هدنة غزة.. جولات مكوكية بالقاهرة والدوحة لإنهاء «النقاط العالقة»
جولات مكوكية تستضيفها القاهرة والدوحة للوصول إلى اتفاق تهدئة بين إسرائيل و"حماس" في غزة، بعد 9 أشهر من الحرب التي حولت جزءا كبيرا من القطاع حيث يعيش 2.4 مليون شخص إلى أنقاض.
وأمس الثلاثاء، نقلت فضائية "القاهرة الإخبارية"، عن مصدر مصري رفيع المستوى، لم تسمه، أن مفاوضات الهدنة مستمرة بالقاهرة مع "نشاط مكثف" للوفد الأمني المصري بهدف تقريب وجهات النظر بين كل الأطراف لإتمام هدنة وفق مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أعلنه نهاية مايو/أيار الماضي.
وكشف عن وجود اتفاق بين طرفي الأزمة حول كثير من النقاط قبل استئناف المفاوضات في الدوحة، الأربعاء، ثم في القاهرة الخميس.
وتفصيلا، قال المصدر إنه سيتم "عقد اجتماع رباعي يضم وفود مصر والولايات المتحدة الأمريكية وقطر وإسرائيل بالدوحة الأربعاء لإنهاء النقاط العالقة".
وأشار إلى أن رئيس المخابرات المصرية ونظيره الأمريكي، ويليام بيرنز، يرأسان وفدي مصر والولايات المتحدة في الاجتماع بعد جولة مباحثات مكثفة بالقاهرة، فضلا عن مشاركة رئيس الموساد الإسرائيلي دافيد برنياع ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
وأوضح المصدر أن مصر أكدت مواقفها الثابتة حول ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.
وكان وفد أمريكي برئاسة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ويليام بيرنز، قد وصل إلى القاهرة، للقاء الوفد الأمني المصري في مستهل جولة جديدة لمفاوضات الهدنة بغزة.
والثلاثاء، بحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في لقاء مع ويليام بيرنز بالقاهرة، "آخر مستجدات الجهود المشتركة للتوصل لاتفاق للتهدئة ووقف إطلاق النار بقطاع غزة" حيث ثمّن الأخير "الجهود المصرية لوقف إطلاق النار"، وإدخال المساعدات الإنسانية، وفق بيان للرئاسة المصرية.
والجمعة الماضي، زار برنياع الدوحة لوضع الأسس لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع "حماس" بوساطة مصرية وقطرية، للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، ووقف إطلاق نار في غزة.
وعادت الحياة للمفاوضات بعدما، خففت حماس من مطالبها بأن تلتزم إسرائيل بوقف دائم لإطلاق النار عقب صيغة معدلة للاقتراح الأمريكي.
وبحسب إعلام إسرائيلي، فإن أبرز نقاط الخلاف بين الطرفين هي الضمانات والتعهدات بالالتزام بأي اتفاق، وأسماء الأسرى وعددهم، والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وترتيبات اليوم التالي للحرب.
والأحد، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان الشروط التي وضعها بنيامين نتنياهو للصفقة المنتظرة مع «حماس»، بينها إتاحة مواصلة القتال حتى تحقيق أهداف الحرب، و«منع تهريب الأسلحة إلى حماس عبر الحدود بين غزة ومصر».
ونقلت وسائل إعلام عبرية، الأحد، تصريحات لعدد من قيادات حزب «الليكود» الحاكم، تستبعد أن يُقدِم نتنياهو على التوقيع على صفقة تبادل أسرى مع حماس؛ لأنه من شأنه إسقاط الحكومة، بسبب الضغوط التي يمارسها الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير ضد تنفيذ الصفقة.
وهو ما حذّر منه أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، في مقابلة مع "القناة 12" الإسرائيلية، الأحد، حيث أكّد أن نتنياهو لا يريد إعادة المخطوفين، ولا يريد التوصّل لصفقة تبادل، لكن ليس ثمة شك لديّ أنه بعد يوم من خطابه أمام مجلسَي الشيوخ والنواب الأمريكي، 25 يوليو/تموز الحالي، سيقوم بتفجير المفاوضات، وإلى ذلك الحين سيدير المفاوضات دون دفع أي ثمن.
والإثنين، حذرت "حماس" في بيان، من أن التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة يعيد المفاوضات إلى "المربع صفر".
«مجزرة» جديدة
ورغم استئناف المفاوضات فإن العمليات الإسرائيلية في غزة زادت وتيرتها، كان أحدثها ليل الثلاثاء الأربعاء عبر غارة جوية إسرائيلية في جنوب قطاع غزة أدت إلى مقتل أكثر من 20 شخصا بينما أجبرت الدبابات المتوغلة في مدينة غزة السكان على الفرار وسط إطلاق نار.
ووفق مسؤولين طبيين فلسطينيين فإن الغارة الجوية أصابت خياما تؤوي أسرا نازحة أمام مدرسة في بلدة عبسان شرقي خان يونس في جنوب غزة، ما أدى إلى مقتل 29 شخصا على الأقل معظمهم من النساء والأطفال.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يراجع تقارير تتحدث عن إصابة مدنيين. وأضاف أن الواقعة حدثت عندما أصاب "بذخيرة دقيقة" أحد مسلحي حماس الذي شارك في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل والذي تلاه الحملة الإسرائيلية على غزة.
وبحسب سكان فإن دبابات إسرائيلية توغلت في أحياء تل الهوى والشجاعية والصبرة في مدينة غزة وقصفت طرقا ومباني هناك، مما أجبرهم على ترك منازلهم.
وأصدر الجيش الإسرائيلي بعد ذلك أوامر بإخلاء عدة أحياء شرق مدينة غزة وغربها نشر أسماءها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني على منصة فيسبوك "طواقم غرفة العمليات تتلقى عشرات نداءات الاستغاثات الإنسانية من مدينة غزة دون مقدرة طواقمنا الإسعافية على الوصول إليها بسبب خطورة المناطق المستهدفة وكثافة القصف فيها".
وأعلنت كتائب القسام وسرايا القدس، الجناحان العسكريان لحماس وحركة الجهاد، إن مسلحين تابعين لهما اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية بالأسلحة الآلية وقذائف المورتر والصواريخ المضادة للدبابات على الخطوط الأمامية لمدينة غزة وقتلوا وأصابوا جنودا إسرائيليين.
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الخسائر البشرية لكنه قال إن جنوده يخوضون قتالا وجها لوجه مع مسلحين وقضوا على أكثر من 150 مسلحا خلال الأسبوع الماضي ودمروا مباني ملغومة وعبوات ناسفة.
ونقلت حماس عن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية قوله أمس الاثنين إن الهجوم من شأنه أن "يعيد عملية التفاوض إلى نقطة الصفر".
وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي أسرا على عربات تجرها الحمير وفي مؤخرة شاحنات محملة بأفرشة النوم وغيرها من المتعلقات وهي تفر عبر شوارع مدينة غزة من المناطق التي صدرت لها أوامر إخلاء إسرائيلية.
في 31 مايو/ أيار الماضي، قال بايدن إن إسرائيل تقترح "خريطة طريق" من ثلاث مراحل لوقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن في قطاع غزة.
وبحسب الخطة، فإن المرحلة الأولى تستمر لستة أسابيع تتضمن وقفا كاملا ودائما لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة.
كما تتضمن إطلاق سراح عدد من الرهائن بمن فيهم النساء والمسنين والجرحى مقابل "إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين" لدى إسرائيل وفق ما قاله الرئيس الأميركي.
أما المرحلة الثانية، فقال بايدن إنه وفي حال اتفق الجانبان فسيتم التفاوض على "وقت دائم للأعمال العدائية"، بالإضافة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
وبحسب بايدن، يستمر العمل بوقف إطلاق النار طالما المفاوضات مستمرة.
وفي المرحلة الثالثة، وعد بايدن بأن تكون هناك "خطة إعادة إعمار كبرى لغزة" وإعادة رفات الرهائن القتلى.