حرب غزة تدخل شهرها الثامن.. هدنة متعسرة بانتظار ولادة مُيسرة
هل تذكر تلك الصورة المتداولة لسطح القمر؟ الأكيد أنك تقاطعت معها وأدهشتك تلك المساحة الجرداء ذات اللون الرمادي بثقوب شبيهة بندوب غائرة.
مثل تلك الصورة تماما تبدو غزة اليوم وهي تدخل شهرها الثامن من الحرب، مدمرة كأنها لم تكن يوما، وشاحبة كأنما تقيأها البحر أشلاء بعدما ابتلعها كتلة واحدة.
غابت تلك المساحة الصغيرة الرابضة على الطرف الجنوبي للساحل الشرقي من البحر المتوسط وسط أحزمة نار إسرائيلية لم تهدأ مذ بدأت الحرب مع حركة حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ومنذ ذلك الحين، دفنت غزة 34596 من أبنائها وباتت بعد أشهر طويلة رقعة جغرافية بلا ملامح وبدمار غير مسبوق لم تشهده البشرية في هذا الحيز الزمني المقتضب منذ الحرب العالمية الثانية..
خلاصة أكدتها الأمم المتحدة بالقول، أمس الخميس، أن إعادة قطاع غزة ستكون مهمّة "لم يسبق أن تعامل معها المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية"، متحدثة عن دمار "غير مسبوق".
وفي غضون ذلك، لا تزال دول الوساطة تنتظر رد "حماس" على أحدث مقترح للهدنة والإفراج عن رهائن إسرائيليين ومعتقلين فلسطينيين، فيما أكد رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية دراسة المقترح بـ"روح إيجابية".
وينصّ المقترح على وقف القتال لمدة 40 يوماً بالتوازي مع تبادل رهائن محتجزين في غزة مقابل معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وأتاحت هدنة امتدت أسبوعاً، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي الإفراج عن 105 رهائن بينهم 80 إسرائيليا أو من حملة جنسيات مزدوجة، مقابل إطلاق سراح 240 فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، تتعثّر جهود الوساطة التي تقودها قطر والولايات المتحدة ومصر للتوصل إلى هدنة جديدة.
وتتمسك حماس التي استولت على السلطة في غزة عام 2007 بمطالبها، خصوصاً أن يفضي أي اتفاق إلى وقف دائم لإطلاق النار، الأمر الذي ترفضه إسرائيل.
"30 إلى 40 مليار دولار"
مع تواصل القصف والمعارك، قدّرت الأمم المتحدة بأن إعادة إعمار القطاع ستكلّف ما بين 30 إلى 40 مليار دولار.
وقال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبدالله الدردري، خلال مؤتمر صحفي في عمّان، إن "حجم الدمار هائل وغير مسبوق"، مشيرا إلى أن هذه المهمة "لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية".
ولفت إلى أنه "جرى بحث تمويل (إعادة الإعمار) مع دول عربية وهناك إشارات إيجابية للغاية حتى الآن"، دون أن يعطي تفاصيل أخرى.
واندلعت الحرب في القطاع بعدما شنّت حركة حماس هجوما غير مسبوق في على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسميّة.
وخُطف في ذلك الهجوم أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم وفق مسؤولين إسرائيليين.
ورداً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل بالقضاء على حماس وهي تنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 34596 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق حصيلة وزارة الصحة التابعة لحماس.
مخاوف على المدنيين
وفي السياق، تقول إسرائيل إنها عازمة على مواصلة الهجوم حتى "النصر الكامل" على الحركة التي تصنفها منظمة "إرهابية"، كما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تحقيق "النصر" الكامل على حماس غير ممكن دون القضاء على وجود الحركة في رفح، حيث يتكدّس مليون ونصف مليون فلسطيني.
وأعربت العديد من العواصم الغربية والعربية والمنظمات الدولية والإنسانية عن مخاوف من وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين في رفح بغياب خطة ذات مصداقية لحماية السكان.
في هذه الأثناء، يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في القطاع الفلسطيني، في غياب أيّ تقدم على المستوى الدبلوماسي.
وحذر مدير إدارة الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني في غزة محمد المغير في حديث مع فرانس برس من خطر الصواريخ غير المنفجرة.
وقال إن هناك "كل أسبوع ما يزيد على 10 انفجارات بسبب عبث الأطفال والمواطنين (بالصواريخ غير المنفجرة) مما يتسبب في فقدان حياتهم أو إصابات خطيرة".
وفي القطاع، حيث تخشى الأمم المتحدة انتشار المجاعة، لا تكفي المساعدات القليلة التي تخضع لتفتيش إسرائيلي صارم، الحاجات الهائلة للسكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا على إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات برّاً وبكميات أكبر، كما بدأت بإنشاء رصيف عائم لإنزال المساعدات التي تصل بالسفن.
aXA6IDMuMTQyLjk4LjYwIA== جزيرة ام اند امز