حرب غزة في يومها الـ34.. «نكبة» على الطريق وتحذير أممي من «الكابوس»
نساء وأطفال ومسنون وأصحاب همم، يشقون طريقهم أميالا سيرا على الأقدام من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، في مشهد أعاد للأذهان صور «النكبة»
وفي أفق اليوم الـ٣٤ للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تلوح هدنة إنسانية بالتنسيق مع الولايات المتحدة، تبحث إطلاق سراح رهائن أجانب لدى حماس، مقابل وقف إطلاق النار ليوم أم يومين. بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس عن مصدر مطلع لم تكشف عن هويته.
أما ميدانيا، فاشتدت حدة القصف الإسرائيلي لمناطق متفرقة في قطاع غزة، موقعا مئات القتلى والجرحى، مع تقدم الدبابات إلى "قلب المدينة".
وعلى وقع القصف، فرّ آلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة، ومشوا أميالا سيرا على الأقدام عبر شارع صلاح الدين، وهو أحد الطريقين السريعين بين الشمال والجنوب في غزة، على طول ممر الإخلاء الذي أعلنه الجيش الإسرائيلي، في نزوح جماعي متزايد بسبب الغارات المكثفة التي باتت تستهدف إلى جانب المنازل، مدارس تابعة للأمم المتحدة تؤوي نازحين.
وفي مقاطع فيديو تداولتها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، قارن نازحون، الحركة الجماهيرية بـ"النكبة"، وهو المصطلح العربي لطرد الفلسطينيين من مدنهم في أثناء تأسيس إسرائيل في أربعينيات القرن الماضي.
وأمس الأربعاء، قال الجيش الإسرائيلي إن 50 ألفا من سكان غزة توجهوا إلى الجنوب، عبر ممر الإخلاء. في حين لم يتسن لـ"العين الإخبارية" التحقق من هذا الرقم بشكل مستقل،
وفي اليوم نفسه، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته باتت "في قلب مدينة غزة"، ووزع لقطات مصورة لعملياته البرية، تظهر فيها دبابات وجرافات عسكرية وهي تتقدم وسط مبان مدمرة بشكل شبه كامل.
وأظهرت اللقطات الجنود وهم يدخلون بعض المباني التي خرقتها القذائف والرصاص، في حين تُسمع أصوات انفجارات.
في هذه الأثناء، وصل عدد القتلى الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي المكثف على القطاع 10569، في حين بلغ عدد الجرحى 26475، وفق وزارة الصحة في القطاع.
هدنة بانتظار الرد الإسرائيلي
على وقع الحديث عن هدنة إنسانية مرتقبة، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأربعاء. يجدد موقفه الرافض لأي وقف لإطلاق النار، ما لم يتم الإفراج عن الرهائن،
وقال "أريد أن أنفي أي نوع من الشائعات التي تصلنا من كل الجهات، لأكرر بوضوح أمرا واحدا: لن يكون هناك وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن رهائننا. وكل ما عدا ذلك لا طائل منه".
في المقابل، أكد المتحدث باسم كتائب القسام أبوعبيدة، في كلمة مصورة، الأربعاء، أن "ملف الأسرى حاضر، والمسار الوحيد هو صفقة كاملة أو مجزأة للإفراج عن الأسرى".
وتزايدت في الأيام والساعات الماضية، الدعوات العربية والدولية إلى وقف إطلاق النار، وهي فكرة لا تدعمها واشنطن التي تدفع في اتجاه "وقف إنساني" لإطلاق النار وتشدد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
في طوكيو، أكد وزراء خارجية دول مجموعة السبع، الأربعاء، دعمهم "هدنات وممرات إنسانية" في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، من دون الدعوة إلى وقف إطلاق النار.
معاناة إنسانية وسقوط في "الهاوية"
إلى جانب الموت والدمار الذي يحيط بسكان قطاع غزة، يعاني القطاع المحاصر من نقص كبير في الماء خصوصا المواد الغذائية والأدوية، في حين تستمر معاناة المستشفيات التي تحتاج الى الوقود.
وفي كلمة متلفزة له، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أنه"لن يسمح بدخول الوقود، ولا وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن الرهائن".
من جهته، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في تصريح بعد زيارته إلى معبر رفح في مصر، كل الأطراف إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار "بشكل مستعجل".
وتحدث تورك عن ثلاثة أهداف لوقف إطلاق النار "يجب تلبيتها في آن معا"، وهي إيصال الاحتياجات الإنسانية "بمستويات هائلة إلى جميع أنحاء غزة" والإفراج عن كل الرهائن "من دون شروط" وكذلك "تمكين الحيز السياسي من تحقيق نهاية دائمة للاحتلال".
ووصف المفوض الأممي ما شاهده في معبر رفح قائلا "رأيت البوابات المؤدية إلى ذلك الكابوس المستمر. كابوس يختنق خلاله الناس تحت القصف المتواصل، يبكون على فقدان أسَرِهم، ويكافحون بحثاً عن الماء والغذاء والكهرباء والوقود".
واعتبر فولكر تورك أن "العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين يرقى هو أيضاً إلى جريمة حرب مثله مثل الإخلاء القسري غير القانوني للمدنيين"، مضيفا "لقد سقطنا في الهاوية. ولا يمكن لهذا الوضع أن يستمر".
مؤتمر إنساني في فرنسا
وإلى باريس، تتوجه الأنظار، اليوم الخميس، مع مؤتمر إنساني تستضيفه فرنسا، حول غزة.
ويهدف المؤتمر إلى التوصل إلى تقييم مشترك للوضع، و"تعبئة كل الشركاء والممولين للاستجابة للحاجات"، وفق ما أفاد مستشار للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
كما يسعى إلى تحقيق هدف "عملياتي"، لكن مضمونه لا يزال فضفاضا.
وتقدر الأمم المتحدة أن سكان القطاع والضفة الغربية المحتلة يحتاجون لمساعدة بحوالي 1,2 مليار دولار حتى نهاية عام 2023.