غزة وشبح «النكبة» الثانية.. محنة القصف ومأساة التهجير
كان طفلا حين لجأ إلى غزة إبان النكبة الفلسطينية ثم اختبر فظاعة جميع الحروب لكن هذه المرة ينتابه شعور مرير بأن كابوس طفولته سيتكرر.
ويخشى عمر عاشور أن تكون الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة خطة لتهجير الفلسطينيين مرة جديدة.
ويعيش عاشور في مدينة الزهراء جنوب غزة حيث سوت الصواريخ الإسرائيلية، ليل الخميس الجمعة، أكثر من 20 برجا سكنيا متراصا بالأرض، بعدما حذرت الدولة العبرية سكانها الذين خرجوا منها مهرولين لا يعرفون إلى أين يتجهون.
في الصباح الباكر، ومع توقف الغارات ذهب بعضهم لتفقد ما خلفه القصف ففجعوا بتحول العمارات لأكوام ركام ودمار وبمشهد السيارات المتفحمة، على ما أفادت صحافية من وكالة فرانس برس.
ويبعد الحي نحو عشرة كيلومترات عن مدينة غزة حيث تقول إسرائيل إنها تستهدف مركز عمليات حركة حماس التي شنت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري هجوما غير مسبوق على إسرائيل، ردت عليه تل أبيب بقصف مكثف أوقع آلاف القتلى والمصابين.
«نكبة» جديدة
عندما دعا الجيش الإٍسرائيلي سكان الجزء الشمالي من قطاع غزة إلى الانتقال جنوبا، رفض عاشور البالغ 83 عاما الانصياع.
وأعادت عمليات القصف الكثيفة المتواصلة منذ أكثر من أسبوعين إلى ذاكرة عاشور مشاهد النكبة الفلسطينية.
ويؤكد "ما يحدث خطير"، موضحا "أخشى أن يكون تدمير المنازل هدفه نكبة ثانية عبر تهجير الناس ضمن مخطط واضح حتى لا يجد الناس مكانا يسكنون فيه".
وينحدر جزء كبير من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة من لاجئين انتقلوا إليه خلال النكبة.
وفي العام 1948، لجأ عمر عاشور الذي كان في الثامنة، مع عائلته إلى قطاع غزة، من مدينة المجدل في المنطقة التي تقع فيها مدينة عسقلان حاليا.
ويروي عاشور "أتذكر ما حصل خلال النكبة، لكن ما يحدث الآن أشد قذارة، نعم لقد كانت إسرائيل تطلق النار وتقتل حتى تدفع الناس للفرار، لكن ما يحدث حاليا أكثر صعوبة وشراسة".
وقُتل 4137 شخصًا في قطاع غزة منذ بدء الهجوم، معظمهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس صدرت الجمعة.
«جهنم»
وتفيد الأمم المتحدة بأن النزاع الأخير أدى إلى نزوح ما لا يقل عن مليون من سكان غزة، ويخضع القطاع لحصار إسرائيلي محكم وقد قطعت عنه إمدادات المياه والمواد الغذائية والأدوية والكهرباء.
وفي أنقاض مدينة الزهراء، ينظر رامي أبو وزنة يمينا ويسارا إلى العمارات المدمرة على طول الشارع الذي يسكنه حيث سوي 24 مبنى بالأرض، على ما أفادت صحفية من وكالة فرانس برس.
ويقول: "لم أتخيل حدوث ذلك في أسوأ كوابيسي".
وفي الثامنة من مساء الخميس، تلقى سكان الحي اتصالات من الجيش الإسرائيلي يأمرهم خلالها بإخلاء كامل الحي لأنه سيقصف أبراجه السكنية بعد فترة وجيزة.
وهرول آلاف السكان إلى الشوارع لا يعرفون أين يذهبون بعائلاتهم وأطفالهم وسط الظلام الدامس بينما هدير الطائرات الحربية المحلقة في سماء المنطقة يعم المكان.
وارتفع صراخ الأطفال المرعوبين بينما كان السكان يتقدمون بحثا عن مأوى يحتمون بداخله.
واضطر السكان لكسر الباب الرئيسي لجامعة قريبة ليمضوا الليلة بداخلها وهم يحاولون تهدئة أطفالهم المذعورين عاجزين حتى عن تدفئتهم من البرد، بينما قضى آخرون ليلتهم في العراء.
aXA6IDMuMTM4LjE4MS45MCA= جزيرة ام اند امز