"نيران صديقة".. باحث أمريكي يرصد مخاطر البكتيريا الخاملة داخل الجسم (حوار)
تعد العدوى بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية واحدة من أكبر المشكلات الصحية، والتي يمكن أن يكتسبها الشخص أثناء العلاج بالمستشفيات.
وتدفع هذه البكتيريا المستشفيات لكي تنظم بروتوكولات صارمة للنظافة والصرف الصحي لحماية المرضى من البكتيريا.
لكن، ورغم هذه البروتوكولات الصارمة، لا يزال الناس يصابون بهذه البكتيريا، بل وتظهر سلالات جديدة، على ما يبدو من العدم، لإصابة الناس في المستشفيات، وهو ما أثار اهتمام فريق بحثي أمريكي من جامعة واشنطن الأمريكية، والذي اكتشف خلال دراسة نشرت في العدد الأخير من دورية "ساينس ترانسليشن ميدسين"، أن المشكلة قد تأتي من "نيران صديقة" يحملها الشخص بداخله، وهي بكتيريا تكون خاملة، يحدث لها تنشيط، مع استخدام بعض الأدوات الجراحية.
فكيف يمكن الوقاية من هذه النيران الصديقة، وما هي الخطوات التالية التي سيعمل عليها الفريق البحثي بعد هذا الاكتشاف المهم.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها الدكتور ماريو فيلدمان، أستاذ علم الأحياء الدقيقة الجزيئي، ورئيس الفريق البحثي، في حواره لـ"العين الإخبارية".. فإلى نص الحوار..
بداية: حسب ما قرأت في البيان الصحفي الذي أصدرته جامعة عن هذا الاكتشاف، فإن عدوى البكتيريا بالمستشفيات من ضمن الاهتمامات البحثية الرئيسية لك، لماذا تهتم تحديدا بهذا المجال؟
ببساطة، لأن عدوى البكتيريا بالمستشفيات يمكن أن تكون قاتلة للمرضى، وهي بالفعل تتسبب في وفاة ما يقرب من 100 ألف شخص كل عام في مستشفيات الولايات المتحدة، وكان الشيء المحير لنا، هو أنه بالرغم من بروتوكولات النظافة الصارمة في المستشفيات، كانت تظهر سلالات جديدة من هذه البكتيريا، حتى صار السؤال هل تأتي لنا هذه البكتيريا من العدم، لكن دراستنا تقول إن المرضى أنفسهم قد يحملون هذه البكتيريا.
وكيف توصلتم لهذا الاكتشاف؟
من خلال التجارب على الفئران، وجدنا البكتيريا الخطيرة التي تسبب الالتهابات للمرضى في المستشفيات وهي بكتيريا "الراكدة البومانية"، يمكن أن تكون خاملة في الجسم، لكنها تنشط عند استخدام الأدوات الجراحية، وقد وجدنا أنه عند إدخال أنابيب معقمة، تسمى القسطرة، في المسالك البولية، وهي تستخدم بشكل شائع في المستشفيات لتفريغ المثانة من الأشخاص الذين يخضعون للجراحة، أدى ذلك إلى تنشيط بكتيريا "الراكدة البرومانية"، وتحويلها من الحالة الخاملة، إلى النشيطة، مما أدى إلى تكاثرها والتسبب في عدوى المسالك البولية.
وما خطورة هذه البكتيريا؟
هذه البكتيريا تحديدا تمثل تهديدا للأشخاص الذين يدخلون المستشفى، حيث تتسبب في العديد من حالات عدوى المسالك البولية لدى الأشخاص الذين يعانون من القسطرة البولية، والالتهاب الرئوي لدى الأشخاص الذين يستخدمون أجهزة التنفس الصناعي، والتهابات مجرى الدم لدى الأشخاص الذين لديهم قسطرة خط مركزي في عروقهم، وتشتهر بمقاومة مجموعة واسعة من المضادات الحيوية، لذلك يصعب علاج مثل هذه العدوى ويمكن أن تتحول بسهولة إلى مميتة.
يبدو لي وكأن نتائج دراستكم تبرئ المستشفيات من التسبب في عدوى البكتيريا؟
نحن لا ننكر مسؤولية المستشفى، حيث يحدث انتقال للمرض في المستشفى، ولكن ما أظهرناه، من خلال العمل في الفئران، هو مسار آخر للعدوى، حيث يمكن أن تتواجد البكتيريا في المثانة وتسبب العدوى عندما يتم قسطرة المرضى، ويمكننا أن نفكر في هذا على أنه "المريض صفر"، يجلب سلالة جديدة إلى المستشفى، ومن ثم يمكن أن يحدث الانتقال بين المرضى، وهذا مستوحى من العمل المنجز في عدوى المسالك البولية القولونية، والتي تسبب التهابات متكررة عن طريق الاختباء في المثانة.
وكيف يعرف الإنسان أنه يحمل هذه البكتيريا؟
للأسف لن يعرف أي شخص أنه حامل لتلك البكتيريا، لأنها تكون خاملة، ولا تسبب له أي أعراض، ويكون بصحة جيدة.
أخيرا: ألا تعني نتائج دراستك أن المستشفيات ستحتاج إلى إجراء تحليل للمريض قبل استخدام قسطرة المسالك البولية معه؟
قد يكون ذلك ضروريا للغاية في المستقبل، على الرغم من أن كيفية القيام بذلك لا تزال غير واضحة، ولكن المؤكد أنه يجب التفكير في ذلك، لأنني أعتقد أن نسبة مئوية من السكان تحمل (الراكدة البرومانية)، وطالما أنهم يتمتعون بصحة جيدة بشكل أساسي، فهي لا تسبب أي مشاكل، ولكن بمجرد دخولهم المستشفى، يصبح الأمر مختلفا، وهذا يغير طريقة تفكيرنا في السيطرة على العدوى، حيث يمكننا البدء في التفكير بكيفية التحقق مما إذا كان المريض حاملا للبكتيريا أم لا.
aXA6IDMuMTM5LjY3LjY3IA== جزيرة ام اند امز