ماكرون وشولتز وجها لوجه.. هل تخمد بولندا «نيران التوتر»؟
فرنسا وألمانيا تسعيان إلى التهدئة بعد حرب كلامية بين الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار أولاف شولتز كشفت عن خلافات عميقة بشأن أوكرانيا.
وأعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن ماكرون سيتوجه إلى برلين الجمعة لحضور قمة ثلاثية تضم ألمانيا وفرنسا وبولندا.
- رئيس وزراء فرنسا إلى ألمانيا.. «طي المسافات» لترميم الخلافات
- اجتماع مغلق بين حكومتي فرنسا وألمانيا بمسقط رأس المستشار
وسيكون الاجتماع هو الأول للرئيس الفرنسي مع أولاف شولتز منذ سجالهما الحاد.
وفي نهاية فبراير/شباط الماضي، انتقد الرئيس الفرنسي ضمناً ألمانيا التي تتردد منذ فترة طويلة في تسليم بعض الأسلحة الثقيلة إلى كييف.
وبعد أيام، دعا ماكرون حلفاءه إلى أن يرقوا إلى "مستوى التاريخ والتحلي بالشجاعة التي يتطلبها ذلك"، وتلقت برلين هذا التصريح بجفاء.
وانتقد المستشار الألماني، من جانبه، ضمنا فرنسا بسبب مساعدتها التي اعتبرتها غير كافية.
وتركت هذه التصريحات التي أظهرت الانزعاج المتبادل بين إيمانويل ماكرون وأولاف شولتز، آثارا، لكن وزراءهما يسعون منذ ذلك الحين إلى التهدئة.
والأربعاء، شاركت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي في باريس.
وسارع نظيرها الفرنسي جيرالد دارمانان إلى الترحيب بـ"هذه العلاقة الفريدة بين فرنسا وألمانيا"، في إشارة بشكل خاص إلى التوافق بين البلدين بشأن الهجرة.
مؤشر؟
ويرى مارك رينغل، مدير المعهد الفرنسي الألماني في لودفيغسبورغ (ألمانيا)، أن هذا اللقاء سيكون بمثابة "إشارة إلى أن الحكومتين الألمانية والفرنسية ترغبان في التوصل لتوافق".
والأسبوع الماضي، قامت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بزيارة إلى باريس للقاء نظيرها ستيفان سيغورنيه، والذي سعى إلى طمأنة الجميع، مؤكداً على عدم وجود "خلاف فرنسي ألماني" وعلى "الرغبة في الحوار".
وقال مصدر في فريق سيغورنيه لوكالة فرانس برس إن "العلاقة ليست مضطربة على المستوى الهيكلي"، لكننا "نعتقد بضرورة إجراء مناقشات علنية أوروبية مع مقاربات مختلفة يتم الكشف عنها".
ويرى إريك أندريه مارتن، من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن "الوزراء يحاولون عدم السماح بهيمنة هذا الانطباع" بوجود وجهات نظر غير قابلة للتسوية.
وأوضح أن البلدين "بذلا جهوداً كبيرة" في نهاية عام 2023 "لإرساء شكل من الانسجام والتقارب بين الزعيمين والحكومتين".
وشدد رينغل على ضرورة عدم اختزال العلاقات الفرنسية الألمانية في شخصيتي ماكرون وشولتز فقط، معتبرا أن "ثمة محيطا كاملا، وبنية حاضرة للتوصل إلى توافق، والأمور بشكل عام تسير على نحو جيد للغاية".
كما دعا إلى أخذ السياق بالاعتبار، إذ أن الحرب في أوكرانيا تضع البلدين "تحت الضغط".
ومع ذلك، أشار إريك أندريه مارتن إلى ضرورة التحدث بنفس الصوت، معتبراً أنه "إذا أرادت أوروبا أن تؤخذ على محمل الجد، فيجب أن تكون موحدة".
وحذر من أن "الإبقاء على الخلاف في أوروبا ومحاولة عزل ألمانيا بشأن مسألة المساعدات لأوكرانيا أمر خطير من الناحية السياسية".
ويأتي التحذير في وقت كشف فيه هذا النزاع عن نقاط الضعف بدول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما حول قدراتها على المستوى الصناعي والعسكري والمالي.
ثغرات عسكرية أوروبية
وأعرب رينغل عن ثقته في قدرة برلين وباريس على إيجاد توافق لأن البلدين يدركان أن "هذه الحرب استراتيجية بالنسبة لأوروبا بأكملها".
ويتعين معرفة ما إذا كان الهدف المشترك المتمثل في مساعدة أوكرانيا على هزيمة روسيا سيكون كافياً للتغلب على الخلافات.
ويرى شولتز أن واشنطن هي الحليف الرئيسي في هذه الحرب، وليس فرنسا أو الشركاء الأوروبيين الآخرين، في حين يدعو ماكرون إلى سياسة دفاعية أوروبية مشتركة.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن "لباريس موقفاً مختلفاً لأنها قوة تتمتع (بسلاح نووي)، وهي قوة ذات جيوش قادرة على الانتشار ولديها خبرة بالحرب".
لكن الطموح الذي أبدته باريس لا يمكن أن يخفي الثغرات العسكرية الأوروبية الكبيرة، ويتعين كذلك على باريس أن تكون حذرة في الرسائل التي تبعث بها إلى واشنطن، مع احتمال عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وحذر أندريه مارتن من أنه "لا ينبغي لنا أن نقدم حججاً للأمريكيين تدفعهم للقول إن الأوروبيين قرروا القيام بذلك بمفردهم"، بينما تتصاعد التوترات مع روسيا.
وعلى الجانب الأمريكي، ثمة "رهان استراتيجي حقيقي وهو أن تظل فرنسا وألمانيا ركيزة مستقرة" داخل حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، بحسب رينغل الذي يعتقد أن ذلك يفسر اهتمام الإعلام الأمريكي بالخلافات الفرنسية الألمانية.