تحوّلت شوارع مصر في الأيام الأخيرة إلى ما يُشبه لوحة فنية زاهية، إذ تزيّنت بمظاهر احتفالية لقرب حلول شهر رمضان المعظم.
وكعادتها السنوية، اكتظت شوارع حي السيدة زينب الشعبي في وسط العاصمة القاهرة، بمختلف أنواع الفوانيس في حالة محببة إلى القلوب تذكيها مكبرات الصوت، التي تصدح بأغان تراثية يحب المصريون سماعها مع قرب حلول الشهر الفضيل.
ويحرص البائعون على استقطاب جميع الأعمار إلى بضاعتهم، فالأطفال ينجذبون بطبيعة الحال إلى فوانيس على هيئة شخصيات كارتونية وألعاب، منها "بكار"، و"بسنت ودياسطي" و"فنانيس" و"هالك" وغيرها الكثير، أما الفئات الأكبر سناً فتنجذب إلى الأنواع الأخرى المصنوعة من الخشب والبلاستيك.
الإقبال الأكبر، بحسب ما كشفه بائعون لـ"العين الإخبارية"، كان لصالح أقدم أنواع الخامات التي تُصنع منها الفوانيس، ألا وهو الصاج، الذي ما زال يحظى بإقبال كبير.
"أساس الصنعة"
يقول إبراهيم حسام، بائع، إن الفوانيس الصاج هي "أساس الصنعة والشغل" بحسب تعبيره، منوهاً بأن هذا النوع هو الأكثر مبيعاً.
ويوضح "حسام" لـ"العين الإخبارية" أن حالة الإقبال على هذا النوع من الفوانيس يقابلها اتجاه الأطفال إلى فوانيس أخذت أشكال "فنانيس" و"كيتي" وألعاب أخرى.
ينوه "حسام" بأن أسعار الفوانيس الصاج تختلف حسب حجمها، فالأصغر منها يُباع مقابل 75 جنيهًا مصريًا، وأعلى سعر هو 450 جنيهًا، فيما تتراوح التكلفة ما بين 700 إلى 800 جنيه في حال تنفيذ فانوس عمولة (طلب مخصص للمشتري).
باستكمال جولتنا، توقفنا أمام شادر آخر ينهمك فيه الشاب محمد سيد على ببيع فوانيسه المتنوعة، ورغم وقوف كثير من أولياء الأمور أمامه لشراء "بوجي" و"طمطم" و"كيتي" و"فنانيس" و"هالك" لصغارهم، إلا أنه أكد أن الفانوس المصري التقليدي يحتفظ بالصدارة.
وصف "سيد"، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، هذا الفانوس بأنه "أجمل شيء"، مشيرًا هو الآخر إلى أن أسعاره تختلف بحسب حجمه: "الصغير الذي يوضع بداخله شمعة يتراوح ثمنه ما بين 35 إلى 45 جنيهًا، والأكبر منه يصل سعره إلى 100 جنيهات".
الأوضاع الاقتصادية الأخيرة في مصر كان لها تأثير على "بورصة الفوانيس"، فذكر "سيد": "الفانوس الصاج الأكبر حجمًا باتت تكلفته 1250 جنيهًا مصريًا، وهذا بعدما كان يبلغ في السابق 700 جنيه فقط"، ومن ثم، سألناه عما إذا أثر هذا الأمر على اختيارات الزبائن بالنسبة لأنواع الفوانيس، حتى أجاب بقوله: "محدش بيحب يزعل ابنه".
"لا نستوردها"
نفس الأوضاع وجدناها داخل الشادر الخاص بأسرة الشاب أحمد الشيمي والذي نوه بأن الفانوس الصاج عليه إقبال كبير، وهو ما يتوج جهود عائلته بأكملها بحسب إشارته، خاصةً وأن أفرادها يعملون على تصنيعها طوال العام.
نوه "الشيمي"، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، بأن أسرته لديها ورشة في أحد أزقة السيدة زينب، وفيها يعملون على لحم الصاج وتركيب الألواح الزجاجية، قبل أن تبدأ عملية التوريد لمختلف الشوادر.
شرح: "الصاج صنعتنا ولا نستوردها. ورشتنا نعمل فيها طوال أشهر السنة حتى ينتهي بنا الحال إلى توريد الفوانيس إلى عدد من التجار".
رغم تمرس "الشيمي" في بيع الفوانيس القديمة، يعرض إلى جانبها الأنواع الحديثة، خاصة التي يرتبط الصغار بها: "هناك فوانيس على هيئة كعكة، بخلاف شخصيات هالك وبسنت ودياسطي، وهذا إلى جانب نبيع الفوانيس البلاستيكية".