مدرسة «ابن خلدون» الإخوانية في مرسيليا.. هل تثمر إجراءات فرنسا؟

تفتش "ثانوية ـ إعدادية ابن خلدون" وهي مدرسة تابعة لجماعة الإخوان في مدينة مرسيليا الفرنسية عن مصادر تمويل بديلة بعد تعليق الدعم الرسمي.
وفي وقت سابق أعلن رونو موزولييه (رئيس منطقة بروفانس-آلب-كوت دازور) ومارتين فاسال (رئيسة مقاطعة بوش-دو-رون) وقف الدعم المالي فورًا وتعليق العقد الأكاديمي مع الدولة إلى حين تنفيذ تفتيش شامل للمدرسة الإخوانية.
المسؤولان وصفا الوضع بـ"المقلق للغاية"، معتبرين أن السماح باستمرار التمويل دون تدقيق سيكون مساهمة غير مباشرة في المشروع الإخواني.
وجاءت هذه الإجراءات في أعقاب صدور تقرير رسمي فرنسي يحذر من أن "المركز الإسلامي في مرسيليا"، الذي يضم مسجد مريم ومدرسة ابن خلدون، يمثل بؤرة النشاط الإخواني في المنطقة.
التقرير حذّر أيضا من أن الجماعة تسعى إلى "غزو المجتمع الفرنسي من الأسفل"، عبر الجمعيات والبلديات والمدارس، في إطار مشروع طويل الأمد يهدد قيم الجمهورية والوحدة الوطنية.
ولدى مراقبين شكوك بشأن ما إذا كان وقف التمويل الرسمي وحده قادرا على حصار الخطر الإخوان أم أن البلاد في حاجة إلى إجراءات أكثر حزما؟
وسبق أن رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطة حكومية لمواجهة خطر الإخوان بعد أن رأى أنها لا تقدم علاجا ناجعا ضد تمدد التنظيم في المجتمعات المحلية.
شكوك
وسبق أن أكدت الأكاديمية التعليمية في إيكس-مرسيليا أن تفتيشًا مفاجئًا جرى في فبراير/شباط الماضي كشف عن مخالفات حقيقية في الفصول غير المعتمدة داخل المدرسة، ما أدى إلى توجيه إنذارات لإدارتها.
وقبل قرار تعليق التمويل كانت وزارة التعليم، بالتعاون مع وزارة الداخلية تدرسان آليات رقابية مشددة على الفصول الخاضعة لعقد مع الدولة.
"دموع تماسيح"
وأمام هذا القرار، لجأت إدارة المدرسة إلى إطلاق حملة تبرعات عبر مقاطع فيديو على تيك توك، تستجدي الدعم المالي وتصور نفسها كضحية. لكن مراقبين رأوا في هذه الخطوة محاولة "للعب دور المظلومية" الذي اعتادت عليه الجماعة، بغرض كسب التعاطف الشعبي وتجاوز مؤسسات الدولة.
وفي 31 يوليو/تموز، أكدت تقارير محلية استمرار تعليق التمويل وعدم وجود أي تغيير في موقف السلطات، التي تصر على التفتيش الشامل. وحتى اليوم، يبقى القرار ساري المفعول، فيما تحاول المدرسة تعويض خسارتها عبر حملات جمع تبرعات مثيرة للجدل.
مشروع خطير يهدد فرنسا
التقرير عن الإخوان شدد على أن التعليم يشكل أولوية استراتيجية للجماعة، باعتباره مدخلًا لتكوين أجيال جديدة متأثرة بأيديولوجيتها.
ورأى محللون أن أزمة ابن خلدون ليست سوى قمة جبل الجليد، وأن القضية تعكس مخططًا أوسع لاختراق النظام التعليمي الفرنسي تحت ستار "التنوع الثقافي".
"وضع مقلق للغاية"
وبحسب التقرير الفرنسي فإن ثانوية ابن خلدون، التي تأسست عام 2009 في الأحياء الشمالية من مرسيليا، تعد جزءًا من ما وصفه التقرير بـ"المنظومة الإخوانية في بوش-دو-رون". وجاء فيه أن المركز الإسلامي بمرسيليا يمثل نواة هذا "النظام"، ويضم مسجد "مريم" إلى جانب مدرسة ابن خلدون وعدد من الجمعيات الإسلامية الأخرى.
وفي ضوء التقرير جرى تعليق الدعم المالي المعروف باسم "منحة التعليم الخارجي"، وهي مساهمة مالية تغطي جزءًا من تكاليف تشغيل المدارس الخاصة المرتبطة بعقد مع الدولة.
وتضم مدرسة ابن خلدون نحو 400 طالب موزعين على 16 فصلاً، نصفها فقط مرتبط بعقد شراكة مع وزارة التعليم الفرنسية.
التقرير اعتبر أن الإسلام السياسي "البطيء والمتدرج" عبر الجمعيات والبلديات يشكل "تهديدًا مباشرًا للوحدة الوطنية"، مع التأكيد على أن القطاع التعليمي يعد أولوية بالنسبة للفرع الفرنسي من جماعة الإخوان.
لكن بات السؤال الأكثر إلحاحا في فرنسا هل يكفي أن تعلق الحكومة تمويل مؤسسات الجماعة أم أن الأمر يتطلب معالجة أكثر حذرية بمنعها عن ممارسة مهامها الهدامة؟
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز