نجوم فرنسا المجنسون.. صنعوا التاريخ وواجهوا العنصرية
تعودت كرة القدم الفرنسية في العقود الأخيرة على اتهام دائم بشأن تجنيس اللاعبين، وعدم ظهور مواهب من أبناء البلد الأصليين.
وقد تزايد هذا الاتهام في الظهور خلال السنوات الأخيرة بسبب الإنجازات التي باتت فرنسا تحققها في الساحرة المستديرة.
وقبل عام 1998، كان الإنجاز الأوحد في مشوار فرنسا الرياضي هو التتويج بكأس أمم أوروبا 1984 على أرضها، بينما عانت في أوقات طويلة من الغياب عن البطولات الكبرى.
ولم تشارك فرنسا في كأس العالم عامي 1990 و1994، أو اليورو منذ استضافتها للنسخة الأولى وحتى احتضانها لبطولة 1984، ثم غابت عن نسخة 1988.
أما بعد 1998 فحقق الديوك لقب كأس أمم أوروبا 2000 وكأس العالم 2018، وخسروا نهائي اليورو في 2016، وقبلها بست سنوات نهائي كأس العالم ضد إيطاليا، ومؤخراً نهائي مونديال 2022 أمام الأرجنتين.
وجاءت سخرية لاعبي الأرجنتين من نجوم فرنسا وأصولهم الأفريقية في فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أثناء الاحتفال بالتتويج بكوبا أمريكا ليطرح هذه القضية على السطح مجدداً.
زيدان 1998
كان زين الدين زيدان صاحب الأصول الجزائرية هو الضحية الأولى لاتهامات التجنيس التي طالت الفرنسيين منذ نهاية التسعينيات وحتى الآن.
وأعرب أحد أعضاء البرلمان الفرنسي عن حزنه من أن اعتماد فرنسا في كأس العالم وقتها كان على لاعب من أصول غير فرنسية أو من المهاجرين.
ورد زيدان على هذا الهجوم بتسجيل هدفي الديوك الأول والثاني في الفوز 3-0 على البرازيل في النهائي، مانحاً فرنسا أول لقب كأس عالم في تاريخها.
وبعدها بـ4 سنوات هاجم زعيم الجبهة الوطنية جان ماري لوبان، إبان ترشحه لرئاسة فرنسا، وجود كم كبير من اللاعبين أصحاب الأصول غير الفرنسية في منتخب الديوك.
الفيفا يكشف عن مسار «تاريخي» نحو كأس العالم 2026
ورد ليليان تورام، مدافع فرنسا الشهير في 1998، على هذا الهجوم ضد المهاجرين قائلاً إنه يتقبل الآراء المختلفة في المجتمع والتي تعكس تنوعا كالذي يعكسه منتخب فرنسا متعدد الأديان والجنسيات.
كيليان مبابي 2024
إذا كانت فرنسا قد فشلت في تقديم نسخة قوية في كأس أمم أوروبا 2024 بسبب الأمور الفنية فإن السياسة بدورها لعبت دورا في هذا الفشل.
وحذر كيليان مبابي مهاجم الديوك، صاحب الأصول الجزائرية لأمه فايزة العماري، والكاميرونية لوالده ويلفريد، من أن بلاده تمر بلحظة حاسمة، مطالباً الشعب بالتصويت في الانتخابات الرئاسية.
وهنا قوبلت كلمات مبابي بتصريحات مثيرة للجدل أطلقها سيباستيان تشينو، المتحدث باسم حزب التجمع الوطني، والذي دعا مبابي إلى الحفاظ على "مسافة" في القضايا السياسية.
قال مبابي آنذاك: "نحن في لحظة حاسمة في تاريخ بلادنا، وأريد التحدث للشعب الفرنسي بأكمله والشباب، فنحن جيل قادر على إحداث الفارق.. إن التطرف يطرق باب السلطة ولدينا فرصة لتشكيل مستقبل بلادنا، أدعو للتصويت ضد المتطرفين".
في 2002 اتهم زين الدين زيدان الجبهة الوطنية في فرنسا بأنها لا تمثل القيم الفرنسية الحقيقية في إشارة لرفضها للمهاجرين.
وقد دعت هذه الأمور الاتحاد الفرنسي لكرة القدم لأن يصدر بياناً أثناء يورو 2024 يطالب فيه باحترام التعددية في معسكر المنتخب الوطني وعدم تسييسه.
وخلال تلك الفترة، تحدث أكثر من لاعب داخل معسكر المنتخب الفرنسي عن الانتخابات وأدلوا بآراء سياسية، وكلهم من أصحاب الأصول غير البيضاء مثل عثمان ديمبلي وآخرين.
كأس العالم 2018
مثلما حققت فرنسا كأس العالم 1998 بمجموعة كبيرة من اللاعبين أصحاب الأصول غير الفرنسية، فإن المسألة تكررت بقيادة المهاجرين في روسيا سنة 2018.
وتوج رفاق مبابي الصاعد حينها بكأس العالم بفضل مواهب سمراء غير فرنسية الجذور، أبرزها مبابي وبول بوغبا ونغولو كانتي وغيرهم.
ونشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً أكدت فيه أن نسبة 87% من الفريق الفرنسي المتوج بكأس العالم 2018 في روسيا من المهاجرين أو أبناء المهاجرين، أي ليسوا من أبناء البلد الأصليين.
وإذا كانت قائمة مونديال 2018 ضمت 23 لاعبا، فإن 3 منهم فقط كانوا فرنسيين خالصين وهم بنجامين بافارد ورافائيل فاران وفلوريان تاويفين.
وحتى أصحاب البشرة البيضاء منهم غير المنتمين للقارة الأفريقية كانوا من أصول أوروبية أخرى، مثل حارس المرمى هوغو لوريس صاحب الأصل الكتالوني، وحتى أنطوان غريزمان فوالده ألماني وأمه برتغالية.