انقلاب الغابون.. "بورصة" فرنسا بأفريقيا تدخل "المنطقة الحمراء"
كقطع الدومينو تتساقط أنظمة أفريقية تباعا بأمر العسكر، معلنة خارطة حكم جديدة أرضها بأفريقيا، لكن صداها يتردد بالقارة العجوز وتحديدا فرنسا.
فقبل أسابيع، سقطت لافتة السفارة الفرنسية في نيامي تحت أقدام محتجين مناهضين لباريس ومؤيدين للانقلاب على الرئيس محمد بازوم.
واليوم، ترتفع أصوات قسم واسع من الغابونيين يؤيدون إطاحة العسكر بنظام علي بونغو، حليف فرنسا، في حراك يشي بأن المد المناهض لباريس بدأ يتوسع بشكل مخيف ويلتهم جميع أعمدة وجودها بالقارة السمراء.
تراجع يجبر "بورصة" باريس في أفريقيا على الدخول ضمن "منطقة حمراء" قد تكتب آخر صفحات وجودها في قارة ارتبطت بها منذ عقود طويلة.
"سياسات خاطئة"
اللواء محمد عبد الواحد الخبير المصري الأمني والعسكري، يعتبر أن نجاح انقلاب الغابون يشكل "تحديا كبيرا" لفرنسا.
ويقول عبد الواحد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "موجة الغضب الممتدة في المنطقة تجاه النفوذ الفرنسي ستتسع"، مشددا على أن "كل ما يحدث هو نتيجة لسياسات باريس الخاطئة في المنطقة والتي تتعامل باستعلاء عجيب هناك، كما أن التسرع مع أي انقلاب يفقدها الكثير".
ولفت إلى أن "فكرة تجميد العضوية في الاتحاد الأفريقي لو طبقت مع الغابون ستكون اعترافا بالانقلاب كما حدث في الانقلابات السابقة، لأن هذا معناه التعامل مع نظام جديد وعدم الحديث عن أي نظام قديم".
وبحسب الخبير، فإن "السياسات الفرنسية تختلف مع سياسات أمريكا التي تبدو أكثر هدوءا مع أي انقلاب للحفاظ على مصالحها".
ولاية فرنسية؟
من جانبه، أكد الخبير التشادي في الشأن الأفريقي الدكتور محمد شريف جاكو، أن "ما حدث في الغابون كان متوقعا بشكل كبير نتيجة لفساد عائلة بونغو الحاكمة".
ويقول جاكو لـ"العين الإخبارية"، إن "الغابون تعتبر ولاية فرنسية في منطقة غرب أفريقيا، والرئيس علي بونغو هو شبه مشلول ولا يمارس أي حكم في البلاد"، مضيفًا: تدار البلاد بالشركات الفرنسية الكثيرة الموجودة والتي تنقب على النفط على وجه الخصوص".
وأشار إلى أن "بونغو كان غائبا عن الدولة لفترات طويلة، ما أثار حفيظة الشعب وثورة الغضب الموجودة منذ إعلانه الترشح لفترة رئاسية ثالثة".
وتابع أن "فرنسا لم تتعلم من أخطائها في النيجر ومن قبلها مالي وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، وكان بإمكانها أن تدير الأمور بذكاء بأن تقدم شخصا آخر من الحزب في الانتخابات حتى لا تنفجر الأمور بهذه الصورة".
وبحسب الخبير، فإن "الغابون تابعة لمنظمة وسط أفريقيا، وهي أضعف من إيكواس (مجموعة دول غرب أفريقيا)، ولا تملك ترابطا عسكريا لاتخاذ قرارات بالانتشار لإعادة الرئيس المخلوع"، مضيفًا: "إنها مجرد تكتل للتعاون الاقتصادي والجمركي فقط بين دولها الأعضاء".
ولفت إلى أن انقلاب الغابون سيخفف من الضغط الدولي على النيجر، مشيرا في الآن نفسه إلى أن "فرنسا الآن في موقف لا تحسد عليه".
وتساءل: كيف ستتعامل باريس مع انقلاب الغابون وما إذا كان موقفها سيكون بنفس حدة النيجر، أم أن الوضع سيختلف؟
بيان الانقلاب
فور إعلان فوز بونغو رسميا بحصوله على 64,27% من أصوات الناخبين، ظهرت مجموعة تضم نحو 12 عسكريا عبر شاشة محطة “الغابون 24” من القصر الرئاسي.
وقال أحد العسكريين: “نحن قوات الدفاع والأمن المجتمعة ضمن لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات، قررنا باسم الشعب الغابوني الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم“.
وأضاف: “لهذه الغاية، ألغيت الانتخابات العامة المقامة في 26 أغسطس/آب 2023 فضلا عن نتائجها“.
ومن بين هؤلاء العسكريين عناصر من الحرس الجمهوري المنوط به حماية الرئاسة فضلا عن جنود من الجيش وعناصر من الشرطة، والضباط الأربعة الكبار هم اثنان من الحرس الجمهوري ومثلهما من الجيش.
جاءت التطورات فيما تشهد البلاد حظر تجول وانقطاع الإنترنت في كل المناطق في إطار إجراءات اتخذتها الحكومة السبت قبل إغلاق مراكز الاقتراع من أجل الحؤول دون نشر أنباء كاذبة” وحصول “أعمال عنف” محتملة.
ورأى العسكريون أن “تنظيم الانتخابات لم يحترم شروط اقتراع يتمتع بالشفافية والمصداقية ويشمل الجميع كما كان يأمل الشعب الغابوني“، منددين “بحوكمة غير مسؤولة تتمثل بتدهور متواصل للحمة الاجتماعية ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى“.
aXA6IDMuMTQ1LjU3LjQxIA==
جزيرة ام اند امز