قبر في غزة.. رحلة بحث مضنية عن المثوى الأخير
هل تتخيل كيف لجثمان أن يخوض رحلة بحث مضنية عن قبر وكيف يدفن العشرات بمقابر جماعية لأن عائلات بأكملها شطبت من دفاتر الوجود؟
يحدث ذلك في غزة، القطاع الذي يواجه أشرس حروبه وأشد الغارات التي سوت مبانيه بالأرض واستهدفت مرافقه الحيوية من مستشفيات ومدارس تؤوي النازحين وسيارات الإسعاف وحتى المدنيين على الطرقات.
- خبز مغمّس بالدم في مدرسة.. ملاذ نازحي غزة يتحول لجحيم (صور)
- غزة ما بعد الحرب.. أردوغان يعرض مقاربة تركيا للسلام
في بداية القصف، كان الوصول إلى مقابر غزة يشكل رحلة محفوفة بالمخاطر، لذلك تدفن الأسر الثكلى موتاها في مقابر عشوائية يحفرونها في أرض فضاء وسط حصار مُطبق يدفع القطاع الصغير نحو كارثة إنسانية.
ومع قطع إسرائيل جميع الإمدادات الخارجية من الغذاء والمياه والأدوية والوقود والكهرباء، وصلت الأزمة الإنسانية في غزة إلى مستوى جديد من الخطورة، مما فاقم حجم البؤس الذي يعاني منه سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
"ممنوع الدفن هنا"
وفي ظل استمرار القصف الذي طال المستشفيات وسيارات الإسعاف وحتى المدارس الأممية التي لجأ إليها آلاف النازحين، ارتفعت حصيلة القتلى بشكل صاروخي، ما زاد من صعوبة رحلة العثور على مقابر.
وكانت المقبرة الرئيسية في خان يونس ممتلئة تقريبا قبل وقت طويل من أحدث موجات القصف، ومثل العديد من المقابر الأخرى في غزة، وضع على سياجها لافتة مكتوب عليها "ممنوع الدفن هنا" .
وفي حديث سابق لوكالة فرانس برس، قال عادل حمادة، وهو متطوع يساعد في عمليات الدفن في خان يونس بجنوب غزة: "لا يمكن الانتظار للدفن في مكان معين".
وأضاف: "لذلك يتم حفر القبور بشكل عشوائي في عدة أماكن بمحيط البيوت وأصحاب الأراضي تبرعوا بأرض لتحويلها إلى مقبرة".
ولا يزال من يقومون بأعمال حفر القبور والدفن يحشرون الجثث هناك على الرغم من الحظر، لكن ذلك أصبح مستحيلا الآن، بعد أن جعل القصف السير على الطرق المؤدية إلى «مقبرة الشهداء»، ضربا من ضروب الانتحار.
وعلاوة على عدم وجود أي مكان شاغر فيها يمكن أن يصلح ليكون قبرا، فإن موقع المقبرة الرئيسية في خان يونس ضمن خطوط المواجهة يجعل مجرد التفكير في الوصول إليها مغامرة في حد ذاتها.
ومع امتلاء مشارح المستشفيات بالجثث التي تصل باستمرار من مواقع القصف، يتعين على العائلات البحث عن أماكن أخرى لدفن موتاهم.
والأسوأ من ذلك، أنه مع رحيل عائلات بأكملها وشطب أسماء أفرادها من سجلات الحالة المدنية، بات من الصعب التعرف على الكثير من القتلى، ما يضطر السلطات في القطاع لدفنهم بمقابر جماعية.
لا هدنة إنسانية
ورغم الوضع الكارثي في غزة، رفضت إسرائيل فكرة "هدن إنسانية" تطالب بها عدة دول بالقطاع.
وفي غضون ذلك، تواصل إسرائيل هجومها الذي باشرته قبل شهر تقريبا على حركة حماس مع "عملية برية مكثفة" وضربات استهدفت إحداها سيارة إسعاف خلفت 15 قتيلا وفقا لحماس.
وبعد لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمعة في تل أبيب، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فكرة "هدنة موقتة" من دون الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس ويبلغ عددهم 242 شخصا على الأقل.
وفيما تعارض الولايات المتحدة وقفا لإطلاق النار، دعت مرات عدة إلى وقف المعارك بشكل موقت بسبب الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مركز وعنيف.
وحتى ظهر السبت، تجاوزت حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي في قطاع غزة 9488 شخصا من بينهم 3900 طفلا، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
aXA6IDE4LjE5MC4xNjAuNiA= جزيرة ام اند امز