السيسي وتهجير فلسطينيي غزة.. خطاب حاسم ورسائل واضحة
رسائل واضحة ينضح بها خطاب حاسم للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي جدد فيه تأكيده على رفض مصر لتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم.
وفي وقت سابق الأربعاء، أدلى السيسي بتصريحات هامة وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع المستشار الألماني أولاف شولتز في إطار زيارة يجريها الأخير إلى القاهرة.
رسائل تعيد التأكيد، بحسب خبراء مصريين وفلسطينيين، على إدراك الجانب المصري جيدا للأبعاد الحقيقية للمؤامرة الإسرائيلية، عبر رفض محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير سكان غزة إلى سيناء.
واعتبر هؤلاء الخبراء أن حديث السيسي عن "منطقة النقب التي تحاول إسرائيل تطويرها لإقامة تجمعات استيطانية، ينقل الخيارات الإسرائيلية إلى مساحات لا يمكن لها القبول بها.
وأشاروا في الوقت ذاته، إلى أن حديث السيسي وتعزيزه بمواقف عربية وإقليمية، يعيد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين، وهو ما يولد إشكالا لدى إسرائيل التي حاولت تناسي هذا الملف على مدار سنوات وجودها منذ عام 1948.
وخلال المؤتمر الصحفي مع المستشار الألماني، قال الرئيس المصري إن «تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر يعني انتقال المقاومة إلى سيناء وذلك لن يجلب السلام للمنطقة».
وأضاف أن فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر يعني بشكل مماثل تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن مما يؤدي لتصفية القضية الفلسطينية.
وأوضح أن "تهجير الفلسطينيين سيعني انتقال القتال من قطاع غزة إلى سيناء وسيكون من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وبالتالي ستستهدف أراضينا".
وتابع: "إذا استدعى الأمر سأطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض تهجير الفلسطينيين لسيناء وسترون خروج الملايين يؤيدون موقف البلاد"، مشيرا إلى أنه "إذا كان هناك فكرة لتهجير الفلسطينيين فهناك صحراء النقب".
وأعرب عن قلقه من "خطورة تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة وأهمية دخول المساعدات على وجه السرعة".
قوية وحاسمة
وفي تعقيبه على دلالات وأبعاد تصريحات السيسي، وصف السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، كلمة الرئيس السيسي بـ"القوية والهامة في توقيتها ودلالاتها"، لافتا إلى أن "مؤتمر اليوم مناسبة جيدة جدا لإعادة تأكيد المواقف المصرية وتوصيلها للأذهان في العالم الغربي تحديدا.
وقال العرابي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن "الرئيس كان سيتحدث عن تلك الرسائل خلال قمة الأردن التي كان من المقرر عقدها اليوم الأربعاء وألغيت".
وأضاف أن "كلمة الرئيس وضعت النقاط فوق الحروف أمام المستشار الألماني بحيث يكون لألمانيا موقف أكثر تقدما بالنسبة لمساندة الشعب الفلسطيني»، مشددا على أن مصر «ضد فكرة التهجير تماما، وأمر غير مقبول إنسانيا، ودوليا وقانونيا».
ولفت إلى أن "الآلة العسكرية في إسرائيل اهتزت يوم 7 أكتوبر (تشرين أول الجاري يوم هجوم حماس المباغت)، وهم يحاولون استعادة هيبتهم، لأنهم أصيبوا بصدمة بالغة، ويحاولون استعادة الهيبة والردع"، لكنه يؤكد أن "إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا جدا لما تفعله".
عدم تصفية القضية
بدوره، رأى الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أن حديث الرئيس السيسي حمل رسائل قوية وحازمة وحاسمة لإسرائيل بشأن مخططاتها لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
وقال عبد الفتاح، لـ"«العين الإخبارية"، إن رسائل السيسي تعبر عن إصرار مصر على عدم تصفية القضية الفلسطينية، أو تصديرها لدول الجوار، إضافة إلى بيان وعي وإدراك الدولة المصرية لما يشبه التواطؤ الأمريكي والأوروبي مع المخطط الإسرائيلي، وإدراكه أيضا لأبعاد المؤامرة الحقيقية.
واعتبر الخبير المصري أن "إسرائيل تريد أن تتنصل من التزاماتها الدولية فيما يخص السلام مع الفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتهرب من هذه الالتزامات من خلال تصفية القضية وإخراج الفلسطينيين والزج بهم إلى شمال سيناء".
وقال إن "هذا السيناريو ترفضه الدولة المصرية بكل قوة وستتصدى له بالمرصاد"، مشيرا إلى أن "مصر تعلن بوضوح أنها ضد هذا التحرك، وستواجهه بكل الطرق، كما أنه سيؤثر سلبا على العلاقات مع إسرائيل التي إذا أرادت أن تحتفظ بتفاهماتها مع القاهرة عليها العدول عن هذا المخطط".
إحراج إسرائيل
"إحراج كبير لإسرائيل وللعالم بالتحديد الولايات المتحدة التي تتبنى الرؤية الإسرائيلية"، هكذا يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات (فلسطيني خاص)، رسائل الرئيس المصري اليوم.
وقال بشارات لـ«العين الإخبارية»، إن "حديث الرئيس السيسي ينقل الخيارات الإسرائيلية إلى مساحات لا يمكن لها القبول بها، لا سيما عند الحديث عن منطقة النقب التي تحاول إسرائيل تطويرها من خلال إقامة التجمعات الاستيطانية".
وفي هذا الصدد، أكد المحلل الفلسطيني أن الموقف المصري، وتعزيزه بمواقف عربية وإقليمية من شأنه أن يعيد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين عن فلسطين إلى أنحاء العالم، وهو ما قد يولد إشكالا لدى إسرائيل التي حاولت تناسي هذا الملف على مدار سنوات وجودها منذ عام 1948.
وفي حديثه عن الدور المصري المساند للقضية الفلسطينية، شدد بشارات على أن مصر تشكل حاضنة مهمة في البعدين السياسي والاستراتيجي للقضية الفلسطينية، أضف إلى ذلك أنها تمثل بوابة العبور إلى العالم، إلى الجانب العلاقة الجيوسياسية والجغرافية التي تجعل فلسطين ومصر تكملان خريطة الارتكاز العربي.
وقال إن "الموقف المصري الرسمي والشعبي من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، يعتبر موقفا متقدما ومهما، وساهم بشكل كبير في إفشال الخطة الإسرائيلية القائمة على منهجية الترانسفير أو الترحيل القسري للفلسطينيين من أراضيهم وتهجيرهم إلى أراضي سيناء".
وأضاف أنه: "إلى جانب وعي المواطنين الفلسطينيين وفصائل المقاومة الفلسطينية لخطورة هذا المشروع، وتعزيز ذلك بموقف مصري متقدم وواضح ورافض، حاولت إسرائيل عبر المجازر التي تنفذ منذ قرابة 12 يوما الدفع بسكان القطاع لاقتحام الحدود الجنوبية، إلا أن ذلك لم ولن يتحقق".