السلطات الفرنسية تلاحق مرسل الطرود المتفجرة بعد استهداف شخصيات بارزة

حادثة غامضة هزّت فرنسا بعد اكتشاف ثلاث رسائل مفخخة أُرسلت إلى النائب مانويل بومبار، والصحفية إستل دينيه، والفكاهية إيلودي بو، ما دفع السلطات إلى فتح تحقيق واسع لتحديد الجهة المسؤولة ودوافعها.
شهدت بلدة سانت-أولاي في إقليم دوردون ظهر السبت 4 أكتوبر/تشرين الأول حادثة مروّعة حين انفجر أحد الطرود داخل مركبة تابعة لساعي البريد أثناء جولته، ما أحدث صوتًا قويًّا سُمع على بعد مئات الأمتار وأثار الهلع بين سكان البلدة الصغيرة الواقعة بين بيرغور ومدينة بوردو.
ورغم شدة الانفجار، أكدت السلطات المحلية أنه لم يُسجَّل أي إصابات. وبعد لحظات من الحادث، عُثر داخل مكتب البريد في البلدة نفسها على طرودين آخرين مشبوهين، ليتدخل فريق من قوات الدرك الفرنسي وخبراء تفكيك المتفجرات من بوردو الذين نجحوا في تأمين المكان وإبطال مفعول الطردين.
المستهدفون: ثلاثة أسماء من مجالات مختلفة
كشفت التحقيقات الأولية أن الطرود المفخخة كانت موجَّهة إلى ثلاث شخصيات عامة معروفة في فرنسا:
- مانويل بومبار، النائب عن حزب "فرنسا الأبية" والمقرّب من زعيم الحزب جان لوك ميلونشون.
- إستل دينيه، الصحفية ومقدمة برنامج "إستل ميدي" على محطة RMC.
- إيلودي بو، الفكاهية الفرنسية الشهيرة والمرشحة لجائزة موليير عن عرضها الأخير.
وبالرغم من عدم وجود أي صلة مهنية أو شخصية تجمع بين الأسماء الثلاثة، فإن استهدافهم بالأسلوب نفسه جعل التحقيق يأخذ منحًى وطنيًّا واسعًا، في محاولة لفهم الدافع وراء اختيار هذه الشخصيات تحديدًا.
تفاصيل التحقيقات الجارية
أوضحت صحيفة لوباريزيان أن التحقيقات كشفت أن جميع الرسائل أُرسلت من بلدة لا روش شاليه الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد سكانها ثلاثة آلاف نسمة وتقع بين بيرغور وبوردو. وتشير التقديرات الأولية إلى أن المرسل استعمل مكتب البريد المحلي هناك لإرسال الطرود، التي احتوت على مواد متفجرة صغيرة الحجم وضعيفة القوة الانفجارية، ما يفسّر عدم وقوع ضحايا رغم الانفجار الأول.
وتشارك في التحقيق وحدات من الشرطة القضائية الوطنية وفرقة مكافحة الإرهاب، التي تعمل على تحليل بقايا المتفجرات وتحديد مصدر المواد المستخدمة. كما يجري فحص تسجيلات كاميرات المراقبة في مكاتب البريد المجاورة لتحديد هوية الشخص الذي أرسل الطرود.
فرضيات قيد الدراسة
حتى لحظة إعداد التقرير، لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية، كما لم يُعرف الدافع وراء استهداف الصحفية والنائب والفنانة. وترجّح بعض التحليلات أن تكون الحادثة بدافع سياسي أو شخصي، بينما يرى آخرون احتمال كونها عملًا رمزيًّا ضد شخصيات عامة تمثل مجالات مؤثرة في الرأي العام الفرنسي، تشمل الإعلام والفن والسياسة.
ردود فعل متباينة
أثارت الحادثة موجة من القلق في الأوساط السياسية والإعلامية بفرنسا. وقد عبّر جان لوك ميلونشون عن "غضبه وقلقه" من استهداف أحد نواب حزبه، مطالبًا السلطات بالتحرك السريع لكشف الحقيقة.
أما إستل دينيه، فأكدت في تصريحاتها الإعلامية أنها "مصدوَمة مما حدث، لكنها تثق في الأجهزة الأمنية وقدرتها على كشف الفاعل"، بينما فضّلت إيلودي بو التزام الصمت احترامًا لسير التحقيق.
استمرار التحقيق وتشديد الإجراءات الأمنية
تواصل السلطات الفرنسية، بالتنسيق بين الشرطة الوطنية والدرك والنيابة العامة في بوردو، تحقيقاتها الدقيقة في الحادث. وقد أعلنت وزارة الداخلية عن تشديد إجراءات التفتيش في مكاتب البريد بمناطق الجنوب الغربي، مع إصدار تعليمات صارمة بضرورة فحص أي طرد يُشتبه في مصدره قبل تسليمه.
وتبقى هذه القضية مفتوحة على احتمالات متعددة، بينما يترقب الرأي العام الفرنسي نتائج التحقيقات التي قد تكشف خلال الأيام المقبلة عن خيوط جديدة تساعد في تحديد هوية المرسل والدوافع الحقيقية وراء هذا الحادث، الذي أعاد طرح قضية أمن الشخصيات العامة في فرنسا.