غضب في ستراسبورج بعد وصمها بالإرهاب وإحصاءات تعزز الاتهام
عمدة المدينة كشف النقاب عن أن 10% من المدرجين بقوائم المراقبة الأمنية التي تضم 25 ألف شخص بينهم 9 آلاف و700 متطرف محتمل يعيشون بالمنطقة
بينما يرفض الكثير من سكان الحي الذي كان يقطنه منفذ الهجوم الإرهابي على سوق عيد الميلاد في "ستراسبورج"، وصف مدينتهم بأنها "معقل الإرهابيين الجدد" بفرنسا؛ تشير الإحصاءات إلى "مشكلة خطيرة" مع التطرف.
وفي تقرير نشرته صحيفة "تليجراف" لمراسلها في ستراسبورج، هنري صامويل، قال إن كاميرات التلفزيون الفرنسي كانت تصور، بينما يتجاذب الشباب أطراف الحديث خارج منطقة سكنية في ضاحية غرب ستراسبورج، شرقي فرنسا، ثم هرع أحد السكان الغاضبين، وهو يلوح بيديه صارخا: "نحن لا نريدكم هنا، هذه ليست منطقة متشددة، أنتم محطات التلفزيون تخلطون كل شيء".
- شريف شيكات منفذ هجوم "ستراسبورج.. إرهابي من عالم الجريمة
- الشرطة الفرنسية تعلن مقتل منفذ هجوم ستراسبورج
والخميس، أعلنت السلطات الفرنسية مقتل شريف شيكات في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة، بعد يومين من تنفيذه هجوم سوق عيد الميلاد، الذي أسفر عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة 11 آخرين، وتبنى تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته.
وقال توفيق إلكيري، 33 عاما، وهو سائق سيارة أجرة، احتجز المسلح زميله رهينة: "كان (شيكات) مجرما يدخن المخدرات، وليس له أي علاقة بالدين، لقد سئمت من الأشخاص الذين يضعوننا في سلة واحدة على هذا النحو".
وقال ساكن آخر يُدعى زاك (22 عاما): "هناك كنيسة على بعد 50 ياردة، ومسجد هناك، وهناك يهود. الكاهن صديق الإمام، وفي بعض الأحيان يتناولون الطعام سويا. نحن نعيش في وئام هنا".
واستدرك المراسل بالقول، لعل كل هذا صحيح، لكن الإحصاءات تشير إلى قصة مختلفة تفيد أن ستراسبورج تواجه مشكلة خطيرة مع التطرف.
وأشار إلى أن عمدة المدينة رولاند ريس، كشف النقاب عن حجم المشكلة، مشيرا إلى أن 10% من المدرجين في قوائم المراقبة الأمنية التي تضم 25 ألف شخص بينهم 9 آلاف و700 متطرف محتمل يعيشون في المنطقة، وهذا يجعل 2500 شخص من المدينة مصدر تهديد محتمل.
وقال جيزلان بنحيسه، وهو محام متخصص في الإرهاب: "في ستراسبورج ومنطقة رين السفلى، هناك وكر من الأشخاص المتطرفين الذين لا يوجدون بالضرورة في مكان آخر".
وأشار جان تشارلز بريسارد رئيس مركز تحليل الإرهاب، إلى أن "ستراسبورج هي واحدة من أكبر بؤر المتطرفين في فرنسا".
وأضاف: "عدة مئات من الأفراد من المنطقة مدرجون في قائمة المراقبة الخاصة بالإرهاب والتشدد"، كما قامت المدينة بتفكيك "عدة شبكات متطرفة" تستعد للسفر إلى سوريا.
وأوضح المراسل أن المدينة ظهرت على خريطة التطرف عام 2000 بعد إحباط مخطط لتنظيم "القاعدة"، لتفجير شاحنة مفخخة في كاتدرائية ستراسبورج المجاورة للسوق.
ومنذ ذلك الحين، سقط سلسلة من الشبان في الفخ التطرف، ففي عام 2012 قتل جيريمي لويس-سيدني، أحد العقول المدبرة لهجوم بقنبلة يدوية على متجر يهودي في سارسيل خارج باريس بالرصاص في مداهمة أمنية لمساكن الطلبة في ستراسبورج.
كما جاء أحد الانتحاريين الذين نفذوا هجوم مسرح "باتاكلان" عام 2015، واسمه فؤاد محمد عقاد، من ويسيمبورج في منطقة ستراسبورج.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، أظهرت لقطات مصورة في الرقة بسوريا، نُشرت على موقع "يوتيوب" طفلين يحملان أسلحة "كلاشنيكوف"، يصيح أحدهما "67"، وهو رقم منطقة رين السفلى التي تشمل ستراسبورج، ويقول آخر وراء الكاميرا "كل ستراسبورج هنا".
وفي مايو/ أيار الماضي، قُتل خمزات عظيموف، وهو شيشاني يبلغ من العمر 20 عاما من مقاطعة إلساو، بالرصاص خارج أوبرا باريس بعد أن طعن أحد المارة حتى الموت وأصاب 5 آخرين.
في السياق، قال فرهاد خسروكافار المتخصص في علم الاجتماع والخبير في التطرف، إن "جزءا كبيرا من المتطرفين في ستراسبورج هم شباب من ضواحي المهاجرين الذين يشعرون بأنهم موصومون على نحو مضاعف، بما يعتبرونه تحيزات اجتماعية وثروة المدينة".
وكان شيكات، وهو من أصل جزائري قد أدين 27 إدانة سابقة وكان مجرما عنيفا معتادا للإجرام، كما علق ملصقا لزعيم تنظيم "القاعدة" الراحل أسامة بن لادن على جدار زنزانته بالسجن عندما كان عمره 19 عاما.
واعتبر خسروخافار أن شيكات ليس متطرفا، ولكنه أحد عناصر التهديد الفرنسي المتنامي "للإرهابيين الجدد" الذي ظهر منذ سقوط "داعش".
وأوضح أن هؤلاء الإرهابيين الجدد غالبا يعملون بمفردهم، ويعرفون القليل للغاية عن الإسلام، ويشعرون بأنهم منبوذون في بلدهم الأصلي بسبب ماضيهم، وتحيط بهم الجريمة ويعيشون في الضواحي؛ وهي كلها ظروف تشجع على التطرف.