المواصلات المجانية أم السيارة الخاصة؟ نتيجة صادمة لتجربة لوكسمبورغ الفريدة
في 2020 أصبحت لوكسمبورغ أول دولة أوروبية تجعل جميع وسائل النقل العامة على كامل أراضيها "مجانية" تماما، في تجربة مذهلة لمكافحة ركوب السيارات الخاصة.
ولوكسمبورغ هي واحدة من أصغر الدول الأوروبية وتحتضن سكانا يناهز عددهم 650 ألف شخص فقط، ولكنها مع ذلك تعاني من الازدحام المروري.
- وفاة جوردون مور.. مؤسس "إنتل" والعبقري الذي جعل الكمبيوتر أرخص ثمنا
- الشواطئ المضيئة ليلاً.. ظاهرة خرافية في جزر المالديف وتايلاند (صور)
وبعد 3 سنوات تقريبا على بداية التجربة الفريدة، بدا أن النتائج "صادمة" إذ إن المواصلات العامة المجانية لم تمثل بديلا منافسا للسيارات الخاصة في البلاد.
ازدحام قياسي
في نهاية 2021، أي بعد قرابة عامين من إطلاق مجانية المواصلات العامة، سجلت لوكسمبورغ ثاني أعلى معدل لاستخدام السيارات بين دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لمعهد يوروستات، فإن 681 شخصاً من بين كل 1000 شخص في لوكسمبورغ لديهم سيارات، ومن بين 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، وحدها بولندا التي تتخطى هذا الرقم مع تسجيل 687 سيارة لكل 1000.
ويؤكد الازدحام المستمر على الطرق الرئيسية خلال فترات الذروة أن المواصلات العامة ليست الاختيار الشائع حتى الآن.
وربما يعود الفشل في تبني المواصلات العامة إلى كون لوكسمبورغ تستقبل يومياً 220 ألف عامل من بلدان مختلفة وهو رقم يشكّل نحو نصف إجمالي عدد الموظفين في مؤسساتها وشركاتها.
ويأتي أغلب هؤلاء من فرنسا وبلجيكا، ولا ينطبق عليهم قرار النقل العام المجاني إلّا عندما يعبرون أراضي لوكسمبورغ، في قرار يثنيهم عن التخلي عن سياراتهم الخاصة.
أما الفرنسيون الـ120 ألفاً الذين يعملون في لوكسمبورغ ويدفعون الضرائب لسلطاتها، فوافقت الحكومة على إعادة توزيع قسم من أموالهم من خلال تمويل مشاريع بنى تحتية كمواقف للسيارات في مناطق على الحدود الفرنسية.
ووعدت لوكسمبورغ بإنشاء قطار بحلول 2027-2028 يربط منطقة تيونفيل الفرنسية بلوكسمبورغ، في حلّ "مشابه تقريباً للمترو".
وهناك مشكلة أخرى مرتبطة باقتصاد لوكسمبورغ وتتمثّل في أنّ سوق العقارات مشبعة، فيما تشهد تكاليف الإيجارات تزايداً، وهو ما يصعّب على العمال الآتين من بلدان أخرى الإقامة في لوكسمبورغ.
استثمارات قياسية
ومع ذلك، يقول فرنسوا باوش وزير النقل في لوكسمبورغ إنّ حركة المرور شهدت انخفاضاً في العاصمة منذ تشغيل الترامواي عام 2017.
وفي مرحلة يجري التركيز فيها على الانتقال إلى الحياد الكربوني، يلجأ الائتلاف الحاكم الذي يجمع ليبراليين واشتراكيين ومدافعين عن البيئة، إلى استثمارات كبيرة جداً لدفع السكان إلى استخدام وسائل نقل صديقة للبيئة أكثر من السيارات.
وتفاخر الحكومة في لوكسمبورغ باستثمارها سنوياً 800 مليون يورو في وسائل النقل العامة.
وتحتل لوكسمبورغ المركز الأول أوروبياً لناحية مستويات الإنفاق على الترامواي، والبالغ 500 يورو سنوياً للفرد الواحد، في مبلغ تستثمره السلطات في "أعمال توسيع للشبكة وتحسين نوعيتها".
ويقول جيلار من جانبه إنّ لوكسمبورغ "أكثر بلد أوروبي يستثمر في قطاع النقل"، مضيفاً أنّ الدولة أنجزت تقدماً كبيراً "بعدما كانت هذه الاستثمارات منخفضة جداً مدى سنوات".