مجاعة غزة.. العالم يخشى «مايو الأسود»
بخلاف القتلى والجرحى تركت الحرب في غزة ندبات في جسد الإنسانية العالمية باتت آثارها غير قابلة للمحو.
الحرب المستمرة منذ 164 يوما خلفت أكثر من 31500 قتيل وأكثر من 70 ألف جريح، لكنها في الوقت ذاته تركت أكثر من مليون شخص يعانون شبح المجاعة في غزة.
وبحسب تقديرات أممية، يعاني نصف سكان غزة من "جوع كارثي"، بينما يُتوقع أن تضرب المجاعة شمال القطاع "في أي وقت" بين الآن ومايو/أيار في غياب أي تدخل عاجل لمنع ذلك.
وقالت نائبة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بيث بيكدول لوكالة فرانس برس إن "وجود 50% من كامل السكان عند مستويات كارثية، قريبة من المجاعة، هو أمر غير مسبوق".
يعادل ذلك نحو 1.1 مليون فلسطيني يعانون "انعداما كارثيا للأمن الغذائي" بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس، وفق تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي".
وفي النسخة السابقة من هذا التقرير التي نشرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اعتبر برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة أن المجاعة "مرجّحة" بحلول نهاية مايو/أيار المقبل في شمال قطاع غزة.
وقال التقرير إن "المجاعة وشيكة في المناطق الشمالية، ويُتوقع أن تحدث في أي وقت بين منتصف مارس/آذار ومايو/أيار 2024" ما لم يتم القيام بشيء للحؤول دون حصولها.
ويتسم الوضع في شمال غزة بصعوبة بالغة، وقالت بيدكول في مقابلة مع وكالة فرانس برس إنه "إذا لم يحصل تغيير في عمليات تسليم المساعدات الإنسانية فإن المجاعة ستحدث".
وأضافت "قد تكون بدأت في الشمال لكننا لم نتمكن بعد من التحقق من ذلك" بسبب عدم إمكان الوصول إلى المناطق المعنية.
من جهتها، حذّرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين في بيان من أن معايير التصنيف المرحلي المتكامل لإعلان مجاعة لم تُستَوفَ تقنيا لكن "سكان غزة يموتون من الجوع".
ويقدّر برنامج الأغذية العالمي أن واحدا من كل ثلاثة أطفال في شمال القطاع يعاني سوء تغذية، وأن "سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة يتزايد بوتيرة قياسية".
وبدأت الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إثر هجوم مسلح غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل، مما أدى وفقا للإحصائيات الإسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز نحو 250 رهينة.
وردا على ذلك شنت إسرائيل بحرب شاملة على قطاع غزة أدت، وفقا لوزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حماس، إلى مقتل أكثر من 31500 شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
وأدت الحرب الإسرائيلية إلى تدمير معظم مباني القطاع، مما أجبر جميع السكان تقريبا على ترك منازلهم، وتسبب في أزمة جوع هائلة، بسبب الدمار الهائل ووصول المساعدات الإنسانية بكميات ضئيلة.
وبحسب منظمة أوكسفام غير الحكومية فقد دخلت 2874 شاحنة إلى القطاع، أي ما يعادل "20% فقط من المساعدات اليومية" التي كانت تدخله قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأوضح برنامج الأغذية العالمي أنه ما زالت هناك "نافذة ضيقة" لمنع المجاعة، وبالتالي "نحن نحتاج إلى وصول فوري وغير مقيّد إلى الشمال، إذا انتظرنا حتى إعلان المجاعة سيكون الأوان قد فات وسيموت آلاف آخرون"، وفق سيندي ماكين.
وأشارت بيكدول إلى أن "وقفا إنسانيا فوريا لإطلاق النار" سيتيح "دخول ما يكفي من الغذاء والدواء ومياه الشرب إلى القطاع" لتجنب مجاعة، لكنّ وقفا للقتال "لا يبدو مرجحا في الأيام أو الأسابيع المقبلة".
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه من أجل تأمين الحاجات الغذائية الأساسية، يجب إدخال "300 شاحنة على الأقل يوميا" إلى غزة، خصوصا إلى الشمال، حيث تمكّنت المنظمة من نقل تسع قوافل مساعدات فقط منذ بداية العام.
ووصلت آخر 18 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية مساء أمس الأحد إلى مدينة غزة.
وفي محاولة لتوصيل المزيد من المساعدات، نفّذت عمليات إنزال جوي لمواد غذائية وبدأ المجتمع الدولي توصيل إمدادات عن طريق البحر.