مجموعة العشرين.. تاريخ أبرز منصة مدّت جسور التعاون بين الدول النامية والمتقدمة
يجتمع قادة أكبر اقتصادات العالم في جوهانسبرغ يومي 22 و23 نوفمبر/تشرين الثاني لحضور قمة مجموعة العشرين، وهي الأولى في أفريقيا.
وبمناسبة قرب انطلاق الاجتماع السنوي للمجموعة الدولية، الذي يُعقد في ظل تصاعد عدم الاستقرار العالمي والتوترات بين بريتوريا وواشنطن، نسلط الضوء على تاريخ مجموعة الشعرين، وما مرت به من تطورات، واسباب تأسيسها من البداية.
لماذا تم إنشاء مجموعة العشرين؟
بعد أربعة وعشرين عامًا من تشكيل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى G7، لمناقشة وتبادل الأفكار، برزت الحاجة إلى بناء جسور الحوار بين الدول النامية والمتقدمة.
وفي عام 1999، أدرك بول مارتن (رئيس وزراء كندا آنذاك) ولاري سامرز (نائب وزير الخزانة الأمريكي) ضرورة تشكيل مجموعة موازية غير رسمية تضم دولًا ذات اقتصادات إقليمية رئيسية من كل منطقة من مناطق العالم.
وقد تسارعت الفكرة لتشكيل مجموعة منفصلة بفعل الأزمة المالية في المكسيك عام 1994، ثم الأزمة الآسيوية عام 1997.
وفي عام 1997، انزلقت دول آسيوية كبرى هي كوريا الجنوبية، وتايلاند، والفلبين، وإندونيسيا، وسنغافورة، في أزمة مالية خانقة بعد أن فكت تايلاند ربط البات التايلاندي بالدولار الأمريكي، مما أدى إلى سلسلة من تخفيضات قيمة العملات وهروب رؤوس الأموال بشكل كبير.
وأثرت هذه الأزمة لاحقًا أيضًا على روسيا، التي تخلفت عن سداد ديونها، وعلى أجزاء أخرى من أمريكا اللاتينية حيث انخفضت قيمة العملة البرازيلية بأكثر من 35%.
وللتغلب على هذه الأزمة المالية، أنشأت مجموعة الدول السبع مجموعات خاصة أخرى برئاسة الولايات المتحدة لتقديم المشورة للدول الآسيوية.
في الوقت نفسه، كانت مجموعة الدول السبع شاهدة على صمود دول آسيوية أخرى خلال الأزمة، وعكس ذلك التحول الهائل في الاقتصاد الصيني والنمو الكبير في الاقتصاد الهندي في تسعينيات القرن الماضي.
لذلك، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن هناك حاجة إلى منتدى دائم للحوار غير الرسمي بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة.

ما هي مجموعة العشرين؟
في أعقاب الأزمة الآسيوية، تأسست مجموعة العشرين في 25 سبتمبر/أيلول 1999، وأعلن وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية من مجموعة السبع أنهم سيعملون معًا لإنشاء آلية غير رسمية للحوار بين الدول ذات الأهمية النظامية في إطار النظام المؤسسي لبريتون وودز.
وقد اعترف تأسيس مجموعة العشرين بالاقتصادات الناشئة والتغيير الجذري في المشهد الاقتصادي الذي شكّل العالم خلال الفترة بين عامي 1990 و2000.
وضمت المجموعة بين الدول الأعضاء، 19 دولة، هي، الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا، السعودية، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية، تركيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
وتُعدّ إسبانيا ضيفًا دائمًا، فيما تجدر الإشارة إلى أن المجموعة فقدت عضوًا واحدًا، وهو نيجيريا، حيث انسحبت من المجموعة بسبب مشاكل هيكلية في نظامها المالي، مما أدى إلى نقص تمثيل أفريقيا.
وتمت إضافة الاتحاد الأوروبي إلى المجموعة في وقت لاحق، ثم الاتحاد الأفريقي.
كيف تعمل مجموعة العشرين؟
بعد تأسيس مجموعة العشرين على مستوى قمة القادة، عُقدت عدة منتديات وزارية، بالإضافة إلى مجموعات عمل فرعية، مما أدى إلى التطور التدريجي لقمة مجموعة العشرين.
وتجتمع بعض مجموعات العمل الفرعية دوريًا، بينما قد تجتمع مجموعات أخرى بشكل غير منتظم.
ومع ذلك، يُعدّ عمل هذه المجموعات الفرعية أساسيًا في تطور المجموعة، ومثال على ذلك مجلس الاستقرار المالي.
واعتاد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية على الاجتماع بانتظام، سنويًا في البداية، حتى عام 2008.
بعد ذلك، بدأوا بعقد اجتماعات ما بين مرتين إلى أربع مرات سنويًا تقريبًا، كما بدأ نواب وزراء المالية أيضًا في الاجتماع، مما يُسهم في الاجتماعات الوزارية.
وضمن مراحل تطور المجموعة، كلف وزراء المالية ببلورة مبادرات وبرامج مُختلفة، كما حدث في عام 2011 عندما طُلب منهم العمل على خيارات تتعلق بالقدرة المالية لمجموعة العشرين، مع إشراك صندوق النقد الدولي في تقديم توجيه استراتيجي أكبر.
ومن ضمن ما كان يقدمه الصندوق من توجيه، مراجعة التقدم والإشراف على القطاع المالي، وإيجاد سبل لإصلاح قطاع الطاقة، وإعداد تقرير حول تمويل المناخ.
وأضافت قمة سيول التي أقيمت في عام 2010، التنمية إلى جدول أعمال مجموعة العشرين، إيذانًا ببدء توسع مجموعة العشرين، التي كانت تركز آنذاك على الاقتصاد والمالية فقط.
كما مثّلت هذه القمة لحظةً فارقةً، حيث كانت كوريا الجنوبية أول دولة من خارج الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية تتولى رئاسة مجموعة العشرين.

ما يميز قمة العشرين لعام 2025 الجاري؟
ستتولى جنوب أفريقيا رئاستها الدورية هذا العام، وهي المرة الأولى التي تُعقد فيها القمة في أفريقيا.
ويمثل أعضاء مجموعة العشرين 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وحوالي ثلثي سكانه.
وجنوب أفريقيا هي الدولة العضو الوحيدة من القارة بعد خروج نيجيريا من المجموعة، على الرغم من انضمام الاتحاد الأفريقي كهيئة إقليمية عام 2023.
وستشهد القمة هذا العام، مقاطعة للولايات المتحدة، حيث صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الشهر بأنه لن يحضر أي مسؤول أمريكي الاجتماع، ووصف رئاسة جنوب أفريقيا بأنها "عارٌ مُريع".
وانتقد ترامب جنوب أفريقيا بشدة في عدد من القضايا منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، لا سيما مزاعمه حول "إبادة جماعية للبيض".
وفرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 30% على جنوب أفريقيا، وهي الأعلى في أفريقيا جنوب الصحراء.
ومع ختام هذه الدورة، ستسلّم جنوب أفريقيا رئاسة مجموعة العشرين إلى الولايات المتحدة، مما يُمثل نهاية دورة رئاسات دول الجنوب العالمي التي أعقبت رئاسات البرازيل والهند وإندونيسيا.
ما يحمله المستقبل لمجموعة العشرين
وصرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه يخطط بعد تسلمه بلاده لرئاسة القمة، لتقليص حجم المجموعة بشكل جذري، والتي توسعت على مر السنين لتشمل مجموعات عمل متعددة وقضايا اجتماعية تتجاوز نطاقها المالي الأصلي.
كما تساءل الرئيس الأمريكي عما إذا كان ينبغي لجنوب أفريقيا "أن تبقى في مجموعة العشرين بعد الآن"، مما أثار تساؤلات حول مستقبل المجموعة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز