18 عاما على «انقلاب» حماس بغزة..محطات الدم والانقسام
في مثل هذا اليوم قبل 18 عاما، كانت غزة تدوي رصاصا إيذانا بانقسام مؤلم، واليوم تقذف سماؤها حمما بموت مفجع.
لم يتغير المشهد كثيرا بين الأمس واليوم، فالدماء المتناثرة في كل شبر من القطاع، تروي حكايات وذكريات "سوداء".
شواهد
في الـ14 من يونيو/حزيران 2007، بدا أن المشهد السياسي في فلسطين يتجه إلى انقسام سياسي مضطرب، حين سيطر مسلحون ملثمون من حركة حماس على قطاع غزة، بقوة السلاح.
ذكرى أليمة تمر هذه الأيام وقد لا يلاحظها أحد في زحمة يوميات ثقيلة على قطاع غزة، حيث تواصل إسرائيل حربها منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
حربٌ أودت بأرواح أكثر من 37 ألف فلسطيني في القطاع المحاصر، وشرّدت أكثر من مليون من سكانه نازحين في خيام لا تحمي من صيف القصف ولا شتائه.
وجاء "انقلاب" حماس بعد 18 شهرا من فوزها في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يناير/كانون الثاني 2006، والتي أدت إلى تشكيل أول حكومة وحدة فلسطينية برئاسة زعيم حماس إسماعيل هنية.
وأدى فوز حماس في الانتخابات البرلمانية إلى تفاقم التوترات مع حركة فتح التي تتزعم السلطة الوطنية الفلسطينية، واندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن التابعة للسلطة ومسلحين من كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة.
وبلغت التوترات ذروتها في يونيو/ حزيران 2007، عندما هاجم آلاف من عناصر حماس عدة منشآت أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية في أجزاء مختلفة من قطاع غزة.
كما هاجمت منازل العشرات من ضباط ونشطاء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية وفتح.
وتقول السلطة الوطنية الفلسطينية إن العشرات من ضباطها، تم أسرهم وإعدامهم على يد مسلحي حماس، حيث تم إطلاق النار على بعضهم أمام أفراد عائلاتهم، في مقدمتهم جمال أبو الجديان، بينما تم جر آخرين إلى الشوارع وإعدامهم دون محاكمة مثل سميح المدهون.
مشاهد أخرى من تلك الأيام الدموية، كانت شاهدة أيضا على إلقاء ضباط وناشطين من حركة فتح، من الطابق الثالث عشر في برج الغفاري في مدينة غزة، ومبان أخرى في المدينة.
حكومة برأسين
ردت القيادة الفلسطينية على الخطوة التي اعتبرتها انقلابا، بالإعلان عن إقامة حكومة جديدة برئاسة سلام فياض فيما أبقت حماس حكومتها في غزة برئاسة إسماعيل هنية.
فبات لدى الفلسطينيين لأول مرة حكومتان واحدة في الضفة الغربية وأخرى بقطاع غزة.
ولم يقبل لا المجتمع الدولي ولا الدول العربية بانقلاب حماس وهو ما انعكس كارثيا على سكان القطاع الذين باتوا في سجن كبير.
واستنكف موظفو القطاع العام في غزة عن العمل تحت حكم حماس.
ومنذ ذلك الحين، جرت مئات المحاولات في مختلف أنحاء العالم لإنهاء الانقسام الفلسطيني ولكن دون جدوى.
وجرت أبرز المحاولات في العاصمة المصرية القاهرة وكذلك في مكة بالمملكة العربية السعودية.
ويواصل طرفا الانقسام تبادل الاتهامات بشأن المسؤولية عن الانقسام البغيض ولكن دون مؤشرات على إنهائه حتى مع شلال الدم الحالي في غزة.
وبعد أن استخدمت إسرائيل الانقسام لإحباط محاولات إقامة دولة فلسطينية، لا تزال تستغله في فترة الحرب.
ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الحكم لن يكون لحماس أو السلطة الفلسطينية دون طرح بديل مقبول، بفترة ما بعد الحرب.
وما بين الأمرين، يدفع سكان غزة ثمن الخلاف بين الإخوة وكراهية الأعداء.