كاليدونيا الجديدة.. «حرث» فرنسي فوق «ماء الاحتجاجات»
خطوة جديدة قامت بها فرنسا اليوم الأحد على أمل احتواء الأزمة المتصاعدة في كاليدونيا الجديدة، وسط شكوك حول نجاحها في احتواء الأمر.
فقد بدأت باريس اليوم "عملية كبيرة" في كاليدونيا الجديدة بمشاركة المئات من عناصر الدرك، لتأمين طريق رئيسي يربط بين نوميا ومطارها الدولي، بعد 6 ليالٍ من أعمال شغب قتل خلالها 6 أشخاص، واندلعت على خلفية إصلاح انتخابي مثير للجدل.
وعبر حسابه بمنصة "إكس" للتواصل الاجتماعي (تويتر سابقا)، قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان: "يجري في هذه الأثناء إطلاق عملية كبيرة تضم أكثر من 600 من رجال الدرك في كاليدونيا الجديدة تهدف إلى استعادة السيطرة الكاملة على الطريق الرئيسي البالغ طوله 60 كيلومترا بين نوميا والمطار".
السيطرة على هذا الطريق تعد أمراً ملحاً بالنسبة إلى باريس، خصوصاً مع إعلان نيوزيلندا أنها طلبت من فرنسا الإذن لإرسال طائرات لإجلاء مواطنيها.
وقال وزير الخارجية النيوزيلندي ونستون بيترز إن الطائرات "جاهزة للإقلاع وننتظر إذن السلطات الفرنسية لمعرفة متى يمكن إجراء هذه الرحلات بأمان".
وفي ظل تعليق الرحلات من وإلى نوميا منذ الثلاثاء الماضي، تقدّر السلطات المحلية بأن نحو 3200 سائح ومسافر تقطّعت بهم السبل في الأرخبيل وخارجه.
وبعد الإعلان عن العملية لتأمين طريق المطار، تحرّك من نوميا موكب يضم عربات مدرّعة وآليات لورش البناء متجّهاً إلى ضاحية بايتا.
وذكرت وكالة فرانس برس أن محتجين من المطالبين بالاستقلال في نوميا وجوارها ما زالوا يقومون بتقييد حركة المرور على الطرق من خلال العديد من الحواجز المنصوبة باستخدام حجارة وعوائق أخرى.
6 قتلى
وارتفعت حصيلة قتلى التوتر في الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ، إلى 6 أشخاص بحسب ما أعلنت السلطات في سادس يوم من اضطرابات تعدّ الأخطر في كاليدونيا الجديدة منذ الثمانينيات من القرن الماضي.
وقتل أحد السكان وهو من أصل أوروبي ظهر السبت وأصيب شخصان آخران في منطقة كالا-غومين في شمال الإقليم بإطلاق نار عند حاجز أقامه منفذو أعمال شغب. والقتلى الخمسة الآخرون الذين قضوا سابقا، هم 3 مدنيين من "الكاناك" السكان الأصليين، إضافة إلى عنصرين من الدرك قضى أحدهما عرضاً برصاص زميل له أثناء مهمة أمنية.
وقال المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في كاليدونيا الجديدة لوي لو فران في بيان صباح الأحد إن "الليلة الماضية كانت أكثر هدوءاً، وأن الدولة تتحرك لضبط الوضع الأمني"، مشيرا إلى أنه تم توقيف نحو 230 مثيراً للشغب في زهاء أسبوع.
ويتوقع أن تكون إعادة فرض الهدوء بالقوة مهمة شاقّة لقوات إنفاذ القانون، إذ إن أعمال الشغب في بعض الأحياء خلال الليل تظهر تصميم المحتجين على التعبير عن غضبهم.
"الوضع لا يتحسّن"
واندلع العنف بعدما تصاعدت المعارضة ضدّ إصلاح دستوري يهدف إلى توسيع عدد من يُسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات المحلية ليشمل كلّ المولودين في كاليدونيا والمقيمين فيها منذ ما لا يقل عن 10 سنوات.
ويرى المنادون بالاستقلال عن فرنسا أنّ ذلك "سيجعل شعب كاناك الأصلي أقلية بشكل أكبر".
وفرضت السلطات حال الطوارئ، بما يشمل حظر التجول بين السادسة مساء والسادسة صباحا، ومنع التجمعات وحمل الأسلحة وبيع المشروبات الكحولية، إضافة إلى حظر تطبيق "تيك توك".
وفي مؤشر إلى الخوف من أن يطول أمد الاضطرابات، ألغت باريس مرور الشعلة الأولمبية عبر كاليدونيا الجديدة والذي كان مقررا في 11 يونيو/حزيران المقبل.
في غضون ذلك، تصبح معيشة سكان كاليدونيا الجديدة أصعب يوماً بعد يوم، من حيث التنقل وشراء المواد الغذائية وتلقّي الرعاية الطبية، مع انخفاض عدد المتاجر القادرة على فتح أبوابها، وتزايد العوائق أمام حركة المرور خصوصا في الأحياء الفقيرة أو التي تشهد أعمال شغب أكثر من غيرها.
وصباح الأحد، أعلنت سلطات المحافظة الجنوبية التي يقيم فيها قرابة ثلثي عدد سكان الأرخبيل، أن كل المدارس ستبقى مقفلة طوال الأسبوع المقبل.
وتأمل السلطات الفرنسية بأن تؤدي حال الطوارئ السارية منذ الخميس إلى الحد من أعمال العنف التي بدأت يوم الإثنين الماضي.
ومن دون ذكر صلة مباشرة بأعمال العنف، اتهم وزير الداخلية الفرنسي الخميس أذربيجان بالتدخّل في الأرخبيل، وهو ما نفته باكو بشدة.
ومن جهته رأى السيناتور الفرنسي كلود مالوريه أنه "إذا كانت هناك تدخلات غير مرئية بشكل أكبر ويجب الخوف منها، فهي تدخلات الصين".
وكاليدونيا الجديدة هي مستعمرة فرنسية منذ أواخر القرن التاسع عشر.
ويدور الجدل السياسي في الأرخبيل حول ما إذا كان ينبغي أن يكون جزءا من فرنسا أو يتمتع بحكم ذاتي أو استقلال، مع انقسام الآراء على أساس عرقي.