المجاعة في غزة.. «بطون خاوية» تؤجج نار الغضب ضد حماس

مع اقتراب الحرب في غزة من شهرها العشرين، تواجه حركة حماس ضغوطاً غير مسبوقة من اتجاهات متعددة.
كانت أبرز هذه الضغوط، الغضب الشعبي المتصاعد بين الفلسطينيين الذين يعانون من تدهور الأوضاع الإنسانية، حيث يهدد الجوع ونقص الأدوية والمياه النظيفة حياة آلاف المدنيين في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية التي توسع نطاقها مؤخراً، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
تأتي هذه الضغوط بالتزامن مع تصعيد إسرائيل هجماتها البرية والجوية، ما أدى إلى تدمير البنى التحتية وتهجير مئات العائلات، في وقت تتعالى فيه تحذيرات منظمات دولية من مجاعة تلوح في الأفق بعد شهرين من شح الإمدادات.
وفي سياق متصل، أعلنت إسرائيل عن استهدافها محمد السنوار، القائد البارز في كتائب القسام، في غارة جوية هذا الأسبوع، وهو ما يُعتبر ضربة محتملة للحركة إذا تأكد نجاحها.
كما شنت طائراتها غارات عنيفة على بلدة بيت لاهيا ومخيم جباليا المجاور، أسفرت عن مقتل العشرات وفقاً لوزارة الصحة في غزة، بينما أكد الجيش الإسرائيلي تدمير أكثر من 150 هدفاً عسكرياً، في إطار عملية عسكرية موسعة تهدف إلى السيطرة على أجزاء جديدة من القطاع.
من جهة أخرى، تشهد مناطق شمال غزة، وخاصة بلدة بيت لاهيا، احتجاجات شعبية متصاعدة ضد حماس، هتفت خلالها جموع الغاضبين "ارحلوا يا حماس"، مطالبين بإنهاء الحرب وتحمل الحركة مسؤولية تردي الأوضاع.
وقد نجحت هذه الاحتجاجات، التي بدأت في مارس/ آذار الماضي، في الانتشار إلى مناطق أخرى بفضل دور نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، معظمهم من فلسطينيي الشتات، ساهموا في نقل صوت المحتجين عالمياً، مستغلين فراغاً إعلامياً نتج عن ترهيب الصحفيين المحليين.
وتعكس هذه التحركات تحولاً في الرأي العام الفلسطيني، حيث أظهر استطلاع حديث أجراه "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" انخفاض نسبة المؤيدين لهجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول من 71 في مارس/ آذار إلى 37% حالياً، بينما يؤيد نحو نصف سكان القطاع الاحتجاجات المناهضة لحماس.
ويرى الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية، أن غضب السكان ينبع من تدمير مصادر عيشهم، كما في بيت لاهيا التي كانت تُعرف بثرائها الزراعي، حيث دمرت الغارات الإسرائيلية مزارع الفراولة والزهور التي كانت تُصدّر إلى أوروبا.
أما على الصعيد الإنساني، فإن الوضع يزداد كارثيةً مع انهيار آخر هدنة هشة في يناير/كانون الثاني الماضي، مما أدى إلى تجدد العمليات العسكرية وتفاقم النزوح.
ويعاني القطاع من نقص حاد في الغذاء والدواء، حيث دمرت أكثر من 60% من المنازل، وفق تقديرات أممية.
ورغم الإفراج عن الرهينة الأمريكي عيدان ألكسندر كـ"بادرة حسن نية"، لم تشهد غزة تحسناً ملموساً في وصول المساعدات، ما يؤجج السخط الشعبي.
وتواجه حماس، التي حكمت غزة بقبضة حديدية منذ 2007، تحدياً وجودياً يتمثل في تراجع شرعيتها الداخلية، حيث يقول أحمد المصري، ناشط من بيت لاهيا: "الناس غاضبون من الاحتلال وحماس معاً.. الحرب عبثية ولم يعد لدينا ما نخسره".
كما حاولت عناصر من الحركة قمع الاحتجاجات، لكن ضربات إسرائيل المتكررة أضعفت قدرتها على فرض السيطرة كالسابق.
وخلصت نيويورك تايمز إلى أن هذه الاحتجاجات تشكل التحدي الأبرز لحماس منذ سيطرتها على غزة قبل 17 عاماً، حيث تتعرض لانتقادات حادة بسبب فشلها في إدارة الأزمة الإنسانية، وتهم باستغلال الموارد لصالح قادتها.
وبدا جلياً أن سنوات الحصار والحروب طحنت قدرة الحركة على كسب الرأي العام، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عن مصيرها السياسي وسط مطالب شعبية متزايدة بإنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار.