قائد انقلاب الغابون والرئاسة.. شبح عسكري في نظام مدني
وعد بتسليم السلطة للمدنيين قبل أغسطس/آب 2025، فالتزم بالسقف الزمني، لكن هل يفي العسكري الغابوني بالعهد الأكبر؟
وبعد أكثر من عام على الانقلاب، حدد الغابون 12 أبريل/نيسان المقبل موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية، في خطوة من المفترض أن تضع حدا لمرحلة انتقالية قادها العسكر، قبل تسليم السلطة للمدنيين.
الغابون تحدد موعد الانتخابات.. نهاية للحكم العسكري؟
لكن القانون الانتخابي الجديد منح العسكريين تأشيرة الترشح للمناصب السياسية العليا، ما يمنح مراقبين شبه قناعة بأن قائد الانقلاب الذي يتولى الرئاسة بالمرحلة الانتقالية بريس أوليغي أنغيما سيكون ضمن قائمة المرشحين.
وفي 30 أغسطس/آب 2023، استولى أنغيما على السلطة بانقلاب أنهى حكما طويل الأمد لسلفه علي بونغو وعائلته للدولة الفقيرة رغم ما تزخر به من ثروات نفطية.
واليوم، وبعد أشهر طويلة من الفترة الانتقالية، يطل شبح العسكري من ثنايا مشهد يشي بأنه سيكون المرشح الأبرز بالسباق المنتظر، فهل يفعلها رغم وعده السابق؟ وإن ترشح، فهل سيواجه منافسة من الوزن الثقيل؟
في قراءته لموضوع يفرض بنفسه بقوة، يقول بيرجيس مييتيه، المحاضر والباحث الغابوني في الجامعة الدولية بليبرفيل، ردا عن سؤال عما إن تفاجأ بتحديد 12 أبريل/نيسان موعدا للانتخابات، إن التاريخ كان نوعا ما منتظرا.
ويوضح مييتيه، وهو أيضا باحث مشارك في مختبر أفريقيا بالعالم بـ«معهد العلوم السياسية» في بوردو الفرنسية: «أبدا لم أتفاجأ، لأنه سرت الكثير من الشائعات حتى قبل الاستفتاء حول احتمال تنظيم انتخابات رئاسية».
وبشأن إجراء الاقتراع خلال فصل الأمطار وأيضا في أثناء العام الدراسي، أعرب الباحث، في حديث لإعلام فرنسي، عن اعتقاده أن السلطات الجديدة اتخذت مسبقا الإجراءات اللازمة لسير الانتخابات في هذا التاريخ.
وتابع: «برأيي فإنه من المفترض أن تكون عُقدت نقاشات ومشاورات مسبقة حول هذا الموضوع، للتأكد من إمكانية تنظيم الاستحقاق في أفضل الظروف».
وعن رؤيته بخصوص تداعيات تاريخ مماثل على المعارضة بعدم منحها الوقت الكافي لتنظيم صفوفها والاستعداد، يقول مييتيه: «دعنا نحدد أولا عن أي معارضة نتحدث، لأنه منذ أغسطس/آب 2023، أصبح هذا المفهوم بحاجة لإعادة صياغة».
ولفت إلى أن «جزءا كبيرا من هذه التشكيلات، سواء كانت سياسية أو مدنية، إما انضم إلى معسكر السلطة، أو أن زعماءها وجدوا أنفسهم محظورين من الترشح وفقا للقانون الانتخابي الجديد».
وبالفعل، فإنه بحسب مقتضيات هذا القانون، باتت العديد من الأسماء ممنوعة من الترشح، لكن بالنسبة لمن لا يزال مؤهلين لذلك، يعتقد مراقبون أن التاريخ المحدد يظل مفاجئا بالنسبة للمعارضة ولا يمنح حيزا زمنيا كافيا للاستعداد.
وفي تعقيبه، يرى الباحث الكونغولي أنه بالفعل، «يتطلب الترشح وخوض الانتخابات الحد الأدنى من التحضيرات، ونحن الآن على بعد أقل من 3 أشهر من الاقتراع، ما من شأنه أن يطرح إشكالات على مستوى الاستعدادات».
ومستدركا: «لكن أعتقد أن من يضع نصب عينيه الترشح، فإن استعداده من المفترض أن يكون بدأ منذ الإطاحة بنظام علي بونغو».
وشدد على أن التاريخ لم يتحدد لمفاجأة بعض المعارضين، «لأنه كما قلت كانت هناك -حتى قبل تنظيم الاستفتاء- شائعات بأن الانتخابات الرئاسية ستجري في معظم الأحوال قبل أغسطس/آب 2025، التاريخ الذي تم تحديده سلفا للانتخابات العامة، واليوم تبين أن تلك الشائعات دقيقة».
وصوت الناخبون لصالح وضع دستور جديد في استفتاء أجرته الغابون في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تنفيذا لوعد قطعه قادة الانقلاب العسكري باتخاذ خطوات نحو استعادة الحكم الدستوري.
«ما من شك»
بحسب الخبير، فإن «القانون الانتخابي الجديد الذي اعتمدته غرفتا البرلمان، يمنح العسكريين حق الترشح للمناصب السياسية العليا، رغم دعوة مضادة من عدد من رموز المعارضة».
لكنه يرى أن «هذه الدعوة التي توجهت بالخصوص إلى أنغيما إنما كانت لتذكيره أو بالأحرى دعوة للالتزام بوعوده التي قطعها على الشعب الغابوني إبان الانقلاب، خصوصا تعهده بإعادة السلطة إلى المدنيين بعد المرحلة الانتقالية».
وفي معرض رده عن سؤال حول ما سيكون عليه رد فعل الشعب الغابوني في حال قرر أنغيما الترشح وبالتالي التخلي عن وعد تسليم الحكم للمدنيين، قال الخبير: «أعتقد أنه ما من شك أن أنغيما سيترشح».
وبالنسبة له فإن «ما ينتظره الرأي العام الغابوني هو تطوير البلاد وتحديثها وتوزيع الثروات بشكل عادل.. هذا بالضبط ما ينتظره الغابونيون».
وتابع: «في حال يرى زعماء المعارضة أنه بمقدورهم تحقيق هذه المطالب والانتظارات فما عليهم سوى الترشح وانتظار حسم الناخبين».