مفاوضات غزة..تفاؤل أمريكي باتفاق «متعدد المحاور» بالشرق الأوسط
تسير الولايات المتحدة بتفاؤل حذر نحو اتفاق شامل في منطقة الشرق الأوسط، ينهي الحرب في غزة، ويؤسس لمرحلة انتقالية في القطاع.
وبعد أشهر من مفاوضات لم تخترق جدار الحرب التي دخلت لتوها الشهر العاشر في قطاع غزة، يبدو أن إدارة الرئيس جو بايدن على وشك التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أن ينهي القتال ويطلق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين ويزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين اليائسين.
هذا ما طالعته "العين الإخبارية" في مقال للكاتب الأمريكي الشهير، ديفيد إغناسيوس في صحيفة "واشنطن بوست".
ونقل الكاتب عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى قوله إن "إطار العمل قد تم الاتفاق عليه"، وإن الأطراف الآن "تتفاوض على تفاصيل وكيفية التنفيذ".
وللتوصل إلى الاتفاق، يقوم مستشار الإدارة الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز بجولات مكوكية بين عواصم المنطقة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني.
ويحذر المسؤولون من أنه على الرغم من وضع إطار العمل، إلا أن الاتفاق النهائي ليس وشيكًا على الأرجح، كما أن التفاصيل معقدة وستستغرق وقتًا طويلًا للعمل عليها.
لكن إغناسيوس المعروف بقربه من دوائر صنع القرار، كتب"وإذا ما تم التوصل إلى اتفاق نهائي، فسيكون ذلك بمثابة تأكيد على دبلوماسية الرئيس بايدن الصبورة التي حاول من خلالها تحقيق التوازن بين دور أمريكا كصانع سلام في الشرق الأوسط والدعم العسكري القوي لإسرائيل".
وتابع "كما أنه سيخلق لحظة وداع محتملة للرئيس، مما يتيح له فرصة للتراجع بشرف عن سعيه لولاية ثانية أو على العكس من ذلك، لمضاعفة جهوده" في سباق البيت الأبيض.
حماس وإسرائيل تحت نيران الغضب
ومثل معظم اتفاقات السلام، فإن هذا الاتفاق سيعكس جزئياً إنهاك الطرفين من حالة الحرب. فبعد تسعة أشهر من القتال، تريد إسرائيل إراحة قواتها والاستعداد لصراعات محتملة مع إيران ووكلائها.
فيما يقال إن حماس، التي تواجه "وضعا صعبا في مخبأها تحت الأرض"، وفقاً لأحد المسؤولين الأمريكيين، "تعاني من نقص في الذخيرة والإمدادات"،بحسب الكاتب الأمريكي.
وأضاف إغناسيوس متحدثا عن حماس "كما أنها تواجه ضغطًا متزايدًا من المدنيين الفلسطينيين المنكوبين، الذين ترتفع أصواتهم بشكل متزايد للمطالبة بهدنة".
3 مراحل
وينص الاتفاق محل التفاوض، على حل الصراع على ثلاث مراحل.
الأولى
ستكون وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، تقوم حماس خلالها بإطلاق سراح 33 رهينة إسرائيلية، بما في ذلك جميع الأسرى من النساء، وجميع الرجال فوق الخمسين من العمر وجميع الجرحى.
في المقابل، ستفرج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين من سجونها وتسحب قواتها من المناطق المكتظة بالسكان باتجاه الحدود الشرقية لغزة.
وتتدفق المساعدات الإنسانية على قطاع غزة، ويتم إصلاح المستشفيات، وتبدأ الطواقم في إزالة الأنقاض.
الثانية
وكانت العقبة التي واجهت الاتفاق هي المرحلة الانتقالية (المرحلة الثانية)، حيث ستفرج حماس عن الجنود الذكور الذين لا يزالون رهائن، ويوافق الطرفان على "إنهاء دائم للأعمال العدائية" مع "انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة".
وكان كل طرف يخشى أن يستغل الطرف الآخر فترة التوقف الأولى لإعادة التسلح والعودة إلى المعركة.
كما أرادت إسرائيل التأكد من تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في منع حماس من حكم غزة مرة أخرى، وفق ما نقله إغناسيوس عن مسؤولين أمريكيين.
وجاءت الانفراجة في الآونة الأخيرة، عندما تراجعت حماس عن طلبها الحصول على ضمانة مكتوبة بشأن إنهاء دائم للقتال.
وبدلاً من ذلك، قبلت حماس اللغة المطمئنة الواردة في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي صدر الشهر الماضي والذي يؤكد على المقترح الأمريكي.
وجاء في قرار مجلس الأمن: "إذا استغرقت المفاوضات أكثر من ستة أسابيع للمرحلة الأولى، فإن وقف إطلاق النار سيستمر طالما استمرت المفاوضات"، وسيعمل الوسطاء الأمريكيون والقطريون والمصريون "على ضمان استمرار المفاوضات حتى يتم التوصل إلى جميع الاتفاقات والبدء في المرحلة الثانية".
ووفق الكاتب الأمريكي، أشارت كل من إسرائيل وحماس إلى قبولهما بخطة "الحكم الانتقالي" التي ستبدأ في المرحلة الثانية، ولن تحكم فيها حماس أو إسرائيل غزة، على أن يتم توفير الأمن من قبل قوة مدربة من قبل الولايات المتحدة ومدعومة من قبل حلفاء عرب معتدلين، يتم اختيارها من مجموعة أساسية تضم حوالي 2500 من أنصار السلطة الفلسطينية في غزة الذين سبق أن تم فحصهم من قبل إسرائيل.
وقال مسؤول أمريكي إن حماس أبلغت الوسطاء أنها "مستعدة للتخلي عن السلطة لترتيبات الحكم الانتقالي".
الثالثة
ومع توسع نطاق الأمن في غزة بعد الحرب، تتوخى خطة السلام مرحلة ثالثة، يصفها قرار مجلس الأمن بأنها "خطة إعادة إعمار متعددة السنوات".
ومع اقتراب الوسطاء الأمريكيين من وضع اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق، حصلوا على مساعدة حاسمة من شركائهم الدبلوماسيين، قطر ومصر.
وللضغط على حماس، أبلغت قطر ممثلي الحركة أنه "لا يمكنهم البقاء في الدوحة إذا رفضوا الاتفاق"، وفق إغناسيوس.
وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي برز كجهة اتصال رئيسية في المفاوضات، بياناً أمس الأربعاء أشار فيه إلى "تقدم... مع مصر" نحو خطة "ستوقف محاولات التهريب وستقطع الإمدادات المحتملة لحماس".
ترتيبات في لبنان
وحول الجبهة الشمالية مع لبنان، قال إغناسيوس "إذا تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، فإنه سيفتح الطريق أمام تغييرين رئيسيين آخرين في المشهد الشرق أوسطي - يشملان لبنان والسعودية - يمكن أن يقللا من خطر اندلاع حرب أوسع نطاقاً".
وتابع "أشار لبنان إلى أنه بعد التوصل إلى هدنة في غزة، سيؤيد حزمة تشمل انسحاب قوات حزب الله شمالاً من الحدود إلى قرب نهر الليطاني".
كما سيشمل الاتفاق أيضًا "قبول إسرائيل بتغييرات حدودية يطالب بها حزب الله منذ فترة طويلة وإجراءات أخرى لبناء الثقة لإنهاء التبادل المميت لإطلاق الصواريخ بين الجانبين".
وجرى التفاوض على إطار العمل اللبناني من قبل عاموس هوخشتاين، وهو عضو في فريق مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان.
وبدلاً من التحدث مباشرة مع "حزب الله"، المدعوم من إيران، التقى هوخشتاين مع نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، والحليف الرئيسي للحزب.
أما المكافأة الأخيرة المحتملة لوقف إطلاق النار في غزة، فهي- بحسب الكاتب الأمريكي- أن" السعودية أشارت إلى أنها مستعدة للمضي قدماً في تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
ولفت إغناسيوس إلى أن الرياض "تريد مساراً نحو إقامة دولة فلسطينية كجزء من مثل هذا الاتفاق، ولكن هذا في الوقت الراهن جسر بعيد جداً بالنسبة لإسرائيل المصدومة. وسيستغرق وضع اللمسات الأخيرة على التطبيع وقتاً وحنكة دبلوماسية".
على الصعيد الرسمي، تبدو واشنطن متفائلة لكن بحذر، إذ قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي لشبكة "سي إن إن"، أمس، إن الولايات المتحدة "متفائلة بحذر" بشأن محادثات وقف إطلاق النار في غزة، مشيرا إلى أن الفجوات بين الجانبين يمكن تضييقها.
وخلال الأيام الماضية، جرت جولات من المباحثات حول التوصل لهدنة في قطاع غزة برعاية الوسطاء مصر وقطر والولايات المتحدة، في الدوحة والقاهرة.
aXA6IDE4LjIyNC41My4yNDYg
جزيرة ام اند امز