فرنسا الثالثة عالميا بـ2.9 مليون مليونير.. ثروة متنامية تخفي فجوة اجتماعية

ارتفع عدد المليونيرات في فرنسا إلى نحو 2.9 مليون، لتصبح ثالث أغنى دولة عالميًا بعد أمريكا والصين، غير أن هذا الصعود يخفي تحديات اللامساواة واعتمادًا مفرطًا على العقارات.
في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تحتفل بإنجازها الرياضي باحتلالها المركز الخامس في دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024، برز إنجاز آخر هذه المرة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي: بفضل وجود نحو 2.897 مليون مليونير، صعدت فرنسا عام 2024 إلى المرتبة الثالثة عالميا في قائمة الدول التي تضم أكبر عدد من الأثرياء، خلف الولايات المتحدة (23.8 مليون) والصين (6.5 مليون). لكن، هل هذا مدعاة للفخر الاقتصادي، أم مجرد صورة براقة تخفي وراءها واقعا أكثر تعقيدًا من تركّز الثروات وتفاقم الفوارق الاجتماعية؟
منذ أكثر من 16 عامًا، يصدر تقرير "غلوبال ويلث" الذي يُعد بمثابة أشعة سينية تكشف خريطة الثروة العالمية: مستوياتها، توزيعها، واتجاهاتها.
ووفقًا لنسخة 2025، التي نُشرت في يونيو/حزيران، شهدت الثروة العالمية قفزة غير مسبوقة: +4.2% في 2023 و+4.6% في 2024. هذا النمو القوي ساهم في زيادة أعداد المليونيرات حول العالم، وكان لفرنسا نصيب وافر منه، ما رفعها مباشرة إلى المركز الثالث بعد الولايات المتحدة والصين.
لكن التقرير لا يكتفي بالأرقام البراقة، بل يسلط الضوء أيضًا على تعميق فجوة اللامساواة، وعلى هشاشة بعض مصادر الثروة، خاصة مع تركزها في أصول معينة مثل العقارات، وفقًا لصحيفة "كابيتال" الاقتصادية الفرنسية.
ورغم قفزة فرنسا في عدد المليونيرات، يشير التقرير إلى أن الثروة المتوسطة للفرد الفرنسي تبقى أقل بكثير من نظيرتها في الدول المتقدمة. إذ لا يستفيد عدد كبير من الفرنسيين من هذا التراكم، مما يعكس خللًا واضحًا في توزيع الثروات.
ويُحسب تصنيف المليونير بالدولار الأمريكي، وهو ما يعادل حاليًا نحو 870 ألف يورو فقط، كما أن معظم المليونيرات الفرنسيين ينتمون إلى فئة "المليونيرات اليوميين"، أي الذين تتراوح ثرواتهم بين 1 و5 ملايين دولار.
ولعبت الطفرة العقارية خلال العقدين الماضيين دورًا محوريًا في تضخم ثروات العديد من الفرنسيين. فمن اشترى شقة في باريس أو منزلًا على شاطئ الريفييرا قبل 20 أو 30 عامًا، وجد نفسه اليوم في صفوف المليونيرات. كما أن الميراث يمثل رافعة كبيرة لهذا الصعود: وراثة عقار في العاصمة، أو في جزيرة "ري"، أو على شواطئ "الكوت دازور"، قد تكفي وحدها لدخول نادي المليونيرات.
في المقابل، يظل الفرنسيون أقل نجاحًا في بناء ثروات ضخمة عبر ريادة الأعمال، أو من خلال الشركات الناشئة (الـ"يونيكورن") أو المؤسسات المصدرة، مقارنة بنظرائهم في الولايات المتحدة أو حتى في آسيا.
وجود ما يقارب ثلاثة ملايين مليونير في فرنسا يعطي انطباعًا عن قوة اقتصادية وارتفاع في الثروة الخاصة. لكن خلف هذه الصورة تختبئ تحديات كبيرة: تفاقم اللامساواة، اعتماد مفرط على الأصول العقارية، وضعف مساهمة الابتكار في خلق الثروة.
يقول الخبراء إنه إنجاز يحمل في طياته علامات استفهام كبرى: هل نحن أمام قصة نجاح اقتصادي، أم أمام ظاهرة اجتماعية واقتصادية تكشف عن هشاشة النموذج الفرنسي؟
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA== جزيرة ام اند امز