صورة من غزة.. سلاح «الأجساد العارية» يؤلم سكان الشمال
وجوهٌ متعبة، وأجسادٌ عارية تحكي ألف قصة وقصة.. هنا في جباليا شمالي قطاع غزة، يكتمل إطار المشهد المخيف.
صورةٌ نشرتها "سي إن إن" الأمريكية، تُظهر حشدا كبيرا من أكثر من 200 شخص، وسط أنقاض مخيم جباليا في شمال غزة.
وتُظهر الصورة، التي قالت الشبكة الأمريكية إنه تم التقاطها، يوم الجمعة، سكان مخيم اللاجئين الذين حاولوا مغادرة المنطقة بعد أن أجبرهم الجيش الإسرائيلي على الإخلاء وسط عمليته البرية الجارية هناك.
معظمهم من الرجال، وكثير منهم عراة تقريبا، وبعضهم من كبار السن، وآخرون مصابون بجروح. ومن بين الحشد تظهر طفلة واحدة على الأقل. وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في "سي إن إن".
وأفاد شهود عيان لشبكة "سي إن إن" بأنهم احتجزوا وأُمر معظمهم بخلع ملابسهم أثناء محاولتهم الفرار من منازلهم في مخيم جباليا للاجئين، ثم احتجزوا لساعات في أجواء باردة.
وفي جميع زوايا الصورة، يظهر حجم الدمار الكبير الذي لحق بالمخيم، جراء القصف الإسرائيلي، الذي تكثف في الأسابيع الأخيرة على شمال غزة، وسط موجة كبيرة من النزوح والمجاعة بعد عام واحد من الحرب التي اندلعت في أعقاب هجوم شنته حماس على بلدات إسرائيلية أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر العشرات.
ووفق مؤسسات حقوقية وأممية فإن القصف الإسرائيلي أدى إلى نزوح جميع سكان القطاع تقريبا وسط نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية.
وقدرت الأمم المتحدة حطام المباني المدمرة في الجيب الفلسطيني المحاصر بأكثر من 42 مليون طن.
تفاصيل مرعبة
يقول الفلسطينيون الذين يخلون شمال غزة إنهم يتعرضون لإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي.
تم نشر الصورة لأول مرة على قناة تليغرام إسرائيلية، في حين أنه من غير الواضح من التقطها، لكن العديد من الرجال في الصورة أخبروا "سي إن إن" أن الجنود الإسرائيليين كانوا يصورونهم أثناء احتجازهم.
ولفتت الشبكة الأمريكية إلى أنها تحدثت مع خمسة أفراد ظهروا في الصورة. وقال أحدهم ويُدعى مهند خلف، إنه وزوجته وابنه الرضيع كانوا يحاولون الهروب من المخيم باستخدام ممر آمن مخصص عندما أوقفهم الجيش الإسرائيلي.
"كنا جميعًا متجمعين في مكان واحد - رجال ونساء وأطفال وكبار السن، كان ذلك في الساعة 11 صباحا. وبعد خمس ساعات، في الساعة 4 مساء، طلبوا من النساء والأطفال المضي قدما وحمل جميع حقائبنا وممتلكاتنا"، يضيف خلف عبر الهاتف.
وبينما أشار إلى أنه سُمح للنساء والأطفال بالمغادرة، تابع "بمجرد مغادرتهم، أُمر الرجال بخلع ملابسهم والبقاء في ملابسهم الداخلية فقط. امتثلنا. جلسنا في البرد لعدة ساعات أخرى وكان الطقس شديد البرودة. كانوا يسيئون إلينا خلال ذلك الوقت، ويطلقون علينا أسماء، ويضحكون ويلتقطون الصور".
ووفقا لخلف، طُلب من الرجال في الحشد الذين شوهدوا في الصورة التقدم خمسة في كل مرة، ليتم فحصهم من قبل القوات الإسرائيلية قبل السماح لهم بالتوجه إلى مدينة غزة، التي صنفها الجيش "كمكان آمن".
قصة الطفلة التي ظهرت في الصورة
"تم اختيار بعض الأفراد للاحتجاز، بينما تم إطلاق سراح آخرين. انتهى الأمر بمعظمنا في مدينة غزة. كان الوضع مرعبا ومحزنا للغاية حيث شهدنا رجالا مسنين وأفرادا مصابين في محنة، دون أن يظهر لهم أحد التعاطف أو الرحمة".
أما الطفلة التي ظهرت في الصورة، فهي جوري أبو ورد، البالغة من العمر ثلاث سنوات ونصف، حيث كانت تركب دراجتها، في محاولة للوصول إلى مدينة غزة، عندما تم احتجازها هي ووالدها عند نقطة التفتيش.
قال والد جوري محمد أبو ورد لشبكة "سي إن إن"، إنه أُجبر على خلع ملابسه وظل محتجزا لمدة ثماني ساعات إلى جانب جوري.
وأضاف أن الفتاة لم يُطلب منها خلع ملابسها لكنها لم تتمكن من مغادرة المنطقة لأنها كانت بمفردها معه.
عمليات تفتيش متكررة في غزة
ومنذ أكثر من ثلاثة أسابيع، حاصر الجيش الإسرائيلي جباليا وأطلق هناك عملية برية جديدة، وقطع معظم الإمدادات، وأجبر السكان على المغادرة وسط قتال عنيف.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه رأى علامات على إعادة بناء حماس في المنطقة، على الرغم من عام من القصف العنيف وعمليتين بريتين سابقتين.
في الأثناء، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء متكررة لشمال غزة، بما في ذلك إسقاط منشورات فوق جباليا تحذر السكان من "الإخلاء على الفور".
وروى العديد من الفلسطينيين، لشبكة "سي إن إن"، في وقت سابق، أنهم تعرضوا لإطلاق النار أثناء محاولتهم اتباع أوامر الإخلاء.
وفي حين رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الموقف الذي تم التقاطه في الصورة، فقد اعترف بأنه كان يحتجز الناس ويفتشهم بشكل روتيني كجزء من عملياته القتالية في غزة. كما ذكرت "سي إن إن".
ولم يعلق الجيش على سؤال للشبكة الأمريكية حول كبار السن والجرحى، وكذلك الطفلة، الذين شوهدوا في الصورة.
aXA6IDMuMTM4LjEyNS44NiA= جزيرة ام اند امز