فرنسا وإيطاليا.. "مطب" المهاجرين يعرقل طريق علاقات الحليفين
ما زالت تداعيات الأزمة الفرنسية الإيطالية بشأن أزمة المهاجرين تلقي بظلالها على علاقات البلدين الرئيسين في الاتحاد الأوروبي.
يأتي ذلك فيما دعت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن روما إلى "التشاور والحوار الهادئ" بعد طلب إيطاليا الاعتذار عن "إهانة" رئيسة حكومتها جورجيا ميلوني من قبل وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان.
وقالت بورن للصحفيين "أكرر أن إيطاليا شريك أساسي لفرنسا، وأن علاقتنا تقوم على الاحترام المتبادل، وأننا سنعطي الأولوية للتشاور والحوار الهادئ لمواصلة العمل معا".
دارمانان سبق له أن هاجم ميلوني ووصفها بأنها "عاجزة عن حل مشاكل الهجرة" في بلادها، وهي التصريحات التي رفضتها روما، وألغت زيارة كانت مقررة لوزير خارجيتها أنطونيو تاياني للعاصمة الفرنسية باريس.
من جانبه، اعتبر تاياني أن تصريحات الوزير الفرنسي "إهانة غير مبررة" لميلوني.
وقال تاياني في تصريحات صحفية "إنها إهانة لا مبرر لها ومبتذلة موجهة إلى دولة صديقة وحليفة.. وعندما يسيء شخص ما لشخص آخر بدون مبرر فإن الحد الأدنى هو أن يعتذر".
لم تعلق وزارة الداخلية الفرنسية على طلب الحكومة الإيطالية من الجانب الفرنسي الاعتذار، كما أن ميلوني نفسها تجاهلت التعليق على هذه الأزمة منذ اندلاعها.
وفي محاولة لوقف التصعيد، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية توضيحا قالت فيه إنها "تأمل" في تحديد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي.
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بالإيطالية على تويتر "لقد تحادثت هاتفيا مع زميلي أنطونيو تاياني، وأكدت له أن العلاقة بين إيطاليا وفرنسا تقوم على الاحترام المتبادل".
بدوره، قال تاياني "لقد اتصلت بي كاترين كولونا مرتين لتعبر عن أسفها، كانت ودودة جدا"، معتبرا أن التوضيحات التي قدمتها باريس ما زالت "غير كافية".
تاياني أضاف "إنه هجوم بارد، طعنة في الظهر من عضو بارز في الحكومة الفرنسية.. هناك أمور لا يمكن تجاهلها، ومع ذلك من المؤكد أن بقية أعضاء حكومة (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون لا يفكرون مثل دارمانان".
بداية الأزمة
وتُعد الهجرة موضوعا شديد الحساسية في العلاقات الفرنسية-الإيطالية منذ سنوات.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شهد البلدان زيادة كبيرة في عمليات عبور المهاجرين حين رفضت حكومة ميلوني السماح برسو السفينة الإنسانية التابعة لمنظمة "إس أو إس المتوسط" التي تقل 200 مهاجر، لينتهي الأمر بأن تستقبلها فرنسا في تولون.
وأثارت هذه الحادثة غضب فرنسا التي دعت إلى اجتماع على المستوى الأوروبي لكي لا يتكرر هذا السيناريو غير المسبوق.
منذ ذلك الحين، ازدادت عمليات العبور السرية بالقوارب، مع ظهور ممر بحري جديد بين تونس وإيطاليا التي تعد من أبرز بوابات أوروبا للمهاجرين غير النظاميين.
وتقول وزارة الداخلية الإيطالية إن أكثر من 42 ألف شخص وصلوا إلى إيطاليا هذا العام عبر البحر المتوسط، مقابل نحو 11 ألفا خلال الفترة نفسها من العام 2022.
لكن حوالي نصف هؤلاء يأتون من بلدان ناطقة بالفرنسية (ساحل العاج وغينيا وتونس الكاميرون وبوركينا فاسو ومالي)، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية.
واعتبر مدير المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج ديدييه ليشي أن "هذا هو السبب في أن التوترات بين البلدين قوية".
وحاول الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران تهدئة النفوس، قائلا "ليست هناك رغبة في نبذ إيطاليا".
وأضاف أن "الإيطاليين، يناقشون، يحبون السياسة، لكنهم يتحملون مسؤولية الخيارات التي اتخذوها ويريدون أن نتركهم يتحملون مسؤولية خياراتهم، وهذا أمر جيد لأننا لا نعتزم القيام بأي شيء آخر".
وعلق وزير الخارجية الإيطالي تاياني قائلا إن "الكلمات التي تفوه بها الناطق باسم الحكومة الفرنسية تذهب في اتجاه شخص يدرك أنه ارتكب خطأ فادحا".
وردا على سؤال حول هذا الخلاف على هامش رحلة إلى فلورنسا، أشار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى أن مسألة تدفقات الهجرة "مشكلة شائعة" في دول الاتحاد يجب إدارتها "بأقصى قدر من الوحدة".
وأضاف "أنا متأكد من أنه سيتم التغلب على هذه الصعوبات".
aXA6IDMuMTQ4LjEwNi40OSA= جزيرة ام اند امز