نتنياهو يشدد شروطه لهدنة غزة.. مناورة ضغط أم حجر عرقلة؟
شرط رئيس الوزراء الإسرائيلي السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح يقسم مراقبين بين سيناريوهات الضغط أو عرقلة أي اتفاق محتمل.
ولم يسبق أن طرح بنيامين نتنياهو علنا مسألة السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح ومحور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر.
ويدرك نتنياهو أنه ليس فقط "حماس" والسلطة الفلسطينية من يرفض هذا المطلب وإنما أيضا مصر وهو ما تم التعبير عنه في العديد من المواقف الرسمية المصرية منذ احتلال إسرائيل للجانب الفلسطيني من معبر رفح مطلع شهر مايو/أيار الماضي.
ماذا قال نتنياهو؟
في حفل تخريج ضباط إسرائيليين، قال نتنياهو مساء الخميس: "أود أن أؤكد أنني ملتزم بالخطوط العريضة للإفراج عن الرهائن لدينا؛ لكن عناصر حماس ما زالوا متمسكين بمطالب تتعارض مع الخطوط العريضة وتعرض أمن إسرائيل للخطر".
وأضاف: "بصفتي رئيس وزراء إسرائيل، ومن منطلق المسؤولية الوطنية، فأنا غير مستعد للموافقة على هذه المطالب. لذلك، فإنني أؤيد بقوة أربعة مبادئ ضرورية لأمن إسرائيل، وهي كما يلي:
1. أي مخطط يجب أن يسمح لإسرائيل بالعودة إلى القتال حتى تحقيق جميع أهداف الحرب.
2. لن نسمح بتهريب الأسلحة إلى حماس من مصر، وبالدرجة الأولى عبر السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا ومعبر رفح.
3. لن نسمح بعودة المسلحين ودخول العتاد الحربي إلى شمال قطاع غزة، وبهذه الطريقة فقط سيتم الحفاظ على الإنجازات التي حققناها من خلال معركة لا تنضب وبدماء جنودنا الثمينة.
4. أصر على إطلاق سراح الحد الأقصى لعدد الرهائن الأحياء في المرحلة الأولى من المخطط.
وتابع نتنياهو: "هذه هي مبادئنا الصارمة. أنا متأكد من أننا إذا أصررنا عليها فسنتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يحرر رهائننا ويضمن استمرارنا في القتال حتى تحقيق جميع أهدافنا. إن السبيل لتحرير رهائننا هو الاستمرار في الضغط على حماس بكل قوة".
تناقض
للمفارقة فقد جاءت شروط نتنياهو بعد يومين من إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال لقائه بمنسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، أن "دولة إسرائيل تؤيد فتح معبر رفح لكنها لن تتسامح مع عودة حماس إلى المنطقة" وفق ما جاء في بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه.
كما جاء بعد ساعات من إعلان مكتب نتنياهو في بيان تلقته "العين الإخبارية" أنه "من المقرر أن يغادر وفد برئاسة مدير جهاز الأمن العام "الشاباك" (رونين بار)، مع ممثلين عن الجيش الإسرائيلي، إلى القاهرة مساء اليوم (الخميس) لمواصلة المحادثات" حول صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
وكان وفد إسرائيلي برئاسة بار أجرى يومي الإثنين والثلاثاء محادثات مع مسؤولين أمريكيين ومصريين في القاهرة حول اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى إضافة الى الوضع على محور فيلادلفيا ومعبر رفح.
وتسود تقديرات بأن نتنياهو أدلى بأقواله الجديدة في محاولة إما للتأثير على المفاوضات من خلال الضغط أو محاولة تخريب المحادثات.
ويوجه معارضون ومحللون إسرائيليون وعائلات رهائن إسرائيليين في غزة الاتهام إلى نتنياهو بمحاولة تخريب المحادثات في مسعى لإبقاء حكومته في ظل معارضة وزير المالية بتسلئيل سموريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للاتفاق.
وقال تسفي بارئيل، المحلل في صحيفة "هآرتس": "تتم مناقشة مسألة "إغلاق" الحدود بين مصر وغزة مرة أخرى، وهذه المرة مع سيطرة إسرائيل على معبر رفح وطريق فيلادلفيا".
ومستدركا: "لكن بالمقارنة مع الوضع بين عامي 2014 و 2015، وصلت العلاقات بين مصر وإسرائيل إلى مستوى منخفض خطير، نابع أساسا من سيطرة إسرائيل على معبر رفح ورفضها السماح لممثلي السلطة الفلسطينية بإدارة الجانب الغزي منه".
وأضاف في مقال تحليلي طالعته "العين الإخبارية": "تمت مناقشة المعبر وطريق فيلادلفيا في اجتماعات عقدها أمس في القاهرة رئيس الشاباك رونين بار مع رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ومسؤولين كبار آخرين".
وأشار بارئيل إلى أن "مصر أغلقت معبر رفح في مايو/أيار عندما سيطرت عليه إسرائيل، ومنذ ذلك الحين رفضت التعاون معها في إدارته، وفي القاهرة، أعلنوا: إما معبر رفح أو لا شيء".
وقال: "موقف مصر المعلن هو أنه يجب على إسرائيل إخلاء المعبر والسماح لممثلي السلطة الفلسطينية بالعمل في جانبه الغزي".
وأضاف: "وبالنسبة للقاهرة، فإن التعاون مع إسرائيل في إدارة المعبر هو بمثابة الموافقة على الاحتلال الإسرائيلي لغزة".
ولفت بارئيل إلى أن "إسرائيل التي فشلت حتى الآن في إيجاد بديل فلسطيني متفق عليه لإدارة المعبر، اقترحت قبل بضعة أسابيع أن يقوم ممثلو السلطة الفلسطينية بتشغيله، ولكن ليس بصفة رسمية وإنما كموظفين تحت رعاية منظمات تتعامل مع المساعدات الإنسانية التي تدخل عبره".
وتابع: "تعارض السلطة الفلسطينية ذلك وتصر على أن المعبر هو أرض فلسطينية، وأنها، بصفتها المالك، لا تنوي العمل بطرق سرية أو الاختباء وراء عناوين أو تعريفات تهدف إلى إخفاء الهوية الرسمية لممثليها".
"كما أن جهود إسرائيل لتجنيد ممثلين من غزة، مثل أفراد عائلات كبيرة في غزة، بما في ذلك أولئك الذين تعاونوا في الماضي البعيد مع إسرائيل، اصطدمت أيضا بجدار من الرفض".
واعتبر أن "نية جلب شركة خاصة، ربما من الولايات المتحدة، لإدارة عملية الانتقال، ظلت حتى الآن حبرا على ورق".
ولفت بارئيل إلى أن "المخطط العملي يتحدث عن إحياء اتفاق التنقل والعبور الموقع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في عام 2005".
وقال: "ينص الاتفاق على أن يتم تشغيل المعبر من قبل مسؤولي السلطة الفلسطينية - تحت إشراف ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، بالتنسيق مع مصر وتحت إشراف إسرائيلي "عن بعد".
وأضاف: "وطرح هذا الاحتمال للنقاش قبل شهرين، وأكد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن بروكسل منحته تفويضا لدراسة هذا الحل، وهو ما تؤيده مصر أيضا".
واستدرك: "لكن بوريل أوضح أن مثل هذه الخطوة لا يمكن تنفيذها إلا عندما تتوقف الحرب، وتخضع لاتفاقيات مع السلطة الفلسطينية ومصر وإسرائيل".
«إلى حافة الهاوية»
من جهته، قال موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، مساء الخميس، في تقرير تابعته "العين الإخبارية": "تعتقد إسرائيل أن حماس في نقطة ضعف ومهتمة بوقف إطلاق النار، وبالتالي فهي تشدد مواقفها".
ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي رفيع تأكيده على أن "نتنياهو مهتم بالصفقة ويحاول تحقيق أقصى قدر من الإنجازات في المفاوضات من أجل صفقة رهائن في ضوء فهم إسرائيل أن حماس ضعيفة وبالتالي تقدم شروطا إضافية".
لكنه حذر من أن "نهج نتنياهو ينطوي على خطر" بقوله "لكن هناك خطر أن يذهب أبعد مما ينبغي وتنهار المفاوضات".
وقال الموقع الإسرائيلي: "اليوم، شدد نتنياهو مطالبه أكثر، قائلا إنه في أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار، يجب على إسرائيل الحفاظ على السيطرة على طريق فيلادلفيا على الحدود بين مصر وغزة والسيطرة على معبر رفح".
وأضاف: "يتساءل منتقدو نتنياهو عما إذا كان يريد حقا وقف إطلاق النار، على الرغم من إصراره والبيت الأبيض على استعداده للتوصل إلى اتفاق".
وتابع الموقع: "قال مسؤول إسرائيلي مشارك في المحادثات إن رئيس الوزراء يريد التوصل إلى اتفاق، لكنه مستعد لدفع المحادثات إلى حافة الهاوية".
aXA6IDE4LjIyMS4xMi42MSA= جزيرة ام اند امز