سوق السيارات الفرنسي يتهاوى.. لغز «الهجينة» يربك طموحات «الكهربائية»

في ظل طموحات باريس وبروكسل لتعميم السيارات الكهربائية، يبدو أن السائق الفرنسي يختار مسارًا مختلفًا.
فرغم الحوافز والدعم الحكومي، يُظهر تقرير جديد أن سوق السيارات الفرنسية يغرق في أزمة عميقة، وسط تراجع حاد في المبيعات، وتفضيل مفاجئ للهجين على حساب الكهربائي الخالص.
ويواصل سوق السيارات في فرنسا تعثّره مع بداية عام 2025، إذ سُجّلت فقط 842,203 عملية تسجيل سيارات جديدة في النصف الأول من العام، أي بانخفاض قدره 7.9% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، مما يعمّق الأزمة التي لا يبدو أن لها نهاية قريبة، بحسب مجلة "لوبوان" الفرنسية.
ووصف كزافييه هوران، المدير العام لاتحاد موزعي السيارات "Mobilians"، هذا الانكماش بـ"سباق البطء"، مشيرًا في منشور له على موقع "لينكدإن" إلى أن "الخط النهائي لعام 2025 يبدو وكأنه يبتعد أكثر فأكثر"، متوقّعًا ألا يتجاوز عدد السيارات الجديدة 1.6 مليون وحدة بنهاية العام، أي بانخفاض بنسبة 27% مقارنة بعام 2019، الذي شهد بيع 2.2 مليون سيارة.
الكهربائية تفشل في الإقلاع
رغم الضغوط الفرنسية والأوروبية لتسريع الانتقال نحو السيارات الكهربائية، بما في ذلك حظر بيع المحركات الحرارية بحلول عام 2035، فإن المستهلك الفرنسي يبدو أقل حماسة لهذا التوجّه، إذ تُشكك شريحة واسعة في جدية تطبيق هذه المهلة، خاصة بعد أن خفّفت المفوضية الأوروبية من صرامة القواعد وأُلغيت مناطق الانبعاثات المنخفضة ZFE داخل فرنسا.
بحسب بيانات منصة صناعة السيارات، لم تُمثّل السيارات الكهربائية سوى 17.6% من إجمالي المبيعات خلال النصف الأول من 2025، بينما سجّلت السيارات الهجينة (سواء القابلة أو غير القابلة لإعادة الشحن) أكثر من 50.5% من مجمل عمليات التسجيل، في صدارة المشهد.
ويقول هوران إن "الطلب على السيارات الكهربائية لا يزال راكدًا، باستثناء الشركات التي تواصل تسريع تحوّلها الطاقي"، فيما تضع العائلات الفرنسية السيارات الهجينة في صدارة خياراتها.
رينو تُسرع وستيلانتيس تتراجع
وفي ظل هذا المناخ السلبي، لم تتأثّر جميع الشركات المصنّعة بنفس الدرجة. فقد حقّقت مجموعة رينو أداءً قويًّا، بزيادة 2.2% في تسجيلاتها خلال هذا النصف من العام، بدعم من الأداء الجيد لسيارة كليو (التي استحوذت على 6.7% من السوق) واستمرار نجاح طرازات "داسيا" مثل "سانديرو" و"Duster".
في المقابل، تراجعت مبيعات مجموعة ستيلانتيس بنسبة حادة بلغت 11.9%، رغم الحضور القوي لسيارة بيجو 208 (4.7% من السوق). وسجّلت علامات أخرى تابعة لها انخفاضات كارثية مثل "DS" (-25%)، "أوبل" (-32.5%)، و"فيات" (-52.5%).
هل أوروبا تقود إلى حائط مسدود؟
وفي تشخيص لافت، كتب هوران: "نفتقر إلى كل شيء: الثقة، الطموح، الاستقرار، التوقّع... وبالتالي الحجم". وأشار إلى أن الأفراد، رغم امتلاكهم معدّلات ادخار غير مسبوقة، يفرّون من سوق السيارات الجديدة، ما يُنذر بخطر أكبر على القطاع، مع مصانع تسير بوتيرة بطيئة بشكل خطير، وتداعيات محتملة على المورّدين والموزّعين الضعفاء.
وحذّر هوران من فشل استراتيجي أوروبي، قائلًا: "أوروبا، الغارقة في غفوتها الاستراتيجية، تُخاطر بأن تُستبعد من سباق الفورمولا 1 العالمي دون وسادة هوائية للنجاة"، لافتًا إلى احتمال استحواذ الصين على 10% من السوق الأوروبي بحلول 2030.
خطة الإنقاذ تحتاج أكثر من مجرد دفعة
ويبدو أن إنقاذ السوق الفرنسية من هذا التراجع يتطلّب أكثر بكثير من مجرد "دفعة حكومية بسيطة". فكما يشير هوران: "لكي تربح سباقًا، عليك أن تعرف كيف تمسك عجلة القيادة وتضغط على دواسة السرعة في اللحظة المناسبة. لا أمل يُرجى من سيارات بإطارات مثقوبة وفرق متسابقين فاقدة للحماس".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI2IA==
جزيرة ام اند امز