خبراء يبحثون بأبوظبي.. لماذا لا يحمي القانون الدولي المدنيين؟
مناقشات تخصصية على مدار يومين في عاصمة التسامح تناقش التحديات التي يواجهها القانون الإنساني الدولي.
شكلت اتفاقيات جنيف الأربعة على مدار 70 عاما منذ توقيعها عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1949 نواة للقانون الدولي الإنساني الذي ظل جدارا صامدا لسنوات طويلة حاول من خلالها حماية المدنيين وضحايا الحروب.
السنوات العشرين الأخيرة شهدت قفزات نوعية في مسيرة البشرية في ظل التطور التكنولوجي وما حققته الثورة الصناعية الرابعة من إنجازات غيرت طبيعة الحروب وملامح الصراع، حيث باتت المعارك أكثر تعقيدا والحروب والصراعات الإقليمية أكثر تشعبا.
المؤتمر الثاني للقانون الدولي الذي عقد في أبوظبي طرح من خلاله الخبراء والمفكرون الإشكاليات الحقيقية التي تعوق القانون الدولي عن أخذ مساره الطبيعي في حماية المدنيين وضحايا الحروب، وذلك من جلسات متخصصة تستمر طيلة يومين في عاصمة التسامح الإماراتية.
عمر مكي المنسق القانوني الإقليمي للجنة الدولية للصيلب الأحمر في الشرق الأوسط أشار إلى الظرفية التاريخية التي يعقد فيها المؤتمر في ظل اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط وسط بروز كبير للجماعات المسلحة في عدة دول عربية وسيطرتها على المشهد، مما يعقد طبيعة الصراع الميداني كون تلك النوعية من الحروب تندرج تحت مسمى "النزاعات المسلحة غير الدولية".
وأضاف "مكي" خلال مشاركته في جلسات اليوم الأول من منتدى القانون الدولي الإنساني أن القانون يحتاج لمزيد من الجهد من قبل الخبراء والباحثين لكي يواكب التطور التكنولوجي الذي غير طبيعة الحروب في العالم، في ظل ما تسببه تلك التكنولوجيا من آثار جسمية على الأفراد والمنشآت المدنية التي لا تعد جزءا من المعركة.
من جانبه، أوضح د. شريف عتلم رئيس محكمة الاستئناف وخبير القانون الدولي خلال مداخلاته في الجلسة الأولى من المؤتمر أن الجدل الدائر بين الخبراء طيلة السنوات الماضية حول فعالية اتفاقيات جنيف، وهل لا تزال فعالة في المشهد؛ هو جدل حول آليات التطبيق وليس الاتفاقيات نفسها، فهو يرى أن اتفاقيات جنيف كفيلة بتوفير الحقوق المطلوبة للمدنيين في الحروب وحمايتهم.
وقال خبير القانون الدولي أن 35% من الدول العربية تعاني من نزاعات مسلحة غير دولية، أي أنها لا تخضع لمعايير القانون الدولي في حماية المدنيين، لذلك لا بدّ من وجود إرادة سياسية عربية تتبع التشريعات القانونية للوصول لدليل استرشادي في التعامل مع المتطورين في نزاعات مسلحة وتوفير مخرج آمن للعودة لمربع السلام، بما لايخل بسيادة القانون.
وأشار عتلم إلى اتفاقيات أخذت سنوات طويلة لتتبلور في صورتها الحالية، مضيفا أنها أحدثت ثورة تشريعية في ذلك الوقت، لكن ذلك لا يمنع أننا بحاجة لمزيد من التطوير والمراجعة لمواكبة مستجدات العصر.
وشدد على أهمية توفير البيئة المناسبة لتدريب وتأهيل القضاة والمحققين العرب في مجال قضايا حقوق الإنسان في ظل تخصصية القضايا واختلافها عن طبيعة القضايا المدنية.
وفي سياق متصل، أكدت آن كوينتين رئيسة دائرة الخدمات الاستشارية في مجال القانون الدولي الإنساني بالصليب الأحمر أن القانون الدولي الإنساني لا بدَّ أن يوفر الحماية المطلوبة للدول في التصدي للإرهابيين في ظل الصراعات المسلحة التي باتت أكثر تعقيدا في السنوات الأخيرة.
وأوضحت "كوينتين" أن القانون الدولي الإنساني بحاجة لتجريم أشكال العنف الجسدي والاغتصاب كافة التي يتعرض لها المدنيون في الحروب في ظل ما تتكبده النساء تحديدا من ضرر نفسي وجسدي كبير إزاء تلك الانتهاكات الجسيمة.