المئوية الثانية لوفاته.. نابليون إمبراطور فرنسا والكتب
بعد 200 عام على وفاته، يضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إكليلا من الزهور أمام قبر نابليون بونابرت تحت قبة "ليزانفاليد" في باريس.
قرنان من الزمن انقضيا مذ رحل نابليون، الشخصية المثيرة للجدل بين مدافعين عنه ممن يحتفلون بذكرى مخطط استراتيجي عسكري يقف وراء "الدولة الحديثة"، ومنتقديه الذين يتهمونه بالتسبب في مقتل مئات الآلاف خلال حملاته العسكرية وإعادة العبودية.
إرث يجعل الرؤساء المتعاقبين على فرنسا يمتنعون عن إبداء موقف بشأن نابليون، وذلك منذ أن احتفل جورج بومبيدو عام 1969 بالمئوية الثانية لولادة الإمبراطور.
لكن، ورغم الجدل الذي يشوب مسيرته، فإن هناك إجماعا على أن الرجل الذي خسر إمبراطورية خلف أخرى من نوع مختلف.. إمبراطورية كتب تمحورت حوله في كل مكان وزمان لكتاب سخّروا حبرهم وأفردوا له صفحاتهم، فصدر عنه عدد مذهل من المؤلفات.
مثير للجدل
في 5 مايو/أيار 1821، توفي نابليون عن سن 51 عاما بعيدا عن بلاده في جزيرة سانت هيلينا جنوب المحيط الأطلسي، حيث حيده الإنجليز إلى المنفى بعد هزيمته الأخيرة في ووترلو.
تفاصيل تناقلتها كتب التاريخ الفرنسي، وكتب أخرى منها امتزج فيها الواقع بالأسطورة، عن "شخصية رئيسية في التاريخ كانت دوما موضع جدل"، وفق معهد فرنسا، المؤسسة التي أُنشئت عام 1795 وتضم النخب العلمية والأدبية والفنية في البلاد.
ورغم الجدل وحساسية الموضوع، فإن ماكرون "لا يتوانى" كما يقول قصر الإليزيه، عبر تأكيد رغبته في "النظر في حقيقة" تاريخ فرنسا، سواء كان نابليون أو تواجد فرنسا في الجزائر ورواندا، وهما الملفان الحساسان.
ومن المنتظر أن يلقي الرئيس الفرنسي، في وقت لاحق اليوم الأربعاء، خطابا من "أجل النظر في حقيقة هذا الكائن المعقد" الذي كان نابليون، لأنه "ليس في سيرة القديسين ولا في الإنكار ولا في التوبة" كما قال قصر الإليزيه.
مؤرخون فرنسيون يرون أن إحياء ذكرى الوفاة يعني بالأساس أن يتذكر الشعب أن نابليون أعاد العبودية عام 1802 أي بعد ثماني سنوات من إلغائها، ما يجعل الكثيرين يصفونه بـ"العنصري حانق الحريات".
ومن النقاط السلبية التي من الممكن أن يتطرق إليها ماكرون في خطابه؛ الخسائر البشرية الهائلة لحملات نابليون العسكرية، وإن يظل أيضا من المؤكد أنه سيشيد بشخصية يعتبرها آخرون رمزا لتنظيم الدولة الحديثة مع إنشاء القانون المدني والمدارس الثانوية والعديد من المؤسسات الفرنسية.
إمبراطور الكتب
رغم انقضاء 200 عام على وفاته، إلا أن نابليون لا يزال يثير انبهارا ينعكس جليا في غزارة الإصدارات حوله سواء في شكل مقالات أو روايات.
ناتالي بوتيتو، أستاذة التاريخ في جامعة "أفينيون" الفرنسية، اعتبرت أن شخصية نابليون "ستظل مبهرة على الدوام، لأنها قدر فردي استثنائي يعبّر عن كل ما أتاحته الثورة".
كما رأت أن كُتّاب سيرة الرجل رسموا له صورة تتبدل وفقا للتيارات السياسية السائدة، ما يفسر وجود أكثر من 18 ألف كتاب يتضمن في عنوانه اسمه بما في ذلك تلك المتعلقة بابن أخيه نابليون الثالث.
ومن أبرز محاور المؤلفات حوله؛ أصوله المتواضعة وجرأته المعطوفة على عبقريته، وقربه من عامة الناس، وإعلاؤه مجد فرنسا في مواجهة المَلَكيات الرجعية، في مجموعة روايات وأساطير صانها بونابرت نفسه بذكاء مدى حياته العسكرية والسياسية، ولا تزال قائمة إلى اليوم.
وفي وقت يعتقد فيه مثقفون فرنسيون أن سيل الكتب استنفد كل جوانب حياة نابليون، يؤكد خبراء أن الكتابة حول هذه الشخصية المعقدة في تجدد مستمر، ما يكشف على الدوام أشياء وتفاصيل جديدة تصلح لأن تكون مادة إضافية حوله.
مرات عديدة نجا فيها نابليون من الموت، ومنفاه في جزيرة سانت هيلينا، ووفاته وذكراه.. محاور عديدة تشوبها أسرار لا تنتهي وتفاصيل تتجدد مع كل قلم يرفعه صاحبة للخوض في مسيرة شخصية يعتقد مؤرخون أنها تستفرخ لوحدها تاريخها عبر الزمن الممتد في الماضي والمستقبل أيضا.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNy4yMzEg جزيرة ام اند امز