الإحباط يضرب الجماعات الإرهابية في مصر
الشواهد كلها تقود لتأكيد أن الجماعات الإرهابية تعاني حالة إحباط كبيرة في مصر حالياً
تعد الكمائن الأمنية صيداً ثميناً لعناصر الإرهاب في كل مكان بالعالم، وتأتي مصر كأحدث الدول التي شهدت تنفيذ هجمات إرهابية على الكمائن الأمنية فيها بطرق متعددة.
كان آخر هذه الهجمات في مدينة العريش بشمال سيناء، حيث تصدت الشرطة المصرية بشكل حاسم، صباح الإثنين الماضي، لهجوم إرهابي مسلح شارك فيه ما يقرب من 20 عنصراً مسلحاً، حاولوا اقتحام كمين "المطافئ" بدائرة قسم ثالث العريش باستخدام قذائف (آر.بي.جي) وسيارة مفخخة، فضلاً عن كثافة نيرانية من الأسلحة الآلية والمتوسطة وزرع عبوات متفجرة بنطاق الكمين، وتمكنت القوات من تفجير السيارة المفخخة قبل وصولها للكمين والتعامل مع العناصر الإرهابية وإسقاط 5 قتلى منهم، كما نجحت القوات في إبطال مفعول العبوات الناسفة التي تم زرعها، إلا أنه في المقابل سقط 8 شهداء من القوات بينهم رجل مدني.
إلا أن الشواهد كلها تقود لتأكيد أن الجماعات الإرهابية تعاني حالة إحباط كبيرة في مصر حالياً.
ولكن متى تنفد طاقة الإرهاب؟ ولماذا تُستهدف الكمائن الأمنية على وجه الخصوص؟ وما الطرق التي تسلكها الأجهزة الأمنية لمزيد من السيطرة على عناصر الإرهاب؟
إرهاب أقل في 2017:
يقول اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن معياراً أساسياً يبشر بتراجع الإرهاب في مصر بصورة كبيرة خلال العام الجاري 2017 ، متمثل في اقتناع المدنيين بأنهم جزء مهم جداً في دائرة المعلومات الخاصة بالجيش والشرطة.
وأوضح الحلبي، في تصريح خاص لبوابة "العين" الإخبارية، أن عناصر الإرهاب تنتهج استراتيجية الاحتماء بين المدنيين والتجهيز لعملياتهم من قلب التجمعات المدنية، وهم مضطرون لذلك لأن أي طريقة أخرى ستعرضهم للاكتشاف سريعاً من قبل الجيش و الشرطة، والتعاون المدني مع أجهزة الأمن قلص العمليات الإرهابية كثيراً خلال الفترة الماضية، وسيحقق نتائج إيجابية جداً خلال الفترة المقبلة.
وقال إن بعداً إقليمياً أيضاً مطلوب تأديته ويتمثل في ضرورة أن تشارك دول المنطقة بصورة كبيرة في تعقب عناصر الإرهاب ومُصدري الفتاوى المغلوطة التي توصي باستهداف العسكريين من الجيش والشرطة، لافتًا إلى أن تحقق هذا البعد لن يسهم في تقليص الإرهاب بمصر فقط، وإنما في مختلف الدول التي تعاني من الإرهاب.
وأكد أن منحنى الإرهاب في مصر خلال الأعوام الـ3 الماضية تقلص بشكل كبير جداً؛ لأن المكافحة باتت تتم بصورة "استباقية".
نصف ساعة لتدخل الجنة:
ومن جانبه قال اللواء دكتور سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالقوات المسلحة المصرية، إن مصر تسير بخطى ثابتة في طريق مكافحة الإرهاب وقوتها على الجبهة تجعل الهزيمة الكاملة قاب قوسين أو أدنى، والأرقام التي تعرض للجهود الأمنية في مواجهة هذا الخطر خلال العامين الماضيين تبشر باقتراب النهاية.
وأوضح فرج في تصريح خاص لبوابة "العين" الإخبارية، أن منحنى مكافحة الإرهاب تدرّج من 594 عملية إرهابية في عام 2015، إلى 199 عملية في 2016، وهو ما يؤكد تناقص العمليات الإرهابية.
وأضاف: من الحقائق الأمنية التي يعترف بها العالم، أنه لا يوجد إرهاب يهزم دولة، والنهاية الحتمية أن تهزم الدولة الإرهاب ولو بعد حين، وهو ما سيلحق بجماعات الإرهاب في مصر على كل حال، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بمدى زمني محدد لتحقيق هذه النتيجة، لا سيما أن عناصر الإرهاب بارعة في ابتكار طرق غير تقليدية لتسدد ضرباتها، وظهر مؤخراً في استخدام سيارة القمامة لاستهداف كمين العريش، الإثنين، وكذلك حوادث الدهس التي تكررت مؤخراً ولم تكن متوقعة.
وأشار إلى أن بريطانيا استغرقت 7 سنوات للقضاء الكامل على إرهابيي أيرلندا في وقت سابق، وكانوا يشبهون عناصر اليوم، فقد كانوا من العناصر المتعصبة جداً، مؤكداً أن الإرهاب لا يُهزم في عام أو 2، بل يستغرق أعواماً.
وعن سر الهمّة التي تسيطر على عناصر الإرهاب وعدم الملل من مقاومة الأمن لهم في مصر وكل مكان، قال فرج إن الإرهابي "العقائدي" أخطر العناصر على الإطلاق، لا يمل ولا يكل وتسيطر عليه فكرة أنه ينفذ عملية تستغرق نصف ساعة وبعدها ينتقل إلى "الجنة"، وهذا الاعتقاد الذي يشحذ به العقائديون أنفسهم باستمرار وبالتالي يبتكرون طرقاً جديدة طوال الوقت ليدخلوا بها الجنة!
عقلية استباقية:
ومن جانبه أكد العميد خالد عكاشة، رئيس المركز المصري للدراسات الأمنية، أن الجهات الأمنية تبتكر "الجديد" دائماً في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أنه لا يمكن الإفصاح عن تفاصيله إعلامياً حتى لا تستفيد به عناصر الإرهاب.
ويوضح عكاشة لـ"العين" أنه عقب كل حادث إرهابي تعكف الأجهزة الأمنية على دراسته ومعالجة الثغرات حتى تتفادها، و تستحدث أشكالاً جديدة للمواجهة من شأنها أن تنزل بالعدو أكبر قدر ممكن من الخسائر، والحادث الذي شهدته العريش مؤخراً وسقط ضحيته 8 شهداء من المجندين ومواطن مدني، لم يقف عند هذا الحد، فقد أحرز الجانب الأمني المصري أهدافاً أبرزها قتل 5 عناصر إرهابية فضلاً عن ضبط (14 خزينة بها العديد من الأسلحة و المتفجرات المتنوعة، وكذلك إحباط محاولة للهجوم على كمين "المساعيد" من جانب مجموعة إرهابية أخرى، وهو ما يعني أن قوات الأمن تواجه الإرهاب بعقلية استباقية تمكنها من إحباط كثير من العمليات قبل وقوعها.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMi4xOCA= جزيرة ام اند امز