أخبار غزة..الحصار يدخل شهره الثاني ومناطق جديدة على لائحة الإخلاء

في غزة، لا يقتصر الموت على القصف الذي يحصد الأرواح، بل يمتد ليشمل المجاعة التي تفتك بالأحياء مع دخول الحصار الإسرائيلي شهره الثاني
فبعد شهر من قطع إسرائيل للمساعدات الإنسانية عن قطاع غزة، أفادت وكالات الإغاثة أن الوضع الإنساني هناك تدهور بشكل خطير، مع تفاقم معاناة مليوني مدني جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة.
وتقول الأمم المتحدة والعديد من المنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى مدنيين في غزة تحدثوا إلى شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن الجوع ينتشر، وتقلّصت فرص الحصول على المياه النظيفة، وانتشرت البراغيث في مخيمات النزوح المؤقتة.
ومع استئناف إسرائيل هجومها في مارس/آذار الماضي، والذي تضمن عدة أوامر إخلاء، تفاقمت المشاكل التي عانى منها سكان القطاع خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وقبل استئناف الحرب، أوقفت الحكومة الإسرائيلية إمدادات الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى إلى قطاع غزة، في محاولة للضغط على حماس لإطلاق سراح المزيد من الرهائن وفرض شروط جديدة على تمديد وقف إطلاق النار.
كما اتهمت إسرائيل حماس باعتراض شحنات المساعدات الإنسانية وتحويل مسارها إلى غزة، وهو اتهام أكدته الولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي.
مناطق للمرة الأولى على لائحة الإخلاء
خلال الأسبوعين الماضيين، نزح أكثر من 280 ألف شخص، وأصبحت ثلثا أراضي غزة الآن مناطق محظورة، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
والليلة الماضية أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لمناطق في المحافظة الوسطى: الصحابة، والسماح، والعودة، والزوايدة، والصلاح، وهي المرة الأولى منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وجاء في أمر الإخلاء الذي نشره المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على حسابه في "إكس": "إلى جميع سكان قطاع غزة المتواجدين في منطقة دير البلح في الأحياء: الصحابة، السماح, العودة، الزوايدة والصلاح، هذا انذار مسبق وأخير قبل الهجوم، سنهاجم بقوة شديدة كل منطقة يتم إطلاق قذائف صاروخية منها".
مضيفا "من أجل سلامتكم، عليكم الانتقال بشكل فوري جنوبا إلى مراكز الإيواء المعروفة في المواصي".
وأفاد سكان محليون "العين الإخبارية" أن حركة نزوح كبيرة شهدتها تلك المناطق طوال ساعات الليل، وسط معاناة كبيرة للأطفال وكبار السن.
يقول عاصم النبيه، المتحدث باسم بلدية مدينة غزة، لشبكة "سي إن إن، إنه بعد عدة أوامر إخلاء صدرت مؤخرا، "يُشرّد الناس حرفيا في كل مكان، على الطرق الرئيسية، وفي الحدائق العامة، وبالقرب من مكبات القمامة، وفي الساحات، وحتى في المباني المهددة بالانهيار".
وأضاف "حتى قبل أوامر الإخلاء الأخيرة، لم يكن سوى 40% من مدينة غزة يحصلون على المياه". وقدّر أن 175 ألف طن من النفايات قد تراكمت في أنحاء المدينة.
حرب بلا حدود
وصرح جوناثان ويتال، المسؤول الكبير في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأراضي الفلسطينية، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأن "حربا بلا حدود" جارية في غزة.
وفي تقرير صدر يوم الجمعة، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية: "تواجه غزة خطرا متجددا من الجوع وسوء التغذية، حيث إن الحصار الشامل على البضائع، الذي يدخل الآن شهره الثاني، يكاد يوقف توزيع الدقيق بالكامل ويغلق جميع المخابز المدعومة".
وصرح برنامج الغذاء العالمي يوم الخميس، بأن جميع المخابز المدعومة، والبالغ عددها 25 مخابزا، في جميع أنحاء غزة، قد أغلقت أبوابها بسبب نقص غاز الطهي والدقيق.
ولفت إلى أن أكثر من مليون شخص تُركوا بدون طرود غذائية في مارس/آذار، وبينما يستمر توفير الوجبات الساخنة، فإن "الإمدادات الحالية تكفي لمدة أسبوعين كحد أقصى".
آلية جديدة
وتُصر الوكالة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق عمليات إيصال المساعدات إلى غزة على ضرورة وجود "آلية منظمة للمراقبة ودخول المساعدات" لمنع حماس من "الاستيلاء على الإمدادات الإنسانية"، ولضمان بقاء عمليات المنظمات "محايدة ونزيهة".
وأوضحت وكالة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (COGAT) أن آلية جديدة تعدها ستدعم منظمات الإغاثة، وتعزز الرقابة والمساءلة، وتضمن وصول المساعدات إلى السكان المدنيين المحتاجين، بدلا من تحويلها وسرقتها من قِبل حماس.
ووفقاً لمسؤول في مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، عُرضت الآلية على منظمات الإغاثة الدولية، لكن استخدامها مشروط باتفاق لوقف إطلاق النار أو تغيير في التوجيهات الحكومية.
في هذه الأثناء، توجد كميات هائلة من المساعدات خارج غزة.
ويشير برنامج الأغذية العالمي إلى أن حوالي 89,000 طن من الغذاء تنتظر خارج قطاع غزة، بينما يؤدي نقص الغذاء إلى ارتفاع حاد في الأسعار، حيث ارتفع سعر كيس دقيق القمح بنسبة 450% عما كان عليه قبل بضعة أسابيع.
في الوقت نفسه، لفت مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن الوصول إلى المياه لا يزال "مقيدا بشدة" - حيث لا يستطيع ثلثا أسر غزة الحصول على ستة لترات (حوالي 200 أونصة سائلة) من مياه الشرب يوميا.
وبعد تحسن إنتاج المياه وإمداداتها خلال وقف إطلاق النار الأخير، تكافح الوكالات الإغاثية الآن لإصلاح وصيانة البنية التحتية.
ويؤثر هذا أيضا على الصرف الصحي في المناطق التي تزدحم بالنازحين بشكل متزايد. ووفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن "أوضاع الصرف الصحي في جميع أنحاء قطاع غزة لا تزال مثيرة للقلق"، حيث تنتشر البراغيث والعث في مواقع النزوح المؤقتة على الساحل.
غزة ما بين بايدن وترامب
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، قد ضغطت مرارا وتكرارا على الحكومة الإسرائيلية للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك إيقاف شحنة قنابل بسبب القلق على السكان المدنيين في القطاع الساحلي. لكن هذا الضغط تلاشى تقريبا في عهد إدارة دونالد ترامب، بحسب "سي إن إن".
وقال جافين كيليهر، من المجلس النرويجي للاجئين، في نهاية مارس/آذار، إن "أكثر من مليون شخص ما زالوا بحاجة ماسة إلى خيام في غزة"، لكن منظمته "لم يتبقَ لها تقريبا أي شيء لتوزيعه على الرغم من استمرارها في رؤية عمليات النقل القسري الجماعية هذه تحدث يوميا".
وأضاف كيليهر: "يقيم العديد من الأشخاص، الذين ليس لديهم مأوى بديل، في مبانٍ متضررة وغير سليمة هيكليا، حيث لا تزال تُسجل حوادث انهيار مبانٍ فوق الرجال والنساء والأطفال".
وفي الأسابيع الأخيرة، قُتل أو شُوِّه ما معدله 100 طفل يوميا في غزة، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وقالت المديرة التنفيذية للوكالة، كاثرين راسل، إن أطفال القطاع "انغمسوا مجددا في دوامة من العنف المميت والحرمان".
وتؤكد اليونيسف أنها ووكالات أخرى "لم تتمكن من توفير الملابس وغيرها من المستلزمات الأساسية حتى لأكثر الأطفال النازحين ضعفا، والذين لا يملكون سوى الملابس التي يرتدونها".
aXA6IDUyLjE1LjIzNC4yMTcg جزيرة ام اند امز