مجموعات مسلحة صغيرة تبرز في غزة.. لكن الأزمة أكبر بكثير

ثمة إجماع محلي في قطاع غزة وإقليمي ودولي على أن حركة حماس لا يمكن أن تكون جزءًا من أي حل مستقبلي للقطاع.
ولكن رفض إسرائيل عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع أو الاقتراح العربي بتولي لجنة فلسطينية مستقلة المسؤولية عن إدارة القطاع لفترة انتقالية ما بعد الحرب يصعّب أكثر فأكثر فرص الحل.
ومنذ بداية العام الجاري ظهرت مجموعات مسلحة صغيرة في غزة طرحت نفسها بديلًا لحركة حماس، لكنها لم تحظَ بالدعم لا محليًا ولا إقليميًا.
فلا يمكن لهذه المجموعات أن تعمل بدون دعم مباشر أو غير مباشر من إسرائيل، وهو كفيل بابتعاد السكان المحليين عنها، سيما في ظل ما تقوم به إسرائيل بحق السكان في غزة منذ نحو العامين.
وكانت إسرائيل هي أول من أعلن عن تقديمها الدعم لمجموعة ياسر أبو شباب المسلحة في جنوب قطاع غزة.
وباءت المحاولات الكثيرة من قبل أبو شباب لنفي هذا الاتهام بالفشل.
إعادة إنتاج
ومؤخرًا ظهرت مجموعة أخرى في خان يونس جنوب قطاع غزة يقودها حسام الأسطل، وهو مسؤول سابق في أجهزة الأمن الفلسطينية ومحكوم عليه بالإعدام من قبل حركة حماس لاتهامه بالتورط في اغتيال إسرائيل لمسؤول من الحركة.
وقال حسام الأسطل لموقع "تايمز أوف إسرائيل" إن مجموعته ستستقبل "كل من يعيش تحت نير حماس"، وإن هناك ما يكفي من الطعام والماء والمأوى للجميع.
ويضيف: "في الأيام المقبلة، سنستقبل 300-400 شخص آخرين"، مضيفًا أن المجموعة تُجري عمليات تفتيش أمنية للتأكد من عدم وجود أي صلة للمنضمين بحماس.
وبحسب الموقع الإسرائيلي، فقد تمركزت مجموعة الأسطل حول قرية قيزان النجار، جنوب خان يونس مباشرة، والتي أُخليت من سكانها خلال الحرب.
ويقع الموقع على بُعد كيلومتر واحد تقريبًا من المواصي، حيث وجهت إسرائيل الفلسطينيين النازحين من مدينة غزة.
وقال: "أنا مسؤول عن المنطقة الإنسانية (الجديدة) في خان يونس"، مقارنًا جهوده بجهود ياسر أبو شباب، الذي أنشأت عصابته المسلحة هياكل أمنية وبنية تحتية مدنية كبديل لحكم حماس في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في رفح خلال الأشهر الأخيرة.
ويقول الأسطل إن الرجلين ومجموعتيهما على اتصال، "لكن كلًا منا يعمل بشكل مستقل".
وينحدر الأسطل، البالغ من العمر 50 عامًا، من عائلة بدوية في منطقة خان يونس، ويقول إنه عمل في إسرائيل لسنوات عديدة، ثم عمل لاحقًا مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عندما كانت لا تزال تسيطر على غزة.
وقد سُجن من قبل حماس عدة مرات.
ولكن الأسطل قال لموقع "تايمز أوف إسرائيل" إن هناك "تنسيقًا" بين مجموعته وإسرائيل، وأنهم قريبًا "سيعتمدون على إسرائيل لتزويدهم بالكهرباء والماء".
ويقول الأسطل إن الحركة تمتلك أسلحة للدفاع عن نفسها، وإنها تتلقى تمويلًا من مصادر متعددة، منها الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى لم يحددها، على حد مزاعمه.
وأضاف: "الناس هنا لا يريدون حماس، بل يريدون السلام مع إسرائيل".
وتابع: "عمري 50 عامًا؛ أتذكر عندما كان الجيش وإسرائيل في غزة، وكنا نعيش في سلام".
وأردف: "كان الأطفال يلعبون، ويذهبون إلى المدارس، ولم تكن هناك مشاكل. لكن اليوم، دمّر إرهاب حماس غزة وشعبها".
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة في غزة حكمًا بالإعدام على الأسطل بتهمة المشاركة في اغتيال فادي البطش في كوالالمبور عام 2018.
تشكيك بقدرتها
وتشكك وسائل الإعلام الإسرائيلية بقدرة هذه المجموعات على مواجهة حركة حماس.
وبحسب تقديرات إسرائيلية، فإن ثمة أكثر من 2500 مسلح من حركة حماس في مدينة غزة وحدها، وإنه بشكل عام فإن التقديرات تشير إلى وجود 20 ألف مسلح للحركة في قطاع غزة بأكمله.
وقد أشارت وسائل إعلام إسرائيلية، بينها إذاعة الجيش الإسرائيلي، إلى أن إسرائيل أدركت أنه من غير الممكن الاعتماد على المجموعات المسلحة الصغيرة في إدارة غزة ما بعد الحرب.
ولذلك فإن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر قرر منتصف شهر أغسطس/آب الماضي 5 مبادئ لإنهاء الحرب، أحدها "إدارة مدنية بديلة لا تتبع لحماس ولا للسلطة الفلسطينية، أي أشخاص لا يربّون أبناءهم على الإرهاب، ولا يمولون الإرهاب، ولا يرسلون إرهابيين"، وفق تعبيره.
ولاحقًا أزال نتنياهو السلطة الفلسطينية من القائمة الممنوعة، ولكنه لم يقل علنًا إنه يقبل إدارتها لقطاع غزة مكتفيًا بالقول إنه يريد سلطة مدنية لا تمول الإرهاب.
ويفرض هذا على إسرائيل القبول بالحل العربي القاضي بوجود إدارة من شخصيات مستقلة من غزة لقطاع غزة لفترة انتقالية.
ويحظى هذا الحل بالدعم من مصر، الأقرب إلى قطاع غزة، وكذلك كل الدول العربية بما فيها السلطة الفلسطينية إضافة إلى حماس.