من الأسر لخطوط النار.. فلسطينيون «دروع بشرية» لإسرائيل في غزة
مع اندلاع حرب غزة، باتت الأنفاق سلاحًا «حاسمًا» استخدمته حركة حماس لاستدراج القوات الإسرائيلية، وإيقاع الخسائر في صفوفها، في عقبة حاول الجيش الإسرائيلي القفز عليها.
وفي محاولة من الجيش الإسرائيلي لـ«تقليل الخسائر بين قواته، لجأ إلى الأسرى الفلسطينيين في سجونه، ودفع بهم إلى تلك الأنفاق، وجعلهم بمثابة كاشف للألغام أو المتفجرات التي زرعتها حركة حماس فيها»، بحسب تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
وتوصل التحقيق الذي أجرته الصحيفة الأمريكية، إلى أن الجنود الإسرائيليين ووكلاء الاستخبارات، طوال الحرب في غزة، أجبروا بانتظام فلسطينيين أسرى على القيام بمهام استطلاعية في أنفاق حماس المفخخة وكذلك في المنازل والمباني المليئة بالمتفجرات؛ لتجنب تعريض الجنود الإسرائيليين للخطر في ساحة المعركة».
وبحسب التقرير، فإن الجنود الإسرائيليين «أجبروا بشكل منتظم الأسرى الفلسطينيين» على تنفيذ مهام استطلاعية طوال العمليات في غزة، سعياً إلى «تقليل الأذى الذي قد يلحق بالجنود».
وقال أحد هؤلاء المعتقلين، الذي عرّف عن نفسه لصحيفة نيويورك تايمز باسم محمد شوبير، من خان يونس، إنه في إحدى المرات، بينما كان محتجزاً لدى القوات، أجبره الجنود على ارتداء زي الجيش الإسرائيلي و«التجول في الشوارع، حتى يتمكن مقاتلو حماس من إطلاق النار عليه والكشف عن مواقعهم».
وقال شوبير، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 17 عاماً، إنه أُرغم على السير مكبل اليدين بين الأنقاض الفارغة في مسقط رأسه، خان يونس، في جنوب غزة، بحثاً عن متفجرات زرعتها حماس. وأضاف أن الجنود أجبروه على المضي قدماً لتجنب تفجير أنفسهم.
وفي أحد المباني المحطمة، توقف في مساره: وقال إنه كان هناك سلسلة من الأسلاك المتصلة بالمتفجرات على طول الجدار.
وقال شوبير، وهو طالب في المدرسة الثانوية: «أرسلني الجنود كالكلب إلى شقة مفخخة. اعتقدت أن هذه ستكون اللحظات الأخيرة في حياتي»، على حد قوله.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها أنها تحدثت مع سبعة جنود من الجيش الإسرائيلي قالوا إن هذه الممارسة «روتينية وشائعة ومنظمة»، مؤكدة أن من تواصلت معهم أشاروا إلى أن هذه الممارسة تتطلب «معرفة كبار القادة الميدانيين».
وأشارت إلى أن «بعض الجنود الذين التقتهم أعربوا عن معارضتهم لهذه الممارسة، لكن مخاوفهم قوبلت بالتجاهل إلى حد كبير، وتمت الإشارة إلى المعتقلين باعتبارهم إرهابيين حتى في غياب أي دليل على انتمائهم إلى حماس».
وقال التقرير إنه لم يعثر على أي دليل على تعرض أي معتقلين فلسطينيين استخدمهم الجنود للأذى أو القتل، وأن جنديا إسرائيليا قتل بالرصاص بعد أن قام معتقل بتفتيش مبنى ولم يبلغ عن وجود أي شخص مختبئ في داخله.
ونقلت الصحيفة عن العميد المتقاعد في جيش الدفاع الإسرائيلي تامير هايمان، وهو رئيس سابق لمديرية الاستخبارات العسكرية، قوله إن «بعض المعتقلين إما أجبروا على دخول أنفاق مفخخة مشتبه بها أو تطوعوا لتوجيه القوات في الميدان من أجل الحصول على تأييد الجيش».
وشنت إسرائيل حربًا على حماس في غزة في أعقاب هجوم الجماعة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب الدولة العبرية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 42 ألف شخص في القطاع، بحسب وزارة الصحة في القطاع الفلسطيني.
ولقد اتهمت إسرائيل حماس منذ فترة طويلة باستخدام المدنيين في غزة كدروع بشرية كممارسة شائعة، ووضع منصات إطلاق الصواريخ ومراكز القيادة وغيرها من العمليات في قلب المناطق السكنية، إلا أنها لم تقدم أدلة على ذلك.
وفي يوليو/تموز الماضي، نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) صورة تظهر معتقلاً فلسطينياً مكبل اليدين يرتدي معدات واقية إلى جانب قوات الجيش الإسرائيلي أثناء عملية لاستعادة جثث خمسة رهائن إسرائيليين.
في الشهر الماضي، دافع وزير الصحة أورييل بوسو عن معاملة المعتقلين من غزة من المشتبه في تورطهم في الإرهاب، قائلاً إن «بعض الإرهابيين الذين عولجوا في النظام دخلوا مع [القوات] إلى غزة، عبر الأنفاق» بحثاً عن الرهائن.
كيف ردت إسرائيل؟
نفى الجيش الإسرائيلي، اليوم الإثنين، تقرير «نيويورك تايمز»، قائلا في تصريحات لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، إن «أوامر الجيش تحظر استخدام المدنيين في غزة الذين تم اعتقالهم في الميدان في مهام عسكرية».
وأوضح الجيش الإسرائيلي، أن التعليمات «يتم توضيحها بشكل منتظم للجنود في الميدان أثناء الحرب».