الانتخابات الفرنسية.. "استفتاء" على مصير الاتحاد الأوروبي
الفرنسيون سيقررون مستقبل بلدهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسيحددون أيضا مصير حلم "أوروبا موحدة"
في نهاية إبريل/نيسان الجاري وبدايات مايو/أيار المقبل، سيقرر الناخبون الفرنسيون في انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، مستقبل بلدهم الذي يعاني من نسبة بطالة مرتفعة وتهديدات أمن قومي غير مسبوقة وتدفق ثابت للمهاجرين غير مرغوب فيه.
لكنهم سيقررون أيضا مستقبل الاتحاد الأوروبي، تلك المؤسسة المضطربة التي يمكن أن يتم إنقاذها أو تدميرها من قبل البلد ذاته الذي كان في مقدمة مؤسسيها؛ لذا فإن الانتخابات الفرنسية بمثابة استفتاء حاسم على حلم أوروبا موحدة.
وبينما يجتمع الزعماء الأوروبيون في روما لإحياء الذكرى الـ60 على تأسيس الاتحاد الأوروبي، تعرض المشروع الأوروبي في السنوات الأخيرة إلى صفعات هائلة.
الإجراءات التقشفية التي تم سنها في أزمة الديون التي عانت منها أوروبا، قوضت بشكل كبير من سمعة الاتحاد الأوروبي في كثير من دول جنوب أوروبا الأعضاء، علاوة على أزمة الهجرة التاريخية التي تعاني منها حاليا القارة الأوروبية، وأدت إلى تعزيز الأحزاب الشعبوية اليمينية. فضلا عن خروج بريطانيا من الاتحاد الذي جعل احتمال حله حقيقة ملحة.
ووفقا لمحللين وخبراء سياسيين، من المحتمل خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وهذا سيكون أمرا قاتلا وفوريا، على حد قول صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
يشارك في الانتخابات الرئاسية الفرنسية 5 مرشحين؛ 2 منهم يروّجان إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، و2 آخران ينتقدانه بشدة، فيما يدعو مرشح واحد فقط إلى البقاء فيه برغم إقراره أن المؤسسة تحتاج إلى مزيد من الرقابة والمشاركة الديمقراطية.
ووفقا لأحدث استطلاعات الرأي، فإن السباق الرئاسي الفرنسي ينحصر بين ماري لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني، وإيمانويل ماكرون، المرشح المستقل المؤيد لأوروبا، وبالنسبة لكثير من الناخبين الفرنسيين، أصبح الاختيار بين لوبان وماكرون بمثابة اختيار بين فرنسا أو أوروبا، وفقا لواشنطن بوست.
ففي الأصل، كان الاتحاد الأوروبي فكرة فرنسية، حسبما قاله رئيس الوزراء الفرنسي السابق روبرت شومان، حيث دعت في البداية إلى الاندماج بين الصناعات الثقيلة الأوروبية الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد تطوير كتلة الدول الأوروبية، بدأت تنمو بجوهر فرنسي ألماني يدير أوروبا منذ ذلك الحين؛ بمعنى أن القيادة الفرنسية تدير القوة الاقتصادية الألمانية. لذلك سيكون استئصال فرنسا من أوروبا شبيها بالتخلص من نصف قلب، وبالتالي لن تنجو باقي أعضاء الجسم طويلا.
بدون فرنسا، سيكون الاتحاد بدون أسلحة نووية، وسيحرم من مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وسيحرم من أكبر اقتصاديات القارة، وما يتبقى منه هو كتلة تجارية تسيطر عليها ألمانيا، وهو السيناريو الذي أرادت القيادات الأوروبية تجنبه.
في الواقع، رفض الناخبون الفرنسيون أوروبا ذات يوم، ففي عام 2005، رفض 55% منهم تبني الدستور الأوروبي في استفتاء عام. وما إذا كانوا سيقومون بالأمر ذاته في انتخابات الرئاسة لعام 2017، لا يزال قيد التكهنات.