إعلام وباحثون يدقون ناقوس خطر الإخوان في فرنسا
وسائل الإعلام الفرنسية تدعو السلطات الفرنسية لأخذ تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي بشأن تهديدات تنظيم الإخوان الإرهابي بجدية
دعت وسائل إعلام فرنسية حكومة بلادها إلى أخذ تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي بشأن تهديدات تنظيم الإخوان الإرهابي بجدية، داعية لاتخاذ خطوات ملموسة للحد من خطرهم على أمن فرنسا.
وقالت محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية إن سلوكيات تنظيم الإخوان والمنظمات التابعة له في فرنسا تمس جميع الأقاليم الفرنسية، لا سيما في الغرب أماكن تكتلهم، حتى خرجت بعض المناطق عن سيطرة الحكومة وباتت في أيديهم.
وحذرت المحطة الفرنسية من أن تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي يستهدف تحديداً المنظمات المحسوبة على تنظيم الإخوان في فرنسا منها، "ائتلاف مكافحة الإسلاموفوبيا" في فرنسا، ومنظمة "مسلمي فرنسا"، كما تطال الاتهامات أيضاً بعض العاملين في "مجلس الديانة الإسلامية" المقربين من التنظيم الإرهابي.
الإخوان والإرهابيون
من جانبها، أشارت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، أنه من بين التنظيمات المستهدفة في التقرير ليس فقط الفاعلون الرئيسيون في موجة الهجمات التي أودت بحياة أكثر من 250 شخصًا في فرنسا منذ عام 2015، ولكن أيضًا الحركات الإسلامية المتطرفة ولا سيما الإخوان الذين يقدر عددهم بـ50 ألف في فرنسا، ومجموعة من السلفيين يقدر عددهم بـ40 ألف.
وأشار تقرير "لوباريزيان" إلى أن المنتمين لتلك التنظيمات لم يرغبوا في الشهادة أمام البرلمان للرد على هذه الاتهامات.
ونقلت الصحيفة الفرنسية، عن ناتالي ديلاتر، رئيسة لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ، قوله إن "التقرير يحذر من تولي جمعيات معينة ممولة من الخارج تدريب جزء من السكان على العيش في أعراف ومبادئ دينية بعينها. لقد قدمنا مقترحات لنكون قادرين على مكافحة هذه الرغبة في عدم صنع المجتمع."
وتدعو اللجنة، التي تقول إنها "متحفظة للغاية" لمحاولات الحكومة لتنظيم الإسلام السياسي في فرنسا، إلى حظر الأيديولوجيات المتصلة بتنظيم الإخوان من الأراضي الفرنسية.
دور الحكومة الفرنسية
رأت "لوباريزيان" أن الحكومة الفرنسية الجديدة سيكون لها دوراً حازماً في مواجهة تهديدات تنظيم الإخوان والجميعات المنبثقة منه، لافتة إلى تصريحات وزير الداخلية الجديد، جيرالد دارمانين، الأربعاء الماضي، أمام مجلس الشيوخ بأن "الإسلام السياسي" كان "عدواً قاتلاً للجمهورية"، داعياً إلى محاربة "أي شكل من أشكال الطائفية".
كما لفتت "بي.إف.إم" إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في فبراير/شباط الماضي حول ما أسماه بـ"الانفصالية الإسلامية"، معلناً عن إجراءات ضد "التأثيرات الأجنبية" على الإسلام السياسي في فرنسا، وخاصة فيما يتعلق بتمويل المساجد والأئمة.
تواطؤ بعض البرلمانيين
موقع "أتلنتيكو "الفرنسي، نقل عن استاذ التاريخ الفرنسي وعضو في مجمع الفكر حول العلمانية في المجلس الأعلى للإندماج، جوليان شيرفرييهه، قوله إن "جلسات الاستماع في البرلمان ومجلس الشيوخ حول هذه القضية الشائكة تبدو مؤلمة في بعض الأحيان لديمقراطيتنا الجمهورية والعلمانية".
وأشار شيرفرييهه إلى تواطؤ بعض النواب المنتخبين من عدة أحزاب مع الجمعيات والمنظمات المرتبطة بالإخوان خاصة في المجال التعليمي، ويسهلون دخول أقارب الإخوان في المؤسسات الأكاديمية.
وأعرب الباحث الفرنسي عن أسفه من عجز السلطات الفرنسية في مواجهة هذه الممارسات لعدم فهم خطورة تلك المشكلات.
ولفت أستاذ التاريخ الفرنسي إلى أن هذا التوغل الإخواني لايقتصر على فرنسا فحسب، موضحاً أن تلك الظاهرة منتشرة في كل مكان في أوروبا، في بلجيكا، والسويد، وهولندا، وإيطاليا، إلخ.
ووفقاً للباحث الفرنسي، فإن عدد أعضاء الإخوان لم يكن كبيراً في أوروبا، لكنهم استفادوا خلال ثلاثين عامًا من الهالة التي تحيط بهم في ثوب الوعظ الديني، والاقتراب من السلطة دون المشاركة فيها.
بدورها، قالت أستاذة الأنثربولوجيا بالمركز القومي للبحوث والعلوم الفرنسي، فلورنس بيرجود بلاكلير، إنه لم يعد السؤال هو ما إذا كان الإسلام السياسي في فرنسا مرتبط بمؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، وعلى الجانب الباكستاني من قبل مؤسس الجماعة الإسلامية، مولانا مودودي، ولكن كيف يتصرف هؤلاء؟، وما هي نواياهم؟، ولا سيما الاتجاهات التي تدفعهم، ومن يمولهم؟.
ولفتت الباحثة الفرنسية إلى أن هناك اتجاهات داخل تنظيم الإخوان تدعو إلى إقامة "خلافة عالمية"، عن طريق تنشيط خلاياهم في المجتمعات الرأسمالية والديمقراطية متعددة الأديان، والاستثمار في التعليم والمؤسسات الدينية لتحقيق أهدافهم.
انتهازية الإخوان
ووفقاً للباحثة الفرنسية، فلورنس بيرجود بلاكلير، فإن منظمة مسلمي فرنسا، ونسختها السابقة التي تمثل الجيل الأول لتنظيم الإخوان في فرنسا "اتحاد المنظمات الإسلامية" في فرنسا، استطاعوا التوغل والسيطرة على المجتمع الفرنسي بحرفية تامة وبفضل التمويل الخارجي.
واتهمت بلاكلير تنظيم الإخوان بالانتهازية ورفض الديمقراطية، موضحة أنهم لديهم أساليبهم على شبكات التواصل الاجتماعي واستغلال القضاء لفرض رؤيتهم السياسية عن الإسلام، عن تطريق تدمير كل راي مناهض لهم من الليبراليين، التقدميين، حتى الصوفيين، معتبرة أن هذه الإيديولوجية تُلحق الخراب بجميع الجامعات في جميع أنحاء العالم وتدمر الذكاء الجماعي.
تقرير يدق ناقوس الخطر
وفي تقرير أصدرته لجنة تحقيق مكافحة التطرف في مجلس الشيوخ الفرنسي، دق ناقوس الخطر حول تهديدات أوجه الإسلام السياسي في فرنسا، المتمثل في تنظيم الإخوان وفروعه، مشيرين إلى 44 إجرء للحد من تطرف الإسلام السياسي ووسائل مكافحته في فرنسا وانعكاساته على المجتمع الفرنسي.
وأوضح التقرير الذي نشرته صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، أن "الإسلام السياسي المتطرف متعدد الأشكال المتمثل في تنظيم الإخوان، يتغلغل في جميع جوانب الحياة الاجتماعية ويميل إلى فرض معيار اجتماعي جديد من خلال الاستفادة من الحرية الفردية".
وتم تأسيس لجنة تحقيق مكافحة تطرف الإسلام السياسي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بمبادرة من مجموعة حزب الجمهوريين بمجلس الشيوخ، وتتكون اللجنة من حوالي ثلاثين عضوًا في مجلس الشيوخ.
وأجرت اللجنة التي أصدرت التقرير، مقابلات مع لاعبين مؤسسيين وأعضاء مشاركين وباحثين وقادة سياسيين في محاولة لرسم الصورة الكاملة للتهديدات الممكنة لخطر الإسلام السياسي المتمثل في تنظيم الإخوان ومموليه، والتي يمكن أن تؤثر على قيم وأمن فرنسا.
وتدعو لجنة التحقيق أيضًا إلى "إعادة إنشاء" مهمة اليقظة المشتركة بين الوزارات ومحاربة الانحرافات الطائفية، وإعادة تنشيط شرطة الطوائف، عن طريق تفعيل المعاقبة على "جريمة التعدي على حرية المعتقد".
كما تدعو اللجنة إلى إلى فرض الحظر على تنظيم الإخوان على الأراضي الفرنسية، ويطالب أعضاء مجلس الشيوخ بإلزام الجمعيات ذات الطبيعة الدينية بالشفافية في مواردها، ولا سيما تلك القادمة من الخارج. يجب على أي جمعية ترغب في الاستفادة من الإعانات من السلطات المحلية أن تتعهد "بالتوقيع على ميثاق بما في ذلك احترام قيم الجمهورية".
aXA6IDE4LjIyNC43My4xMjQg جزيرة ام اند امز