاتفاقية، حتى لو كانت تحترم القانون، أرى أنها مجحفة بحق العاملين، لأنها تخلق أولوية لعمل الأجانب بالنسبة لرب العمل، كون اليد العاملة الأجنبية أقل كلفة من الفرنسية".
ودعا المرشح فرانسوا أسولينو إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، إذ قال "أنا المرشح الوحيد الذي يطالب بخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي بطريقة قانونية، على غرار ما فعله البريطانيون".
لكن المرشح إيمانويل ماكرون اعترض على ذلك قائلا إن "بقاءنا في أوروبا يحمينا".
وشكلت هذه المناظرة غير المسبوقة قبل الدورة الأولى من انتخابات رئاسية، فرصة للمرشحين غير المعروفين لإسماع صوتهم في حملة شهدت فضائح وتقلبات في المواقف، فيما تتوقع استطلاعات الرأي انتقال مرشحة اليمين المتطرف، لوبان، إلى الدورة الثانية في 7 مايو/أيار.
وتخللت المناقشات التي استمرت 4 ساعات، وأرهقت المشاركين، لحظات من الفوضى، غير أنها أتاحت للمرشحين الذين لا يحظون سوى ببضع نقاط في استطلاعات الرأي، إظهار اختلافهم بتنديدهم بـ"سياسيين فاسدين" و"كبار أرباب العمل".
وتحدث مرشح الوسط، جان لاسال، بتواضع عن أصله الفقير قائلا إنه "ابن راع، وشقيق راع" وإنه هو نفسه كان راعيا، مضيفا نبرة خاصة إلى النقاش.
لكن مع منْح كل من المرشحين الـ11 ربع ساعة للكلام، لم يتمكنوا سوى من ذكر الخطوط العريضة لمشاريعهم الخاصة بفرنسا وأوروبا وما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والوظائف ومكافحة الإرهاب.
وقبل 19 يوما من الانتخابات، تشهد الحملات الانتخابية نشاطا محموما مع إعلان حوالي ثلث الناخبين عزمهم المقاطعة، وهي نسبة قياسية لانتخابات رئاسية تنجح عادة في تعبئة حوالي 80% من الفرنسيين.
aXA6IDMuMTQxLjEyLjIzNiA= جزيرة ام اند امز