طالبت السكان بالنزوح إليه.. لماذا تستهدف إسرائيل جنوب غزة؟
حين طلبت إسرائيل من سكان مدينة غزة وشمالها، بالانتقال إلى جنوبي القطاع، قالت إن الوضع هناك «سيكون أكثر أمانا».
لكن لا أمنا ولا ملاذا في الجنوب الذي تحول إلى غيمة سوداء تهطل موتا وخوفا في كل ساعة.
فمن وداي غزة حيث "كلمة السر إلى منطقة الأمان"، مرورا بمخيمات النُصيرات والمغازي والبريج ودير البلح في المحافظة الوسطى، وصولا إلى مدينتي خانيونس ورفح، كان القصف يلاحق سكان القطاع وضيوفهم ممن نزحوا من الشمال. وفق ما رصدته "العين الإخبارية".
قصفٌ وأنقاضٌ على أصحابها، وقتلى محظوظون أنهم خرجوا من تحت الركام، وأحياءٌ دبّ الرعب بينهم، فباتوا بلا شمال يعود ولا وسط يشفع ولا جنوب يُؤتمن. إذ باتوا معرضين للخطر كما في منازلهم في غزة المدينة وفي شمال القطاع المحاذي للحدود مع إسرائيل.
ومنذ أن أمر الجيش الإسرائيلي سكان غزة، مع اندلاع الحرب في السابع من الشهر الجاري، بالتوجه إلى جنوب وادي غزة، واصلت مدفعيته وطائراته ضرب أهداف في جميع أنحاء القطاع، ما أسفر عن وقوع أعداد كبيرة من القتلى تقول وزارة الصحة التابعة لحركة حماس في غزة إن 6546 فلسطينيا قتلوا منذ بدء القصف.
ووفق شهود عيان ولقطات حية تبثها قنوات تلفزيونية، فإن القصف الإسرائيلي اشتد في جنوب القطاع، يوم أمس الأربعاء، حيث أدت ضربة واحدة إلى تدمير عدة مباني سكنية ومحال تجارية في مخيم النصيرات وسط القطاع، ومدينة خانيونس على بعد نحو عشرة كيلومترات من الحدود المصرية، وكذلك في منطقة اليرموك بمدينة غزة.
ماذا يقول الجيش الإسرائيلي؟
يوم أمس الأربعاء، كرر الجيش الإسرائيلي تصريحات سابقة له "أينما ظهر هدف لحماس، سيضربه جيش الدفاع من أجل إحباط القدرات الإرهابية للجماعة، مع اتخاذ الاحتياطات الممكنة لتخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين غير المتورطين".
مضيفا أن "المنازل التي يعيش فيها المسلحون هي أهداف مشروعة حتى لو كان المدنيون يعيشون بجانبها".
لماذا أمرت إسرائيل بالإخلاء إلى الجنوب؟
في الثاني عشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ذكر الجيش الإسرائيلي أن ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة "يجب أن ينتقلوا إلى النصف الجنوبي من غزة خلال 24 ساعة".
وأوضح الجيش أن الأمر يهدف إلى إبعاد المدنيين عن "الأهداف الإرهابية لحماس" التي يعتقد أنها تتركز في الشمال.
ولاحقا، قال المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكوس: "نحن نجهز المنطقة لنشاط عسكري كبير في مدينة غزة. هذه هي المرحلة التالية. ولهذا السبب نطلب من المدنيين التوجه جنوب نهر غزة". وفق ما نقلته وقتها وكالة رويترز.
وحشدت إسرائيل قواتها على الحدود مع غزة ومن المتوقع على نطاق واسع أن تشن غزوا بريا، دون أن تحدد له وقتا معينا.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول، حث الجيش سكان غزة على الإخلاء إلى ما أسماه منطقة إنسانية في المواصي، على ساحل جنوب غزة.
وجددت إسرائيل تحذيراتها في الـ 22 من الشهر نفسه، قائلة إن أي شخص يقيم في الشمال يمكن اعتباره متعاطفا مع "منظمة إرهابية" إذا لم يغادر.
كم عدد الأشخاص الذين نزحوا من الشمال؟
في هذه الأثناء، حثت حركة حماس الفلسطينيين على تجاهل التحذيرات الإسرائيلية.
ويقول السكان ومنظمات الإغاثة الدولية إن هناك نزوحا جماعيا للأشخاص بعيدا عن الشمال ومناطق أخرى في القطاع يُنظر إليها على أنها معرضة بشكل خاص للهجمات.
وقد قدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 24 أكتوبر أن أكثر من 1.4 مليون شخص نزحوا داخل غزة. وسط حصار مطبق تفرضه إسرائيل على القطاع منذ بداية الحرب التي اندلعت بعد هجوم شنته حركة حماس على بلدات إسرائيلية أسفر عن مقتل 1400 شخص وأشر العشرات.
ماذا قال المجتمع الدولي؟
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اعتبر أن منح مئات الآلاف من الأشخاص ساعات فقط لمغادرة منازلهم أمر "خطير ومثير للقلق العميق".
وقبل يومين، تحدث غوتيريش في جلسة لمجلس الأمن الدولي، عن "الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي" في قطاع غزة، ودعا إلى وقف إطلاق النار لتلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني. الأمر الذي أثار غضبا إسرائيليا من تصريحاته.
في هذه الأثناء، دعت الدول العربية إسرائيل إلى وقف الحرب، فيما حثّت عواصم غربية على وقف القتال لفتح ممرات إنسانية للمدنيين المحاصرين.
لكن مجلس الأمن الدولي، فشل أمس الأربعاء. في تمرير مشروعي قرار أمريكي وروسي، بشأن غزة. وهذه المرة تراشقت موسكو وواشنطن كرة "الفيتو".