"كورونا" يحاصر الانتخابات البلدية الفرنسية
السلطات الفرنسية أكدت سابقا أنّ "التأجيل ليس مطروحاً على جدول الأعمال"، لافتة إلى تزويد مداخل مراكز الاقتراع بمطهرات وأقنعة الحماية
اتخذت السلطات الفرنسية إجراءات احترازية خلال عملية التصويت في الانتخابات البلدية، التي انطلقت صباح الأحد، لطمأنة الناخبين من مخاطر تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في مراكز الاقتراع.
وبدأت عملية التصويت في الانتخابات البلدية الفرنسية، رغم مطالبات رؤساء بلديات ومرشحين بتأجيلها خوفا من تحول مراكز الاقتراع إلى بؤر تفشي الفيروس.
ونشرت السلطات الفرنسية بيانا حول هذه الإجراءات وتضمنت: تحديد المسافة بين الناخبين داخل صفوف الانتظار، وتعقيم اليدين قبل وبعد التصويت، وعرض بطاقة الهوية الشخصية من مسافة بعيدة دون أن يلمسها الموظف المختص، وتعقيم أطرف وبطاقات الاقتراع وتعقيمها تلقائيا.
وشملت أيضا الإجراءات الاحترازية، استخدام الناخب قلمه الشخصي، ووضع عازل التصويت ناحية الجدار لتجنب إغلاق الستائر، وتعقيم اليدين مرة ثانية بعد التصويت وإجبار الناخبين على غسل أياديهم بعد التصويت.
يتوجه الناخبون الفرنسيون، الأحد، إلى صناديق الاقتراع في الجولة الأولى للانتخابات البلدية، التي تشمل مجالس القرى والبلدات والمدن في جميع أنحاء البلاد.
ويتوقع أن يطغى انتشار فيروس كورونا على عملية التصويت، بعدما أصاب 4500 شخص وأدى إلى وفاة 91 شخصا بالبلاد، حتى السبت.
وأكد رئيس الوزراء إدوارد فيليب للمواطنين أن "الانتخابات يمكن أن تستمر ضمن إجراءات صارمة للنظافة".
ودُعي نحو 48 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في 15 و22 من الشهر الجاري، لانتخاب أكثر من 500 ألف عضو مجلس بلدي سيقع عليهم لاحقاً اختيار رؤساء 34970 بلدية لـ6 سنوات.
وطالب رؤساء 6 أقاليم فرنسية كبرى وهم؛ زافييه برتران عن إقليم (أوت دو فرانس)، وفاليري بيسكار عن إقليم (إل دو فرانس) وكارول ديلجا عن إقليم أوكياتين، ورينو موزيلييه من (باكا) وجيل سيموني (كورسيكا) وهيرففي موران من (نورماندي)، بتأجيل الانتخابات، في أعقاب إجراءات الاحتواء الجديدة التي أعلن عنها رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب.
وقال أحد رؤساء الأقاليم، على حسابه بموقع التدوينات القصيرة "تويتر": "كان من المشروع الحفاظ على الروح الديمقراطية لأمتنا! لكن الليلة، في مواجهة الحقائق، يصبح من المعقول والمتسق بل من الضروري تأجيل الاقتراع".
من جانبه، اعترف وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانر بأنه يخشى رفض المشاركة. كما أقر بأن بعض البلديات وجدت صعوبة في إنشاء مراكز الاقتراع.
وأشار كاستنر إلى أن لرئيس البلدية سلطة الأمر بأعضاء المجالس البلدية فيما يتعلق بإمكانية إدارة عملية الانتخابات، قائلاً: "إذا لوحظ نقص أو أي اضطراب، يمكن للعمدة أن يتحول إلى المحافظ، الذي يمكنه إجبار عدد معين من الأشخاص على إدارة مراكز الاقتراع".
ووفقا لاستطلاع أجراه مركز "إيلاب" لدراسات الرأي العام، فإن 61% من الفرنسيين أعربوا عن قلقهم من انتشار فيروس كورونا خلال عملية التصويت.
وسبق للسلطات الفرنسية أن أكدت أنّ "التأجيل ليس مطروحاً على جدول الأعمال"، لافتة إلى العمل على تزويد مداخل مراكز الاقتراع بمطهرات الأيدي وأقنعة الحماية.
واعتبر مراقبون الانتخابات بمثابة اختبار للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولشعار "لا يمين ولا يسار" الذي قاده إلى سدّة الرئاسة في 2017، وسط استمرار التوتر الاجتماعي منذ نهاية 2018، مع أزمة "السترات الصفر" والإضراب الطويل، احتجاجا على إصلاح الأنظمة التقاعدية والغضب الذي انتشر في المستشفيات والقطاع التعليمي.
وكان ماكرون استبق هذه الفرضية بتقليله من أهميتها، وبالتشديد على الطابع المحلي للاقتراع.
وقال: "لن أعتبر أنّ الناس يصوّتون لمرشح أو آخر لأنّهم يؤيدون الرئيس أو لا"، مبدياً اعتقاده بأنّ ذلك "غير صحيح، ولن أستنتج بصورة تلقائية تبعات ذلك على الصعيد الوطني".
بيد أنّ مارسيال فوكو، مدير مركز دراسات الحياة السياسية الفرنسية، يعتبر أن "هذا الاقتراع سيشكّل مؤشراً ثميناً جداً لمعرفة مدى تغلغل الماكرونية على المستوى المحلي".