غطاء بلاستيكي وبقايا «الجريشة».. زاد نازحي غزة
غطاء بلاستيكي يقوم مقام خيمة، وأغصان جمعوها من أجل إشعال النيران للتدفئة، وبقايا «الجريشة» الموجودة عندهم.
ذاك كل زاد النازحين الفلسطينيين في غزة، المدنيين الذين باتوا يهربون من منطقة لأخرى بحثا عن مكان آمن يحتمون فيه من القصف الإسرائيلي المستمر بكثافة.
ومن شمال القطاع نزحوا إلى جنوبه، لكن حتى هناك وجدوا أنفسهم مضطرين للهروب مرة ثانية وثالثة، محملين في كل مرة بذلك الزاد نفسه، فهو أكثر ما يحتاجون إليه في ظل البرد والقصف.
ويواصل آلاف المدنيين الفرار من مدينة خان يونس في جنوب القطاع، والتي دخلتها القوات الإسرائيلية قبل أيام، مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات محمّلة بأمتعتهم.
وبات هؤلاء النازحون محاصرين في منطقة تتقلص مساحتها يوما بعد الآخر، قرب الحدود مع مصر ويواجهون وضعا إنسانيا كارثيا.
واضطر الكثيرون منهم للنزوح مرة ثانية خلال الأسابيع الماضية، بعدما اتجهوا جنوبا هربا من القتال العنيف بين إسرائيل وحركة حماس في شمال القطاع.
وخلت رفوف المتاجر في رفح كما غيرها بقطاع غزة، وفي السوق يقوم عدد من المزارعين ببيع ما يقدرون جنيه من أراضيهم من الطماطم والبصل والملفوف وغيرها من الخضار.
وقال غسان بكر لوكالة فرانس برس: "كلّ من في خان يونس انتقل إلى رفح، لم يبق أحد في المنطقة من كمية القصف".
وأضاف "اضطررنا للقدوم هنا بلا مأوى، بلا شيء، أمطرت علينا الليلة وكنا نائمين في الشارع، لا أكل لا خبز لا طحين".
وعلى جانب الرصيف، يأكل أطفال من وعاء كبير من الجريشة التي قامت جمعية خيرية بتحضيره.
وتصنع "الجريشة" من القمح البلدي المجروش المحمص مع إضافة الملح والبهارات، وتوضع في وعاء على نار هادئة مع التحريك جيدا وبشكل مستمر لجميع المكونات حتى يتماسك قوامها، وتقدم عادة مع لحم الضأن المطبوخ باللبن.
وقتل 16248 شخصا، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال في قطاع غزة منذ بدء الحرب، بحسب وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس.
وجاء القصف المدمر ردا على هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل، قتل فيه 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين قضوا في اليوم الأول من هجوم حماس، وفق السلطات الإسرائيلية.
وتقوم إسرائيل منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعمليات برية واسعة في شمال غزة وسّعت نطاقها إلى مجمل القطاع الصغير المحاصر تماما والمكتظ بالسكان، ما يدفع المدنيين إلى النزوح لدائرة تضيق بشكل متزايد في رفح على الحدود مع مصر.
"أين نذهب؟"
أقام فلسطينيون فرّوا من خان يونس على مسافة أقل من عشرة كيلومترات مخيما مستحدثا بواسطة شوادر وأغطية بلاستيكية وألواح خشبية، فيما يهيم بعض النازحين حاملين صفائح بحثا عن بعض الماء.
ويقول خميس الدلو: "كان هناك قصف ودمار. قاموا بإلقاء المناشير والتهديد والاتصال والمطالبة بالإخلاء والخروج من خان يونس، إلى أين سنذهب؟ إلى أين سنصل؟".
وأضاف: "خرجنا من خان يونس ونحن الآن في رفح، نجلس في خيم بلا أسقف ولا جدران".
وفي خان يونس، يتواصل القتال. وبدت الشوارع مقفرة إلا من عدد محدود من الأشخاص كانوا يتفقدون ركاما ناتجا عن قصف إسرائيلي، بينما يتم نقل مصابين إلى المستشفيات.
ويقول حسين أبو حمادة لوكالة فرانس برس: "كنا جالسين وفجأة وقعت ضربة. أصبت في رأسي بحجر سقط".
وتقول أمل مهدي التي نجت من غارة: "إننا منهارون، نحن بحاجة إلى من يدعمنا، إلى من يجد حلا يخرجنا من هذا الوضع".
ومساء الأربعاء، ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات على مدينة خان يونس كتبت فيها الآية القرآنية "فأخذهم الطوفان وهم ظالمون"، في إشارة واضحة إلى هجوم حماس الذي أسمته الحركة "طوفان الأقصى". ولم يردّ الجيش الإسرائيلي على طلب فرانس برس التعليق على المنشور.
وعلّقت أم شادي أبوالطرابيش التي نزحت من شمال قطاع غزة ووصلت إلى رفح وهي تحمل المنشور: "هم الظالمون. ليس نحن"، مضيفة: "يقومون بالدوس على المدنيين والمواطنين الأبرياء والأطفال العزل".
وتتابع: "ما ذنبنا نحن؟ لا نملك أسلحة ولا إرهابا ولا شيء. نحن مواطنون عزل. لجأنا من مكان إلى آخر واليوم نتلقى هذا، ما الغاية من ذلك؟".
aXA6IDMuMTQ3LjYzLjIg جزيرة ام اند امز