عقارات فرنسا تترقب «عواصف الفائدة».. اختبار اقتصادي جديد

بينما يراهن البعض على هدوء عاصفة أسعار الفائدة، يواصل سوق العقارات في فرنسا التأرجح بين الآمال والضبابية.
فبعد شهور من التراجع الطفيف في أسعار الفائدة على القروض العقارية، يعود القلق مجددًا مع مؤشرات على احتمال الارتفاع خلال الربع الثاني من 2025.
توقعات بارتفاع الفوائد
وتشير آخر البيانات الصادرة عن مرصد CSA/Crédit Logement إلى أن أسعار الفائدة على القروض العقارية، التي انخفضت منذ بداية 2025 لتسجّل معدلًا قدره 3.16% في الربع الأول، مرشحة للارتفاع مجددًا خلال الربع الثاني، لتصل إلى نحو 3.25% (دون احتساب الرسوم والتأمين).
أما بالنسبة للقروض طويلة الأجل (20 عامًا فأكثر)، فقد بلغت التكلفة الإجمالية 3.98% وفقًا لتقديرات بنك فرنسا.
تنافسية شرسة
وكانت فلورنس بوردين، مديرة تطوير الأسواق في مصرف كريدي أغريكول، قد صرحت لوسائل الإعلام الفرنسية إنه ينبغي للأسر الفرنسية ألا تتردد في التقدم للحصول على قروض من الآن، قبل أن تستقر السوق وتعود الأسعار إلى الارتفاع بشكل تدريجي".
وفيما تواصل البنوك الفرنسية تبنّي سياسة تنافسية شرسة للحفاظ على حصصها السوقية، فإن قرار البنك المركزي الأوروبي الصادر مؤخرًا بخفض معدلات الفائدة المرجعية بمقدار 0.25 نقطة، يمثل إشارة دعم للأسواق الائتمانية في منطقة اليورو، وسط مخاوف من حرب تجارية تلوح في الأفق بسبب سياسات الولايات المتحدة.
بدوره، قال ميشيل مويار، أستاذ الاقتصاد بجامعة باريس ومسؤول مرصد Crédit Logement/CSA لـ"العين الإخبارية":" إن "البنوك الفرنسية بعثت رسالة واضحة مفادها أنها لا تنوي الخروج من سوق الإقراض العقاري. لذلك، من المتوقع أن تبدأ الأسعار بالاستقرار حول 3% مع نهاية العام، وأن تشهد المزيد من التراجع التدريجي خلال عام 2026. غير أن هذا السيناريو يبقى مشروطًا بعدم تفاقم الصدمات الجيوسياسية أو التجارية العالمية".
من جهته، قال باسكال كوتينيو، الخبير اقتصادي مكلف بمهمة في قطاع العقارات لدى Crédit Mutuel Arkéa لـ"العين الإخبارية":" إن "السوق يشهد وضعًا نادرًا يتمثل في أزمة مزدوجة تشمل العرض والطلب في آنٍ واحد. المعاملات العقارية تتركز حاليًا في المدن الصغيرة والمتوسطة، بينما تواجه مدن كبرى مثل رين، نانت وليون صعوبات متزايدة، مع تباطؤ ملحوظ في وتيرة المبيعات وامتداد فترات الانتظار لإتمام الصفقات".
وضع المشترين والمبيعات
رغم الإجراءات الحكومية الأخيرة، مثل توسيع نطاق القرض المدعوم بدون فائدة (PTZ) منذ أبريل 2025، فإن حجم القروض الجديدة لا يزال عند أدنى مستوياته منذ عام 2024، بحسب بنك فرنسا.
كما تظهر مؤشرات معهد INSEE أن نوايا الشراء تبقى متواضعة، سواء في سوق العقارات الجديدة أو القديمة، بحسب صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية.
في هذا السياق، تُشكّل فئة المالكين الجدد شريحة محورية في السوق، فهم يمثلون عملاء المستقبل الذين يحفزهم الدعم الحكومي وخطط التيسير المالي. في المقابل، يبرز دور المالكين الثانويين، وهم أولئك الذين يبيعون مساكنهم لشراء أخرى، مستفيدين من سيولة عالية نتيجة إعادة البيع، وهو ما يسمح لهم بتمويل مشترياتهم مع نسب جهد معقولة.
ضبابية الاقتصاد
وتشير بيانات موقع Empruntis إلى أن هذه الفئة غالبًا ما تتكون من عائلات في الأربعينات من العمر، لديها أطفال، وتفضل شراء منازل قديمة يبلغ متوسط سعرها 390,800 يورو. وتبلغ دخول هذه الأسر حوالي 5,955 يورو شهريًا، بما يسمح لهم بتحمل أقساط لا تتجاوز نسبة 35% من دخلهم الشهري.
وبين ضبابية الاقتصاد العالمي والتحديات الداخلية التي تعصف بسوق العقارات الفرنسي، يتضح أن استقرار أسعار الفائدة على القروض لن يكون فوريًا، لكنه يبقى ممكنًا بحلول نهاية عام 2025، على أن يشهد منحى أكثر وضوحًا في عام 2026.
ويرى الخبراء أن البنوك ستظل تحافظ على حضورها في السوق، لكن الخطوة القادمة تتوقف على قدرة السياسات النقدية والحكومية على تحفيز العرض والطلب سويًا، وضمان بيئة مستقرة للمستثمرين والمشترين المحتملين.
aXA6IDMuMTMxLjgzLjE2NSA= جزيرة ام اند امز