أسعار البنزين في مصر.. هل يشهد «عيد الفطر» أول زيادة في 2025؟

تقترب مصر من تسلم الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد الدولي، في خطوة تعكس استمرار التعاون بين الجانبين لدعم الإصلاحات الاقتصادية.
يأتي ذلك بعد إدراج المجلس التنفيذي للصندوق القاهرة على جدول اجتماعاته يوم 10 مارس/آذار المقبل، في أعقاب توصل مصر إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الصندوق في ديسمبر/كانون الأول 2024 بشأن المراجعة الرابعة.
تأجيل بعض الإصلاحات
وفي النصف الثاني من 2024، طلبت الحكومة المصرية من الصندوق تأجيل بعض الإصلاحات المتفق عليها، ومنها رفع الدعم عن أسعار الوقود، وفي أغسطس/آب الماضي، وافقت إدارة الصندوق على منح مرونة أكبر للوصول إلى نقطة التعادل السعري للمحروقات بنهاية 2025، ما سمح بتخفيف بعض الزيادات الفصلية المخططة.
وأكدت الحكومة التزامها بتطبيق زيادات تدريجية حتى نهاية 2025، حيث أوضح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الدولة تسعى لتجنب أي زيادات مفاجئة قد تؤثر على المواطنين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، أكد مدبولي أن لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، المعنية بمناقشة السعر العادل للمحروقات، لن تجتمع مجددًا قبل أبريل/نيسان 2025، ما يشير إلى احتمالية تحريك أسعار الوقود خلال عيد الفطر المبارك الذي يحل في أبريل/ نيسان.
وأضاف مدبولي آنذاك، أن حسابات الدعم كانت مبنية على سعر 80 دولارًا لبرميل النفط، إلا أن الأسعار انخفضت إلى أقل من 73 دولارًا (وتدور حاليًا عند نفس المستويات)، ما سيؤدي إلى زيادات أقل من المخطط لها سابقًا.
حزمة اجتماعية جديدة
أعلنت الحكومة المصرية حزمة حماية اجتماعية جديدة بتكلفة تتجاوز 235 مليار جنيه (4.64 مليار دولار)، تتضمن مرحلتين رئيسيتين: الأولى تُطبق بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2025، والثانية تبدأ مع العام المالي الجديد في يوليو/تموز المقبل، وفقًا لوزير المالية المصري، أحمد كجوك.
وسترتفع المساندة الشهرية للمستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة" بنسبة 25% بدءًا من الشهر الجاري، بجانب تقديم دعم مباشر للعمالة غير المنتظمة، حيث سيُصرف 1500 جنيه (29.63 دولار) لكل عامل، على ست دفعات سنويًا.
وفي المرحلة الثانية، التي ستدخل حيز التنفيذ في يوليو/تموز المقبل، ستشهد زيادات كبيرة في الأجور والمعاشات، إذ سيتم رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه (138.21 دولار)، مع زيادة علاوة غلاء المعيشة إلى 1000 جنيه (19.74 دولار).
بالإضافة إلى ذلك، سيتم منح العاملين بالدولة علاوات دورية تشمل 10% للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، و15% لغير المخاطبين، بحد أدنى 150 جنيهًا (2.96 دولار) لكل فئة، إلى جانب علاوة قطعية بقيمة 300 جنيه (5.92 دولار) لجميع العاملين بالدولة، وسيستفيد أصحاب المعاشات أيضًا من زيادة 15%.
توقعات بزيادة أسعار المحروقات
وفي هذا السياق، توقع مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن تشهد أسعار المحروقات زيادة جديدة خلال العام الجاري، عقب انتهاء مهلة الستة أشهر التي تنتهي في أبريل/نيسان المقبل، حيث تعهدت الحكومة بعدم رفع الأسعار قبل ذلك.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، أوضح يوسف أن قرارات رفع أسعار البنزين تتأثر بعدة عوامل، منها اتفاق الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد، وأسعار النفط العالمية، وسعر صرف الدولار، الذي ينعكس على تكلفة استيراد المنتجات البترولية.
وأشار إلى أن الهدف من تحريك أسعار الوقود هو تقليل الفجوة بين تكلفة الإنتاج وأسعار البيع للمستهلك، بما يتماشى مع الأسعار العالمية للنفط، حيث تعتمد الدولة بشكل كبير على استيراد جزء من احتياجاتها من المنتجات البترولية، ما يستدعي إعادة النظر في هيكل الأسعار لضمان استدامة الإمدادات النفطية.
وأكد أن الحكومة تسعى لخلق بيئة اقتصادية أكثر استدامة عبر إعادة توجيه الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجًا، بدلًا من توزيعه على الجميع، لتجنب تحميل ميزانية الدولة أعباء إضافية، وهو ما يتماشى مع الإصلاح الاقتصادي، الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين توفير الدعم لمستحقيه والحفاظ على استقرار المالية العامة.
وأضاف يوسف، أن متوسط سعر خام برنت يُحتسب عند مستوى 80 دولارًا للبرميل، مما يجعل سعر البنزين المتوقع نحو 20 جنيهًا للتر، مع إمكانية تحديد سعر منفصل لكل صنف من أصناف البنزين الثلاثة، فيما تصل تكلفة إنتاج لتر السولار إلى 19 جنيهًا.
الوصول إلى سعر التكلفة
ولفت يوسف، إلى أن الوصول إلى سعر التكلفة للسولار يمثل تحديًا كبيرًا، في ظل وضوح الرؤية للقيادة السياسية بشأن تأثيراته المباشرة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، إذ إن أي تغيير في سعره قد يؤدي إلى تداعيات واسعة على تكاليف النقل والإنتاج، ما ينعكس على أسعار السلع والخدمات، ما يتطلب دراسة متأنية لضمان تحقيق التوازن بين متطلبات الإصلاح الاقتصادي وحماية الفئات الأكثر تأثرًا.
ووفقًا لتصريحات كريم بدوي، وزير البترول المصري، تقلصت الفجوة بين أسعار بيع المنتجات البترولية وتكلفتها الفعلية بشكل ملحوظ، فبعدما كانت تتراوح في وقود السيارات بين 21% و25%، تراجعت إلى ما بين 11% و15%، أما سعر الديزل، فقد انخفضت الفجوة من 42% إلى نحو 31%، مؤكدًا أن الحكومة تدعم البترول بنحو 10 مليارات جنيه شهريًا.
ورفعت مصر أسعار المحروقات ثلاث مرات خلال 2024، آخرها في أكتوبر/تشرين الأول، حيث استقر سعر بنزين 80 عند 13.75 جنيه للتر، وبنزين 92 عند 15.25 جنيه، بينما ظل سعر بنزين 95 عند 17 جنيهًا، وبلغ سعر لتر السولار 13.50 جنيه. وبحسب تصريحات رئيس الوزراء في سبتمبر/أيلول 2024، فإن تكلفة إنتاج لتر السولار تصل إلى 20 جنيهًا.
وخصصت موازنة العام المالي 2024-2025 نحو 154.5 مليار جنيه لدعم المواد البترولية، مقارنة بـ119.3 مليار جنيه في موازنة العام الماضي، بزيادة 35.1 مليار جنيه (29.4%)، كما خفضت الحكومة السعر المرجعي لبرميل النفط إلى 82 دولارًا بدلًا من 85 دولارًا في الموازنة الحالية.
قرض صندوق النقد
ومن المقرر إتمام المزيد من المراجعات لبرنامج مصر مع صندوق النقد كل ستة أشهر، وسيسمح كل منها بصرف 1.3 مليار دولار، من القرض الموقع في ديسمبر/كانون الأول 2022، والذي تم توسيعه في مارس/آذار الماضي من 3 إلى 8 مليارات دولار.
وبلغ إجمالي ما تسلمته مصر حتى الآن من قرض الصندوق نحو 1.99 مليار دولار، في حين سددت أكثر من 6 مليارات دولار للصندوق خلال العام الماضي، ومن المقرر أن تسدد قرابة 5 مليارات دولار أخرى خلال عام 2025.
ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، أصبحت مصر مؤهلة للحصول على تمويل يصل إلى 1.2 مليار دولار من صندوق الصلابة والاستدامة، سواء دفعة واحدة أو على أقساط.
aXA6IDE4LjExNy4xMi4yNDcg
جزيرة ام اند امز