«اجتياح» غزة.. تحذيرات دولية لإسرائيل ومطالب بهدنة إنسانية
مع استعداد إسرائيل لـ«اجتياح» غزة بريًا، واجهت الدولة العبرية ضغوطاً دولية متزايدة وتحذيرات، لإعادة النظر في خطتها بشأن القطاع المحاصر.
فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبر الأربعاء من القاهرة أنّ شنّ «عملية برية واسعة النطاق» في قطاع غزة «سيكون خطأ».
وبينما أكّد الرئيس الفرنسي حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، شدّد عقب لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أنّ مثل هذه العملية، إذا كانت واسعة النطاق، فستكون «خطأ» لأنّها تتعارض مع حقوق السكان المدنيين وأيضاً لأنها لن توفر حماية أفضل لإسرائيل.
بدوره، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إسرائيل إلى تجنّب «الاجتياح البرّي للقطاع»؛ لأنّه «سيؤدّي إلى ضحايا كثيرين جداً جداً من المدنيين».
وسيكون الهجوم البرّي خطيراً للغاية في القطاع المكتظ بالسكان والمليء بالأنفاق حيث تخفي حماس الأسلحة والمقاتلين، وفي وجود الرهائن.
كما حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن، الدولة العبرية من تداعيات الاجتياح البرّي، رغم أنه لا يؤيد في الوضع الحالي وقف إطلاق النار الذي تطالب به الأمم المتحدة ودول عدة.
وقال: «على إسرائيل أن تقوم بكل ما في وسعها، مهما كان صعبا، لحماية المدنيين الأبرياء».
إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال: «نحن نتحضر لدخول بري»، موضحا أن حكومة الحرب ستقرر «بالإجماع» موعد الهجوم.
لكنه شدد على أنه «لا يمكنني الخوض في تفاصيل متى وكيف وأين والأمور التي نأخذها في الاعتبار» قبل هذه الخطوة.
فهل تؤجل إسرائيل الاجتياح؟
نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم إن إسرائيل وافقت على تأجيل الهجوم البري على غزة في الوقت الحالي حتى تتمكن الولايات المتحدة من إرسال دفاعات صاروخية إلى المنطقة لحماية القوات الأمريكية هناك مما يعكس قلقها بشأن امتداد الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين أقنعوا إسرائيل حتى الآن بالتأجيل حتى يمكن نشر أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية في المنطقة هذا الأسبوع.
وردا على سؤال عن التقرير، قال مسؤولون أمريكيون لـ«رويترز»، إن واشنطن عبرت عن مخاوفها لإسرائيل من أن إيران والجماعات المدعومة منها قد تسهم في تصعيد الصراع من خلال مهاجمة القوات الأمريكية في الشرق الأوسط. وأضافوا أن التوغل الإسرائيلي في غزة قد يكون بمثابة حافز لوكلاء إيران.
هل يمكن إتاحة الوقت لهدنة إنسانية؟
وتطالب دول عدة بوقف إنساني للقصف المتواصل على غزة، فالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا الثلاثاء إلى «وقف إنساني فوري لإطلاق النار» ودان «الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني» في الأراضي الفلسطينية، ما أثار غضب إسرائيل.
إلا أن واشنطن تعتبر أنّ وقف إطلاق النار «في هذه المرحلة لن يفيد سوى حماس». واقترح البيت الأبيض بدلاً من ذلك «فترات تعليق» للعمليات العسكرية لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وهو موقف من المتوقع أن تتبناه دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعها الخميس والجمعة، وفق مصادر دبلوماسية.
وتدعو الأمم المتحدة إلى توصيل الوقود بشكل عاجل لتشغيل المولّدات الكهربائية في المستشفيات حيث يتدفق آلاف الجرحى، ولضخ المياه وتنقيتها، وتشغيل شاحناتها.
لكنّ إسرائيل ترفض قائلة إنّ ذلك سيفيد حماس التي تصنّفها إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة «إرهابية».
وأدّى هجوم حماس وردود الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى مقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل بحسب السلطات، وأكثر من 6500 في الأراضي الفلسطينية بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، معظمهم من المدنيين من الجانبين.
وتجاوزت حصيلة القتلى في غزة الثلاثاء 700، بحسب وزارة الصحة في القطاع. وقالت الأمم المتحدة إن الرقم هو الأعلى في يوم واحد منذ اندلاع الحرب.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ «ضربات واسعة النطاق» أصابت «العديد من البنى التحتية الإرهابية لحماس»، بما في ذلك الأنفاق.
وقُتل 13 شخصاً في إسرائيل جرّاء الصواريخ منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حسبما قال المتحدث باسم نجمة داود الحمراء لوكالة فرانس برس الأربعاء.
وتحتجز حماس أكثر من 220 رهينة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقد طلبت منظمة الصحة العالمية الأربعاء إطلاق سراحهم لـ«أسباب إنسانية وصحية».
ويثير الوضع الإنساني المأساوي في القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كيلومتراً مربعاً قلق المجتمع الدولي أيضاً.
ووفق منظمة الصحة العالمية، أغلقت ستة مستشفيات أبوابها بالفعل بسبب نقص الوقود في قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه 2,4 مليون نسمة.
وأعلن الرئيس الفرنسي أن باريس سترسل سفينة استشفائية عسكرية «لدعم المستشفيات». وأبحرت الأخيرة إلى غزة الأربعاء.
وفي مدينة غزة التي تواصل القصف العنيف عليها الأربعاء، قال مدير مستشفى الشفاء الطبيب محمد أبو سلمية إن «المستشفيات في حالة انهيار تام، عشرة مستشفيات خرجت عن الخدمة».
وأضاف أن «أكثر من 90% من الأدوية والأدوات الطبية نفدت (..) وصلت مساعدات طبية لا تكفي ليوم واحد».
انقسام دولي
في الأثناء، تواصلت الانقسامات في مجلس الأمن الدولي الأربعاء مع رفض مشروعي قرارين متنافسين روسي وأمريكي بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس.
وأعلنت الولايات المتّحدة أنّ مبعوثتها إلى الشرق الأوسط باربرا ليف عادت الأربعاء إلى المنطقة لتعزيز الجهود الأمريكية الرامية لمنع اتّساع نطاق الحرب المستعرة بين إسرائيل وحماس.
ويخضع قطاع غزة الممتد على طول 40 كيلومتراً على البحر الأبيض المتوسط، لحصار إسرائيلي بري وجوي وبحري منذ عام 2007. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول، فرضت إسرائيل عليه «حصاراً كاملاً» وقطعت عنه المياه والكهرباء والإمدادات الغذائية.
ويصاحب هذا الحصار قصف متواصل للجيش الإسرائيلي الذي حشدت عشرات الآلاف من جنوده على مشارف قطاع غزة وكثف ضرباته في الأيام الأخيرة.
aXA6IDMuMjIuNDIuMTg5IA==
جزيرة ام اند امز