من «فيات» إلى «ستيلانتيس».. «أنطونيو فيلوسا» يقود مستقبل صناعة السيارات

في عالم صناعة السيارات المتغير بسرعة، يبرز اسم أنطونيو فيلوسا كرمز للقيادة والتجديد. بدأ فيلوسا رحلته المهنية داخل شركة فيات كرايسلر، حيث صقل خبراته وتدرج في المناصب حتى أصبح من أبرز القادة في القطاع.
واليوم ينتقل هذه الإيطالي ليقود مجموعة ستيلانتيس العملاقة، بعد تعيينه رئيسا جديدا للشركة الفرنسية-الأمريكية-الإيطالية، ليضع بصمته في رسم مستقبل صناعة السيارات، خلفًا لكارلوس تافاريس الذي غادر المنصب في بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقد اتفق كبار المساهمين في المجموعة، وعلى رأسهم عائلتا إلكان وبيجو، بالإضافة إلى بي بي آي فرانس، على هذا الاختيار، وبموجبه سيتولى فيلوسا مهام منصبه بدءًا من 23 يونيو/حزيران، ومن المتوقع أن يُعين أيضًا في مجلس الإدارة خلال اجتماع عام استثنائي.
تفوق على وريث تافاريس
بدأ فيلوسا مسيرته المهنية في شركة فيات عام 1999، وقال عنه جون إلكان في بيان المجموعة الصادر صباح اليوم الأربعاء: قيادته القوية والفعالة في أمريكا الشمالية والجنوبية، في وقت يشهد تحديات غير مسبوقة، أكدت أنه يمتلك الصفات الضرورية لمنصب الرئيس التنفيذي". فيما أكد روبرت بيجو، نائب رئيس مجلس إدارة ستيلانتيس: نرحب بالإجماع بتعيين أنطونيو رئيسًا تنفيذيا جديدا".
لم يكن تعيين الإيطالي في رأس الشركة مفاجئة، فقد تم تداول اسمه بقوة خلال الأشهر الماضية، ويعد هذا التعيين تتويجًا لـ"25 عامًا من النجاح في صناعة السيارات" كما أشارت المجموعة. فداخل الشركة، تفوق فيلوسا على الفرنسي ماكسيم بيكات، الذي كان يُعتبر لفترة طويلة الوريث المحتمل لكارلوس تافاريس، وفق لصحيفة "ليزيكو" الفرنسية.
كان أنطونيو فيلوسا يشرف منذ عدة أشهر على منطقة الأمريكتين الكبرى، بعد أن ترقى تدريجيًا وحقق سلسلة من النجاحات التجارية لصالح فيات-كرايسلر ثم ستيلانتيس في أمريكا الجنوبية. وذكر نيكولا دوفورك، رئيس بي بي آي فرانس،: في وقت يشهد تحولًا في صناعة السيارات العالمية، يمتلك أنطونيو فيلوسا المعرفة والخبرة والموهبة اللازمة لقيادة ستيلانتيس نحو نجاحات جديدة".
لقد أثارت مدة الفراغ القيادي التي استمرت ستة أشهر على رأس إدارة "ستيلانتيس" تساؤلات لدى المراقبين. صحيح أن جون إلكان لم يتردد في تولّي هذه المرحلة بنفسه في خضمّ فترة من الاضطرابات الشديدة، ساعيًا إلى إعادة بناء الجسور بين المجموعة وأصحاب المصالح بعد حقبة كارلوس تافاريس التي اتسمت بالصدامات. وإدراكًا منه بأن تأخير التعيين قد يبدو طويلًا، أوضح إلكان صباح الأربعاء أن المجموعة أجرت "عملية بحث معمّقة عن مرشحين من داخل الشركة وخارجها".
لحظة مفصلية
ورغم أن سِجِل فيلوسا ومسيرته المهنية وإنجازاته تجعل منه مرشحًا طبيعيًا لتولي دفة القيادة، فإن مؤهلاته لا تستوفي تمامًا المعايير التي حددها جون إلكان خلال لقائه مع المحللين الماليين في فبراير/شباط، حين تحدث عن "قائد يفهم التكنولوجيا" — ما فُهم منه تلميح إلى مرشح من قطاع التكنولوجيا.
في الثانية والخمسين من عمره، يتولى هذا المهندس قيادة المجموعة في توقيت بالغ الحساسية. فقد بدأت "ستيلانتيس" تفقد موقعها خلال الأشهر الـ18 الأخيرة في أسواقها الأساسية، الأوروبية والأمريكية، ما أدى إلى هبوط حاد في أرباحها خلال عام 2024. إذ تراجعت بنسبة 70% خلال عام واحد، لتستقر عند 5.5 مليار يورو فقط، مقابل 18.6 مليار في 2023.
وكان جون إلكان، الذي تولّى الرئاسة التنفيذية مؤقتًا، قد باشر تصحيح المسار. لكن أنطونيو فيلوسا سيجد نفسه مطالبًا بسرعة بوضع خطة استراتيجية جديدة للمجموعة. فقد سبق أن قدم سلفه، كارلوس تافاريس، خطته المسماة (Dare Forward تجرأ وتقدم إلى الأمام) في 2022، في ذروة الحماسة لأسهم "تسلا"، متعهدًا حينها بمضاعفة الإيرادات بحلول 2030 وتحقيق هامش ربحي ثنائي الرقم طوال العقد، وهي وعود باتت اليوم بعيدة المنال.
- "ستيلانتيس" الفرنسية أحدث ضحايا أزمة الرقائق.. القائمة طويلة
- "ستيلانتيس" صوب الكهرباء.. أكبر تحالف سيارات يودع الديزل
الثقة طريق نحو التميز
كان البرتغالي (كارلوس تافاريس) قد راهن بشكل كامل على كهرباء السيارات في تشكيل مجموعة الطرازات. جميع هذه الأهداف المالية والصناعية تبدو اليوم بعيدة المنال.
وتيرة التحول الطاقي تتباطأ في الولايات المتحدة وأوروبا. وشهدت شركة ستيلانتيس انخفاضًا في هامش الربح التشغيلي إلى النصف العام الماضي، ليصل إلى 5.5%، ولا يتوقع أحد عودة الهامش فوق 10% في المستقبل القريب.
هذا من حيث الجوهر. أما من حيث الأسلوب، فقد حرص أنطونيو فيلوسا على التأكيد أنه سيتبع نهجًا معاكسًا لكارلوس تافاريس في إدارة الموارد البشرية. حيث كان سلفه لا يتردد في التعامل بخشونة مع فريقه، يصر الإيطالي على أن "الثقة التي نمنحها لفرقنا هي الطريق نحو التميز".