من قابوس إلى هيثم.. الإمارات وعمان أخوة وتعاون
العلاقات الثنائية الأخوية بين الإمارات وسلطنة عمان تزداد تمسكاً ورسوخاً في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان
شهدت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وسلطنة عمان تطورا ملحوظا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد.
ومع تولي السلطان هيثم بن طارق آل سعيد مقاليد الحكم، السبت، خلفا للسلطان قابوس، الذي وافته المنية مساء الجمعة، عن عمر ناهز 79 عاما، يتوقع أن يستمر الزخم في علاقات الأخوة والتعاون بين البلدين، وأن تتزايد وتيرته، قياسا للعلاقات القوية التي تجمع السلطان الجديد بأشقائه قادة الإمارات، كما كان الحال مع السلطان الراحل قابوس بن سعيد.
تقدير ووفاء
ونعى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات ببالغ الحزن والأسى أخاه السلطان قابوس، داعيا الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم سلطنة عمان وشعبها والعائلة المالكة الكريمة جميل الصبر والسلوان.
وقال في بيان أصدرته وزارة شؤون الرئاسة: "إننا ننعى اليوم زعيما من أبرز وأخلص أبناء الأمتين العربية والإسلامية أعطى الكثير لشعبه وأمته ووهب حياته دفاعا عن قضاياها بصدق وإخلاص وتجرد".
ونوه بمناقب الفقيد الذي عمل دون كلل على تقوية البنيان العربي وتعزيز تماسكه، مؤكدا أن الأمتين العربية والإسلامية فقدتا قامة كبيرة وقيادة تاريخية لم تتوانَ عن خدمة قضايا أمتها حتى آخر لحظة من حياتها".
وقد أمر الشيخ خليفة بإعلان الحداد لمدة 3 أيام اعتبارا من اليوم السبت، وتنكيس الأعلام خلالها بجميع الدوائر الرسمية داخل الإمارات وسفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج.
كما أمر الشيخ خليفة بإقامة صلاة الغائب على روح الفقيد السلطان قابوس في جميع مساجد الدولة بعد صلاة المغرب اليوم السبت.
وبعث الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان برقية تعزية إلى أخيه السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عمان، عبر فيها عن خالص تعازيه وصادق مواساته في وفاة السلطان قابوس بن سعيد.
كما بعث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، برقيتي تعزية مماثلتين إلى السلطان هيثم بن طارق آل سعيد.
كذلك نعى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، السلطان قابوس، واصفا إياه بأنه كان أخا عزيزا وقائدا حكيما، وقامة تاريخية كبيرة، ورفيق درب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وفي تغريدة حملت كلمات مؤثرة، قدم الشيخ محمد بن زايد التعازي لأسرة الفقيد الراحل وشعب عمان، داعيا الله أن يتغمد السلطان قابوس "بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته".
الإمارات وعمان.. علاقات قوية
وأدى السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، السبت، اليمين الدستورية سلطانا جديدا لعمان، خلفا للراحل السلطان قابوس بن سعيد.
وقال السلطان هيثم بن طارق آل سعيد -في كلمة عقب أدائه اليمين الدستورية- إنه سيتبع خط الراحل السلطان قابوس بن سعيد، في سياساته الخارجية والتعاون الدولي.
وتابع: السلطان قابوس أرسى مكانة دولية لسلطنة عمان، ونحرص على عدم التدخل في شؤون الغير، كما سنواصل مع الأشقاء في دول الخليج مسيرة التعاون والتعاضد.
وتحرص الإمارات وسلطنة عمان على التنسيق المتبادل بينهما في مختلف المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يخدم مصلحة الجانبين.
وتعود العلاقات الإماراتية - العمانية لعقود مضت، وشكلت الزيارة التاريخية للشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان –رحمه الله- إلى سلطنة عمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم على أثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية" بدلاً من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.
وازدادت العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين تماسكاً ورسوخاً في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حيث تعد هذه العلاقة مثالاً للروابط القوية المتأصلة في وجدان البلدين وتاريخهما المشترك إلى جانب الزيارات المتبادلة بين القيادتين.
وتترجم معدلات النمو المتزايدة لحجم التبادل التجاري والاستثماري المشترك، حالة التفاهم والترابط التي تجمع البلدين، إذ سجل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نحو 45 مليار درهم نهاية عام 2018، فيما تعد السلطنة ثاني أهم شريك في التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات على المستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتستحوذ على ما نسبته 20% من إجمالي التجارة غير النفطية للدولة مع دول مجلس التعاون الخليجي.
ويقدر متوسط النمو في حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين خلال السنوات الخمس الماضية بنحو 10%، وبلغ عدد الشركات الإماراتية والعمانية الإماراتية المشتركة العاملة في السلطنة حتى يناير 2019 نحو 2800 شركة، فيما يوجد نحو 320 علامة تجارية و22 وكالة تجارية عمانية مسجلة في دولة الإمارات حتى نهاية 2018.
كما تجمع البلدين الشقيقين علاقات اجتماعية وثقافية تمتد جذورها إلى عمق التاريخ، ويتقاسم البلدان موروثا ثقافيا مشتركا من فنون وآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي.
هيثم بن طارق والإمارات.. رسائل متبادلة وزيارات متواصلة
ومع تولي السلطان هيثم بن طارق آل سعيد مقاليد الحكم، السبت، يتوقع أن يستمر الزخم في علاقات الأخوة والتعاون بين البلدين، وأن تتزايد وتيرته، قياسا للعلاقات القوية التي تجمع السلطان الجديد بالإمارات وقادتها وشعبها.
وخلال عمله كوزير للتراث والثقافة، وهو المنصب الذي شغله منذ عام 2002، وحتى توليه الحكم، كان هيثم بن طارق حريصا على المشاركة في مختلف الفعاليات الثقافية والرياضية المهمة في الإمارات، والتواصل مع أشقائه قادة الإمارات.
ففي أكتوبر الماضي، بعث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رسالة خطية إلى هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة العماني آنذاك، وذلك في إطار العلاقات الأخوية المتميزة والروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين.
كما كان هيثم بن طارق حريصا على المشاركة في مختلف الفعاليات الثقافية والرياضية المهمة في الإمارات.
ففي 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، شهد هيثم بن طارق إلى جانب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ محمد بن زايد آل نهيان والأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير دفاع المملكة العربية السعودية منافسات جولة أبوظبي لبطولة العالم لسباقات الفورمولا 1 في موسم 2018 جائزة الاتحاد للطيران الكبرى، وذلك على مضمار حلبة مرسى ياس في أبوظبي.
كما كان هيثم بن طارق من أبرز ضيوف الإمارات، الذين حضروا في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، والذي افتتحه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وجرى خلال تلك الزيارة بحث العلاقات الثنائية المتميزة بين الإمارات وسلطنة عمان واستعراض التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات وسبل تطويره وتنميته بما يعود بالنفع على الشعبين.
كما عبر هيثم بن طارق عن حبه للإمارات ومكانتها لديه، خلال زيارته في 29 يوليو/تموز 2015 لجناح دولة الإمارات في "إكسبو ميلانو 2015".
وأشاد، خلال الزيارة، بتميز جناح الإمارات في إكسبو ميلانو بتفرده في تصميمه الذي يستوحي البيئة الصحراوية لدولة الإمارات وكيف تحدى الإنسان الإماراتي هذه الصعاب للوصول إلى ما وصلت إليه الدولة من تقدم وازدهار في جميع المجالات المختلفة.
كما سبق وأن أشاد "بجائزة خليفة التربوية"، مؤكدا أنها تمثل إحدى المبادرات الرائدة لدعم جهود العاملين في قطاع التعليم في الوطن العربي.
كما حرص هيثم بن طارق أكثر من مرة على المشاركة في الاحتفالات التي تنظمها سفارة الإمارات في مسقط بمناسبة العيد الوطني للإمارات، وكان حريصا باستمرار على لقاء سفراء الإمارات المتعاقبين وبحث سبل تعزيز التعاون بين الإمارات وسلطنة عمان في المجالات الثقافية.
ومع توليه مقاليد الحكم، يتوقع أن تزداد العلاقات الثنائية الأخوية بين الإمارات وسلطنة عمان تماسكاً ورسوخاً خلال الفترة المقبلة.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA= جزيرة ام اند امز