اليوم الـ70 للحرب.. تشاؤم إسرائيلي وأمل أمريكي وغزة تغرق يأسا
لا شيء في أفق غزة يوحي بنهاية قريبة لحرب حولت القطاع المعزول إلى رقعة مدمرة تنبض يومياته العصيبة تحت القصف واليأس.
حيثيات موجعة تدخل يومها الـ70 مشحونة بذات قصص الموت المنبعث من كل شبر من القطاع، هناك حيث يكثّف الجيش الإسرائيلي قصفه الجوي والبري في أنحاء واسعة ولا سيّما خان يونس ورفح.
وحذّرت إسرائيل، الخميس، من أنّ حربها ضدّ حركة حماس في غزة "ستستغرق أكثر من بضعة أشهر"، بينما أعربت واشنطن عن أملها في انتهاء هذا النزاع سريعاً، وأوفدت إلى الدولة العبرية مستشارها لشؤون الأمن القومي جايك ساليفان، الذي أبدى قلقاً إزاء الخسائر المدنية الفادحة في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأعلنت إسرائيل الحرب على حماس التي تسيطر منذ 2007 على قطاع غزة، ردّاً على هجوم دام غير مسبوق شنّته الحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، حسب السلطات الإسرائيلية.
ومذّاك، أسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة عن مقتل ما يناهز 18800 شخص، 70% منهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحّة التابعة لحركة حماس.
استيلاء على المساعدات
والخميس، حذّرت الأمم المتحدة من "انهيار النظام المدني" في قطاع غزة الذي ينزلق إلى أزمة إنسانية عميقة، قائلة إن الجوع واليأس يدفعان السكان إلى الاستيلاء على المساعدات التي تدخل أساساً إلى القطاع بكميات محدودة للغاية.
وبعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب في قطاع غزة، حيث نزح 85% من السكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني "حيثما ذهبنا نجد الناس يائسين وجائعين ومذعورين".
واعتباراً من 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أطبقت إسرائيل حصارها على غزة، الشريط الساحلي الضيّق والمكتظّ بالسكّان والذي بات الآن مدمّراً بشكل شبه كامل.
وتسبّب هذا الحصار بنقص خطر في كل المواد الأساسية من غذاء ودواء ووقود وكهرباء، كما أنّ الاتّصالات غالباً ما تنقطع بين القطاع والعالم الخارجي بسبب تكرار انقطاع خدمات الهاتف والإنترنت كما حصل مجدّداً الخميس.
وفي خان يونس، المدينة الكبيرة الواقعة في جنوب القطاع، شاهد مراسلو وكالة فرانس برس عدداً من السكّان وهم يتفقّدون ركاماً كانت رائحة الدخان لا تزال تنبعث منه، إثر تعرّض مبنى سكني لغارة إسرائيلية.
وقال حسن بيوت (70 عاماً) لفرانس برس إنّ "طائرة قصفت المبنى دون سابق إنذار فدمّرته بالكامل، لا يزال نحو أربعة أشخاص محاصرين تحت الأنقاض".
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنّه شنّ الخميس عمليات "محدّدة الأهداف" في عدد من الأماكن في محيط خان يونس.
ومساء الخميس كانت سحابة من الدخان تتصاعد في سماء مدينة رفح المجاورة لخان يونس بعد تعرّضها لغارة جديدة، حسب مصور لفرانس برس.
"أكثر من بضعة أشهر"
وبحسب وزير الدفاع الإسرائيلي "سيتطلّب الأمر فترة من الوقت، سيستغرق أكثر من بضعة أشهر، لكنّنا سننتصر وسندمّرهم".
وفي واشنطن، أعرب البيت الأبيض عن أمله في أن "تتوقف" الحرب بين إسرائيل وحركة حماس "في أسرع وقت"، فيما حضّ الرئيس جو بايدن تل أبيب على بذل مزيد من الجهد لحماية المدنيين في غزة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إنّ ساليفان بحث في إسرائيل تحوّلاً للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة "في المستقبل القريب" نحو "عمليات أقلّ شدّة".
ويدعم بايدن إسرائيل بقوة، لكنّه وجّه الثلاثاء أقوى انتقاداته إليها، محذّراً من أنّها تخاطر بخسارة الدعم الدولي بسبب "القصف العشوائي".
وأدّى تزايد عدد الخسائر في صفوف المدنيين في غزة إلى تفاقم الخلاف بين الحليفين الإسرائيلي والأمريكي.
ومن المتوقّع أن يزور وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إسرائيل قريباً، بينما تقوم وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بزيارة تشمل لبنان السبت وإسرائيل الأحد.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنّ 116 من عسكرييه قُتلوا منذ بدء هجومه البرّي على غزة، مضيفا أنّ قواته عثرت الخميس على "مستودعات أسلحة واسعة وأنفاق في العديد من المدارس".
وتؤكّد إسرائيل أنّ حماس، التي تصنّفها الولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي وإسرائيل منظمة إرهابية، أنشأت قواعد عسكرية في مبان مدنية، مثل المستشفيات والمدارس والمساجد، وحفرت أنفاقاً تحت هذه المباني تستخدمها لغايات عسكرية.
كما تتّهم إسرائيل الحركة باستخدام السكّان المدنيين "دروعاً بشرية"، وهو ما تنفيه حماس.
وفي أول اتصال هاتفي بينهما منذ اندلاع هذه الحرب، نبّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الأمريكي جو بايدن مساء الخميس إلى "العواقب الإقليمية والعالمية السلبية" لهذه الحرب، وفقاً لما أعلنته أنقرة.
في حين قالت واشنطن إنّ بايدن "كرّر دعمه لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وناقش مع أردوغان "الحاجة إلى توفير أفق سياسي للفلسطينيين".
كارثة
بحسب الأمم المتحدة، لا يوجد حاليا سوى مستشفى واحد في شمال غزة يستطيع استقبال المرضى.
وبعدما فرّوا من منازلهم في شمال القطاع ثم من ملاجئهم في خان يونس، انتقل عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع عند الحدود مع مصر، والتي تحوّلت إلى مخيّم مترام للنازحين، حيث نصبت مئات الخيام باستخدام أوتاد وأغطية بلاستيكية.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" إن عشرات آلاف النازحين الذين وصلوا إلى رفح "يواجهون ظروفا كارثية في أماكن مكتظة بالسكان داخل الملاجئ وخارجها (...)، كما أن غياب المراحيض يزيد من خطر انتشار الأمراض" خصوصا عندما تسبب الأمطار فيضانات.
في الأثناء، تساقطت أمطار على مختلف أنحاء القطاع وهبطت درجات الحرارة، ما فاقم مصاعب الكثيرين من النازحين المقيمين في خيام مع نقص في الإمدادات الحيوية من الطعام ومياه الشرب والأدوية والوقود.
- رقعة الاحتجاجات اليهودية تتسع في أمريكا للمطالبة بوقف حرب غزة
- «أكثر صرامة» مع نتنياهو.. هل تدفع نائبة بايدن نحو التعاطف مع غزة؟
- «القنابل الغبية».. حرب غزة تبوح بأسرارها
- غزة معزولة مجددا.. وإسرائيل تستشرف مدى الحرب
- خيام بالية وسيول جامحة.. وفلسطينيو غزة: إلى أين نهاجر؟ (صور)
- وقف النار واستعادة السلام.. 4 رسائل سعودية بشأن غزة