بعد 55 عاما من حكم الغابون.. "العين الإخبارية" تتعقب أسباب سقوط "آل بونغو"؟
أشرقت شمس الغابون بتوقيت غروب نظام علي بونغو الرئيس الذي حكمت عائلته البلد الأفريقي لأكثر من 55 عاما قبل أن يطيح بها العسكر.
وفجر الأربعاء، أعلن عسكريون في البلد الأفريقي إنهاء النظام القائم، بعد ساعات من إعلان النتائج الرسمية لانتخابات رئاسية فاز فيها الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة.
تداول قسري جديد على الحكم يضاف إلى قائمة تضم مالي وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري، ويطرح أكثر من سؤال عن الدوافع الداخلية وربما الإقليمية التي دفعت نحوه.
توليفة
اللواء محمد عبد الواحد، الخبير المصري الأمني والعسكري يرى أن لانقلاب الغابون دوافع عديدة.
ويقول عبد الواحد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه منذ "عام 2009، أي عقب وفاة الرئيس الراحل عمر بونغو، تم انتخاب نجله علي، وسط اعتراضات كبيرة وقتها".
وأضاف: "إلا أن الداخل الغابوني لم يكن قادرا على الحراك بسبب سيطرة عائلة بونغو على مفاصل السلطة في القيادات العليا للجيش والمخابرات العامة والعسكرية".
وتابع أن "هذه الأسرة تنتمي إلى جماعة (تابيكي)، وهي أقلية في الجنوب الغربي للغابون على الحدود مع الكونغو برازافيل، وهذه الأسرة من قرية (ليوا)، وسميت فيما بعد (بونغو فيل) نسبة للعائلة والشق الثاني من العاصمة (ليبرفيل)".
ووفق الخبير، فإن "بونغو الأب كان أيضا يتمتع بعلاقات جيدة مع دول جواره من الدول الأفريقية، فيما كان الشعب في الغابون يعاني بشكل كبير رغم أن الدولة غنية بالثروات وعلى رأسها النفط والغاز الطبيعي، وهي عضو في منظمة أوبك (الدول المصدرة للنفط)".
وأشار إلى أن "الدول الكبرى لا تريد أبدا مثل هذا السيناريو في دولة من المصدرين للنفط لضمان استمرار هذا التصدير"، لافتا إلى أن "انتخابات الرئاسة في 2016 شابتها أيضا شبهات تزوير".
وأوضح أن علي بونغو تفوق وقتها على منافسه بفارق ضئيل، حيث فاز في ثلاث ولايات فقط، في حين فاز منافسه في الست ولايات الباقية بما فيها العاصمة، ومع ذلك تم إعلان الأول رئيسا للبلاد.
تصاعد الغضب
في معرض حديثه، يستطرد عبد الواحد بالقول إن "علي بونغو تعرض لجلطة دماغية في أثناء زيارته للسعودية عام 2018، وظل بأحد مستشفيات المملكة قرابة 9 أشهر، وانتقل بعدها لفترة نقاهة في المغرب، وازدادت حالة الغضب في الشارع الذي طالب بانتقال سلطة الرئيس للسلطة التنفيذية".
واستدرك بقوله: "ولكن المحكمة الدستورية رفضت وقالت إنها فترة مرض مؤقتة"، مشيرا إلى أنه "في 2019 حدثت محاولة انقلاب لكن تم السيطرة عليها، واضطرت السلطات للقول إنها كانت محاولة ضعيفة من حرس الشرف، حتى لا يحدث انشقاق في المؤسسية التي تحكم الدولة، وتم القبض على الانقلابيين".
وتطرق الخبير أيضا إلى كواليس ما قبل الانتخابات الأخيرة، قائلا إن "المعارضة حاولت توحيد صفوفها بعدد 6 أحزاب والوقوف خلف المنافس لإسقاط علي بونغو، ولكن تم إعلان النتيجة بفوزه ما اضطر المعارضة للتشكيك في نتائج الإنتخابات التي لم تكن مراقبة".
ودعما لذلك الطرح، أشار عبد الواحد إلى "خروج الجماهير في الشوارع احتفالا بالانقلاب، وقال إن هذا سيناريو متعارف عليه للانقلابيين بالمنطقة، بأنه فور أي انقلاب، يدفع القائمون عليه بالجماهير لتأييده".
من جانبه، أكد الخبير التشادي في الشأن الأفريقي الدكتور محمد شريف جاكو، أن ما "حدث في الغابون كان متوقعا بشكل كبير، ونتيجة لفساد عائلة بونغو الحاكمة".
وقال جاكو، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الغابون تعتبر ولاية فرنسية في منطقة غرب أفريقيا، فيما الرئيس يعتبر شبه مشلول ولا يمارس أي حكم في البلاد"، مضيفًا: "تدار البلاد بالشركات الفرنسية الكثيرة الموجودة والتي تنقب على النفط على وجه الخصوص".
ولفت إلى أن "بونغو كان غائبا عن الدولة لفترات طويلة، ما أثار حفيظة الشعب وثورة الغضب الموجودة منذ إعلانه الترشح لفترة رئاسية ثالثة".
تقاعد؟
في تصريح هاتفي مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، قال الجنرال بريس كلوتير أوليغي أنغيما، قائد الحرس الجمهوري والرجل القوي الجديد في الغابون، إنه لم يخطط لأي شيء في الوقت الحالي.
وأضاف ردا عن سؤال ما إن كان يعتبر نفسه الرئيس الجديد للغابون: "هذا هو النقاش الذي سنجريه مع جميع الجنرالات. سنلتقي الساعة 2 بعد الظهر (بالتوقيت المحلي). سيطرح الجميع أفكارًا وسيتم اختيار أفضلها، بالإضافة إلى اسم الشخص الذي سيقود عملية الانتقال".
وبسؤاله عن مصير الرئيس علي بونغو، قال: "هو رئيس لدولة الغابون وهو متقاعد ويتمتع بجميع حقوقه. إنه غابوني عادي، مثل أي شخص آخر".
لكن بسؤاله عما إن كان يؤكد أن علي بونغو قيد الإقامة الجبرية بمقر سكناه في العاصمة، تحفظ المسؤول العسكري عن الرد بالقول: "لا أستطيع أن أخبرك بأي شيء، ستكتشف الأمور تباعا".
aXA6IDMuMTQ0LjM4LjE4NCA= جزيرة ام اند امز