غزة تغضب لـ"جنديها المجهول".. ومطالبات لحماس بالتراجع
تغييرات أجرتها بلدية غزة التي تديرها حماس، على نصب الجندي المجهول أثارت موجة غضب واسعة.
أثارت تغييرات أجرتها بلدية غزة التي تديرها حركة حماس، على نصب الجندي المجهول وسط المدينة موجة غضب واسعة، وسط مطالبات بالتراجع عنها وإعادة تمثال الجندي الذي أزيل عام 2007.
وخلال الأيام الماضية، أقدمت طواقم البلدية على طلاء الجسم الرخامي للنصب، ووضعت إطارا دائريا مكان تمثال الجندي الذي أزيل من موقعه بالكامل من مسلحي حماس بعد سيطرتها على قطاع غزة عام 2007.
طبيعة نصب الجندي المجهول
ونصب الجندي المجهول بغزة شيدته الإدارة المصرية التي كانت تحكم القطاع عام 1954 تخليدا للشهداء الذين سقطوا في مشوار التحرير الطويل.
والنصب مكون من قاعدة خرسانية ترتفع نحو مترين، يصعد إليها بست درجات، وفي أعلى هذه القاعدة تمثال لجندي يرتدي بزته العسكرية بكامل عتاده، ويحمل سلاحاً في يده اليمنى، في حين يشير بإصبع السبابة من يده اليسرى في اتجاه الشرق حيث مدينة القدس.
وعلى القاعدة الرخامية من الجانب الأول حفرت خارطة فلسطين وخطت أسفلها آية قرآنية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون"، ورسم في الجانب الثاني علم فلسطين بألوانه الأربعة.
حملة وطنية
وأطلق شبان فلسطينيون حملة وطنية لاسترجاع الجندي المجهول وشرعوا في جمع التوقيعات لإعادته.
وقال سعيد لولو منسق الحملة لـ"العين الإخبارية" إنهم شرعوا بحملة جمع تواقيع من شخصيات وحقوقيين لإعادة تمثال الجندي المجهول، ورفض أي تغيير في معالمه.
وأشار إلى أن مجسم الجندي أزيل بعد الانقسام عام 2007 من أشخاص معلومين بزعم أنه تمثال حرام، ونقل التمثال إلى مخازن بلدية غزة.
وشدد على أن المطلوب اليوم ليس فقط التراجع عن التغييرات التي حصلت في الأيام الأخيرة على النصب إنما إعادة تمثال الجندي، ولدينا الاستعداد لترميه بعد التكسير الذي ألم به.
فتح تستهجن
واستهجن عاطف أبو سيف، المتحدث باسم حركة فتح، التغييرات التي حصلت على شكل نصب الجندي المجهول الذي وصفه أحد أبرز معالم مدينة غزة.
وتساءل أبو سيف، في بيان له تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "هل يعقل أن تقوم حماس بتغيير شكل الجندي المجهول؟"،
وشدد على أن هذا النصب أشار على مدار العقود المتتالية بعد النكبة إلى تضحيات شعبنا والجنود المجهولين في الطريق إلى القدس.
وقال: "لا يمكن الاستخفاف بتاريخ الشعوب وتضحياتهم ولا بهوية النضال الوطني ولا بالإرث الكفاحي لشعبنا"، مشيرا إلى أن بندقية الجندي المجهول كانت دائما تشير إلى القدس وإلى فلسطين السليبة.
ورأى أن "استبدال الجندي وبندقيته بمجسمات هندسية يشكل التفافا على هوية شعبنا وكفاحه، الأمر الذي يتطلب موقفا وطنيا حازما من فصائل العمل الوطني وفعاليات المجتمع المحلي تجاه مثل هذه المسلكيات غير الوطنية".
وأضاف أبو سيف أن "الجندي المجهول الذي حمل الأمل والحلم، وكان شوكة في حلق الاحتلال وأعوانه ليس ملكا لأحد ولا يحق لأحد أن يغير هويته ولا شكله".
وتعرض تمثال الجندي للإزالة والسحل عقب سيطرة حماس على قطاع غزة، عام 2007، بعد أن كان الاحتلال الإسرائيلي أقدم على تحطيم يد الجندي قبل ذلك بعقود.
محطات تاريخية
ويوضح الباحث الفلسطيني محمد جودة أن إسرائيل أقدمت خلال احتلالها غزة على كسر يد الجندي التي تشير إلى القدس، وبعد ذلك رممها أحد الغزيين.
وعقب تأسيس السلطة الفلسطينية أعادت ترميم النصب من جديد عام 2000، وأزاح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الستارة عنه، حيث أصبح معلمًا وطنيًا، يحرص القادة والرؤساء على وضع أكاليل الزهور عليه في المناسبات الوطنية، وتقام في محيطه التظاهرات الوطنية الكبرى.
وأشار جودة أنه في عام 2007 في منتصف يونيو/حزيران، تم إنزال الجندي وكسر يده ورقبته ونقل إلى مخازن بلدية غزة، وبقيت المنصة الرخامية على حالها بدون الجندي، حتى أعادت طلاءه البلدية بشكل شوه منظره، ووضعت مكان الجندي مجسما هندسيا.
معلم تاريخي
ويؤكد نهاد المغني مدير عام الهندسة والتخطيط لدى بلدية غزة هاشم، عبر صفحته على "فيسبوك" أن نصب الجندي المجهول يعد معلما تاريخيا مهما بالمدينة ويجب الحفاظ عليه، إذ إن القانون الفلسطيني يقر بحفظ أي مبنى أو منشأ بني قبل العام 1917 أو بعد ذلك، ويحمل قيمة تاريخية، وهو كذلك، ولكن للأسف لم يسجل كمبنى تاريخي من الوزارة المختصة.
وقال: "التشكيل الجديد والألوان ليس لها علاقة بالمنشأ الأصلي وغير متناسبة مع الميدان، ولا تعيد له ذكراه، وهنا تكمن المشكلة".
ورأى المغني أن "الحل هو إعادة المجسم بشكل رمزي أو نسخ فعلي لما كان عليه، وما تم يمكن تصحيحه، فالمشكلة ليست بالصعبة".